اعتبر المستشار الألماني غيرهارد شرودر ان القرار 1441 لا يمهد تلقائياً لضرب العراق، واستبعد بت الحلف الأطلسي طلبات اميركية لمساعدة تركيا في حال اندلعت حرب، قبل جلسة مجلس الأمن اليوم. لكنه أعلن ان بلاده ستدافع عن شركائها في الحلف، وتعهد مواصلة الجهود مع فرنسا وروسيا لتحقيق حل سلمي للأزمة العراقية، فيما اكد وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر ان العراق لم ينتهك القرار 1441 "انتهاكاً كبيراً". في المقابل، تفاقمت الأزمة بين واشنطن وكل من باريسوبرلين، ودعا المستشار البارز في البنتاغون ريتشارد بيرل الى استبعاد فرنسا من عملية اتخاذ القرار داخل الحلف الأطلسي، وحمل على "النفاق الفرنسي" و"التهور". لم يترك المستشار الألماني غيرهارد شرودر أمام البرلمان الاتحادي أمس أي شك في موقفه الرافض الحرب على العراق. وأعلن في خطاب شامل حدد فيه موقف حكومته و"موقفه الشخصي" من الأزمة العراقية، دعمه المطلق الاقتراحات التي قدمتها فرنسا الى مجلس الأمن لنزع أسلحة العراق سلماً، قائلاً ان المانيا تعمل مع باريس "في اتجاه تكثيف عمليات التفتيش والرقابة وجعلها دائمة". وبعدما شدد على البيان الألماني - الفرنسي - الروسي الأخير، دعا الى "ربط الدول المجاورة للعراق بالحل وعدم استبعادها عنه"، مؤكداً ان غالبية دول أوروبا واعضاء مجلس الأمن تريد استنفاد كل فرص الحل السلمي. واثر مناقشة حامية بين ممثلي الحكومة والمعارضة، استمرت ساعات، رفضت غالبية النواب في عمليتي تصويت، مشروع قرارين قدمتهما المعارضة، الأول ينتقد نهج الحكومة إزاء أزمة العراق، والثاني يطالبها بالتخلي عن موقفها داخل مجلس الأمن الرافض لشن حرب. وعرض شرودر خطة من خمس نقاط، ركزت على ان القرار 1441 لا يقدم آلية ذاتية لإعلان الحرب، وان على العراق التعاون الكامل والنشط مع المفتشين، وتقديم صورة جلية عما يملكه من اسلحة الدمار الشامل. واظهر شرودر عدم تفهمه لماذا تتعامل الولاياتالمتحدة مع كوريا الشمالية التي "تملك على الأرجح سلاحاً ذرياً وجرثومياً في صورة مغايرة لتعاملها مع العراق الذي لا يملك بالتأكيد أي سلاح ذري ولا صواريخ حاملة" للأسلحة المحظورة. أما في ما يخص اسلحته الكيماوية والجرثومية فرأى انه يمكن منعها عن طريق المفتشين. وتابع ان "من يريد اليوم تقديم فكرة الحرب على غيرها عليه اقناع الناس بعدم وجود بديل منها"، وقال ان "الحكومة الألمانية مع فرنسا وروسيا والصين ودول اخرى عدة ليست من هذا الرأي". ودعا شرودر الى مشاركة الدول المجاورة للعراق في ايجاد حل سلمي للأزمة مع رقابة دائمة لنزع الأسلحة في المنطقة. وأ ضاف ان المانيا تعمل مع فرنسا وشركاء آخرين في شأن اقتراحات تتضمن فرض رقابة دائمة على المنشآت العسكرية، ومراقبة تجارة "السلع الخطيرة" مع جيران العراق أولاً والدول الأخرى. وحذر من اخطار هجوم عسكري على بغداد بالنسبة الى اسرائيل وكل المنطقة "المؤهلة