يعتبر الشكل الخارجي للشاب أو الفتاة مهماً جداً، لأنّه يعطي صورة عن المحتوى الداخلي لشخصية كلّ منهما، فاللباس الجميل يعتبر مكملاً للروح الجميلة، والأخلاق الحميدة والعقل والسلوك الحسن، وبالتالي يضفي جمالاً آخر على تلك الصفات. وعلى رغم اعتراف الجميع بأن جوهر الإنسان وعلمه ومنطقه وأخلاقه أهم بكثير من الجمال الخارجي، إلا أننا نلاحظ الإقبال الشديد على ما تضمّه أسواق الموضة وأجهزة التفنن بالصرعات. وإن كان الاهتمام من الفتيات أكثر لاعتبار ان الزي جزء من جمال المرأة، فإن للشبان أيضاً حصة كبيرة من هذه الموضة. وتعتبر الأزياء من الأمور المهمة التي تعبّر عن الشخصية وعن الهوية، إلا أن الموضة باتت اليوم من الأمور الأهم في حياة الشباب والشابات وتلعب دور النموذج الذي يقارنون بموجبه ما يلبسون وما يطرح من جديد في الأسواق، في عملية دائمة لا تنتهي، فلا تتوقف طلباتهم. وفي رأيهم أن لا بد لهم من اللحاق بالموضة بغض النظر إن كانت الأزياء المطروحة تتناسب مع أشكالهم أم لا. وتلعب وسائل الإعلام في شكل عام والمرئية منها في شكل خاص دوراً بارزاً في هذا الإطار، وتعتبر اللاعب الأبرز في عملية الإقبال "المَرَضِيِّ" على شراء الملابس واستبدالها. وأصبحت الموضة معياراً أساسياً في حياة هؤلاء الشباب، وكأنها تمثل الشخصية كلّها وليس جزءاً منها فقط، لدرجة أن التغزّل بالفتاة بات يعني التغزّل بملابسها لا بخصائصها الجمالية والأخلاقية، وبدورها الفتاة باتت تعتبر من لا يبدي رأيه بملابسها dژmodژ متخلفاً بما يعنى بالموضة. وقد تعتبر المبالغة أو التهالك على الموضات والصرعات والتركيز على الشكل الخارجي، مرحلة مرتبطة بعمر المراهقة. وهي بالأساس عادة غير مضرّة في شكل عام، ولكن لا بدّ من التنبيه إلى بعض النقاط التي يفضّل العمل على الحؤول دون أن نقع في متاهاتها: 1- من الضروري جداً العمل على عدم الوقوع بالتقليد الأعمى نقلاً عما نشاهده في وسائل الاعلام، لأن السعي الدائم إلى التشبّه بالغير عبر اعتماد أزيائهم يضعنا في مواجهة خطورة التقليد الذي يتخطى الأزياء المستوردة الى مناحٍ كثيرة كالثقافة، والأخلاق والسلوكية. 2- وأيضاً تواجهنا في الموضة النزعة الاستهلاكية المتمثلة بالبذخ والإسراف، فالموضة تختلف من موسم إلى آخر وتظهر عشرات التصاميم والألوان والأشكال، ما يثقل كواهل الأهل مالياً. ومن الخطورة بمكان أننا أصبحنا نرى أن الفتاة تخجل من ارتداء الملابس نفسها مرتين في مناسبتين مختلفتين، أو أنّها تضطر الى استعارة ثياب شقيقتها أو ابنة خالتها أو جارتها حتى لا يقال عنها أنّها لا تمتلك سوى تلك الثياب. 3- إنّ مسايرة الموضة ومجاراة الصرعات ليست دليلاً أو شرطاً من شروط الدخول إلى العصر أو عالم الحداثة، وقد تكون الأزياء العصرية مظهراً من مظاهر التمدّن. ولكن يجب ألا ينصبّ اهتمامنا على اقتباس المظاهر الخارجية للتمدن والحضارة فقط من دون التعمّق في علمها وإبداعها ووسائلها الحديثة ومؤسساتها الثقافية. 4- أما تقليد المشاهير والنجوم في السينما والمسرح والطرب في أزيائهم وما يبتدعون من موضات، فهو اعتراف ضمني بأنهم أهل للقدوة، وهم ليسوا كذلك... فحياتهم الخاصّة مختلفة كلياً عن حياتنا ومن ثم ان عملية تقليدهم متعبة، فالفنان أو المطرب أو الممثل له دخله الممتاز الذي يمكنه من ارتداء كل يوم عشرات الأثواب المختلفة. والخلاصة ما عليكم سوى أن تكونوا أنفسكم، فلا تتورطوا بما لا يليق بكم. ولا تنسوا أن الجمال نسبي وما يستجمله واحد يستقبحه آخر. ولا تدعوا الموضة تأسركم وتحوّلكم إلى عبيد لا يتحركون إلاّ بما تمليه عليهم، هي ومن يقف وراءها من قوى اقتصادية وحتى ثقافية وإعلامية.