للاشتعال"، وقال: "ان ذلك سيزيد اخطار الاعتداءات الارهابية في اسرائيل". وهاجمت رئيسة الحزب الديموقراطي المسيحي آنغيلا مركل بشدة المستشار، نافية ان تكون المعارضة تؤيد الحرب على العراق. لكنها قالت انها تدعم كل ما يمكن ان يزيد الضغط على بغداد لتفادي عمليات حربية أو عسكرية. واضافت ان الرئيس صدام حسين "لن يتراجع شبراً اذا عرف انه قادر على التصرف كما يشاء". واتهمت شرودر بعزل المانيا وإثارة حال من العداء للأميركيين. ورد وزير الخارجية يوشكا فيشر على مركل فشدد على ان العراق "لم ينتهك القرار 1441 انتهاكاً كبيراً"، داعيا المعارضة الى قول هل تريد المشاركة في الحرب. وانتقد بيانها الذي طرحته لدعم بيان الدول الثماني التي أيدت نهج الولاياتالمتحدة، ملاحظاً ان خطوتها "تهدف الى عزل فرنسا، وباريس ترى الأمر ذاته". وتساءل فيشر: "هل يشكل العراق اليوم خطراً أكبر مما كان عليه قبل سنة أو خلال حرب الخليج؟"، واضاف: "نعرف انه بفضل عمل المفتشين نواجه خطراً أقل من العراق"، مطالباً المعارضة بأن توضح "لماذا علينا مع وجود خطر أقل، وقف عمليات التفتيش والبدء بحرب على العراق"؟ وحض على ايجاد نظام دولي للرقابة وتدمير الأسلحة المحظورة. واتهم رئيس الحزب الليبرالي غيدو فيسترفيلله المستشار ب"ارتكاب اخطاء كبيرة في نهجه إزاء العراق"، قائلاً ان "الديكتاتوريين لا ينزعون أسلحتهم استناداً الى كلمات لطيفة، وانما تحت الضغط". وزاد ان شرودر "دمر المانيا اقتصادياً ويعمل الآن لتدميرها سياسياً". ورفض وزير الدفاع بيتر شتروك انتقادات الولاياتالمتحدة لبلاده قائلاً ان المانيا تشارك اكثر من غيرها في مكافحة الارهاب في افغانستان وخارجها، متهماً واشنطن ب"التراجع عن محاربة الارهاب". وتابع انه أبلغ نظيره الاميركي دونالد رامسفيلد رفضه تصريحاته الأخيرة ضد حكومته. وعن المساعدة العسكرية لتركيا من الحلف الأطلسي، كرر شتروك ما قاله شرودر من ان الحلف سيتخذ قراراً في هذا الصدد غداً السبت، لافتاً الى ان بلاده وفرنسا وبلجيكا "لا ترى من الملائم صدور قرار قبل اجتماع مجلس الأمن" اليوم. تطمينات فرنسية لتركيا وطمأنت فرنساتركيا ليل الأربعاء الى انها ستساعدها في الدفاع عن نفسها، اذا اندلعت حرب على العراق، على رغم منع باريس الحلف الاطلسي من وضع خطط للدفاع عن تركيا. وقالت الناطقة باسم الرئيس جاك شيراك انه اتصل هاتفياً بنظيره التركي احمد نجدت سيزر، ووعده بالدعم والحماية في حال نشوب حرب، وطمأنه الى "تضامن فرنسا الكامل"، مؤكداً انها "ستفي بالتزاماتها اذا تعرضت تركيا لتهديد". وذكرت ان سيزر ابلغ شيراك الذي اكد مرات ان العمل العسكري ضد العراق يجب ان يكون "الملاذ الأخير"، انه يؤيد ايضاً الحل السلمي للأزمة. وكان السفير الألماني في واشنطن ولفغانغ ايشينغر دعا الولاياتالمتحدة الى اخذ الاقتراحات التي قدمها الأوروبيون لنزع سلاح العراق بجدية. وقال في كلمة ألقاها أمام غرفة التجارة الاميركية في برلين انه "ينصح" اميركا بأخذ الاعلان "الفرنسي - الألماني - الروسي" الخاص بالعراق بجدية، وزاد: "على واشنطن ان تستغل الفرصة التي يؤمنها هذا الاعلان من اجل تجاوز الخلافات بين دول الاطلسي". وحض حكومة الرئيس جورج بوش على عدم اعتبار القمة الأوروبية الاستثنائية التي يفترض ان تعقد الاثنين في بروكسيل "اعلان حرب من أوروبا تجاه الولاياتالمتحدة، بل فرصة لتسوية التباينات". وكانت باريسوبرلين وموسكو تبنت الاثنين الماضي اعلاناً مشتركاً دعت فيه الى تعزيز عمليات التفتيش في العراق، وأعلنت الصين انها تدعم هذه المبادرة. من "أفسد الفرنسيين"؟ في واشنطن، اعتبر المستشار البارز في البنتاغون ريتشارد بيرل ان على الحلف الاطلسي ان ينظر بجدية في استبعاد فرنسا من عملية القرار داخله، متهماً باريس بالسعي الى تطبيق سياسة تهدف الى تقليص النفوذ الاميركي في أوروبا والعالم. وقال بيرل أمام صحافيين في واشنطن: "أعتقد ان السياسة الفرنسية تهدف الى تقليص النفوذ الاميركي في أوروبا وحتى في العالم"، معتبراً ان ذلك يجب ان يدفع واشنطن الى معاودة النظر في علاقاتها في أوروبا. ورأى ان استمرار واشنطن في اقامة العلاقات ذاتها التي كانت تقيمها ايام الحرب الباردة، كما لو ان الوضع لا يزال على حاله "أفسد الفرنسيين". ورأى ان وضع فرنسا متناقض، فهي "غير مندمجة تماماً في الحلف الاطلسي، لكنها تتمتع بحق التعبير في شأن اعمال الحلف" ومواقفه. وكانت فرنساوالمانيا وبلجيكا استخدمت الاثنين الماضي "الفيتو" ضد مطالب اميركية بتأمين الحماية لتركيا تحسباً لاندلاع حرب على العراق. واعتمد بيرل لهجة أخف حيال المانيا قائلاً ان "المستشار الحالي سيذهب، واعتقد ان المانيا ستعود الى وضعها الطبيعي، أي انها ستعترف بأهمية الرابط مع الولاياتالمتحدة". واستدرك ان "الأمر مختلف جداً مع فرنسا المتمسكة بسياسة مواجهة النفوذ الاميركي. على المدى الطويل سنواجه مشكلة مع الفرنسيين اخطر منها مع الألمان، والآن، سيفعل البلجيكيون كل ما يقوله لهم الفرنسيون. الألمان في الوضع الحالي لأسباب سياسية، أما فرنسا فهي المتهورة". وانتقد بيرل "النفاق الفرنسي" في القضية العراقية، في حوار نظمته "هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي مع النائب الفرنسي جاك ميار. الذي اعتبر ان الاميركيين "خبراء" في التلاعب. وقال بيرل ان "النفاق الفرنسي مدهش فعلاً. خلال المفاوضات على القرار 1441 سعت فرنسا الى اضعاف نظام التفتيش والآن تريد ان تقنعنا بأنها تريد تعزيز عمليات التفتيش". وتابع ساخراً: "إذا كانت فرنسا لا تشعر بأنها مهددة كبعضنا، فذلك قد يكون بسببب علاقاتها الودية مع العراق". ورد النائب الفرنسي قائلاً: "تتحدثون عن نفاق وانتم الذين سلحتم العراق عندما هاجم ايران. انتم البلد الذي يشتري المقدار الأكبر من النفط العراقي، حاولتم التلاعب بالكثير من الأمور، انتم خبراء بذلك".