انتقد نواب كويتيون أمس مشروع الحكومة لاجراء تعديلات على مناهج التعليم في المدارس والجامعات لاستبعاد ما وصفه مسؤول في وزارة التربية بأنه "يدعو إلى العنف والفتنة"، وقالوا إن هذا التوجه الحكومي جاء بعد "ضغوط وابتزازات غربية"، ورفضوا "تسييس التعليم"، وسألوا: "هل مناهجنا كانت تخرج متطرفين في السنوات الثلاثين الماضية حتى نعدلها الآن؟". وتحدث أعضاء مجلس الأمة البرلمان الكويتي أمس في جلسة استمرت خمس ساعات عن أوضاع التعليم ومشاكل المدارس الحكومية والكليات العليا، وتناول الكثير منهم بالتعليق - وخصوصاً الإسلاميين - الكراس الذي قدمته وزارة التربية أول من أمس حول خطة تعديل مناهج التربية الإسلامية واللغة العربية والتاريخ، وازالة ما يساعد منها على تأسيس الفكر المتطرف في عقول الطلبة. وقال النائب خالد العدوة: "لا نقبل الأمركة ولا التغريب، وصحيح اننا أمة مهزومة الآن، ولكن لن ننسلخ من جلودنا". وتابع: "مناهجنا عربية إسلامية ومن لا يعجبه ذلك فليرحل إلى جزيرة نائية". وطالب النائب حسن جوهر ب"عدم الخضوع لابتزازات وتهديدات خارجية، وعدم إلغاء قيم فكرية وعقائدية بسبب تأثيرات خارجية". وحذر النائب عبدالله عكاش وزير التربية والمسؤولين في الوزارة من "المساس بالمناهج، خصوصاً التربية الإسلامية"، فيما رفض النائب فهد الخنة "تولي مستشارين علمانيين المسؤولية عن مناهجنا". واعتبر النائب محمد البصيري أن تعديل المناهج "ادخال للسياسة على التعليم"، وسأل: "هل كانت مناهجنا خلال 30 سنة مضت تخرج متطرفين وإرهابيين؟ اتهام مناهجنا بتفريخ الإرهاب مرفوض". وعلى رغم غلبة المتحفظين عن التعديل، فإن نواباً أيدوا تعديل المناهج، وقال النائب عبدالوهاب الهارون إن "تعديل المناهج أمر مطلوب لإدخال مستجدات التكنولوجيا ويجب ألا نخشى تطوير المناهج"، في حين قال النائب جمال العمر إنه "إذا كان التطرف والإرهاب موجودان في بعض مواد المناهج فيجب أن تحذف". وتقدم نواب عند نهاية الجلسة بمجموعة من التوصيات لم يكن ممكناً التصويت عليها لافتقاد النصاب. وقال رئيس المجلس جاسم الخرافي إن التصويت على التوصيات سيكون في الجلسة المقبلة في 12 كانون الثاني يناير، وقرر احالة البيان الحكومي حول تعديل المناهج إلى اللجنة البرلمانية للشؤون التعليمية، بما في ذلك الكراس الخاص باقتراحات التعديل في المواد الدينية والاجتماعية، على أن ترفع اللجنة تقريراً برأيها في المشروع الحكومي. وكانت وزارة التربية شكلت قبل شهور لجاناً لمراجعة ورصد مناهج التربية الإسلامية واللغة العربية والتاريخ والمواد الاجتماعية الأخرى، في ضوء الحديث دولياً عن علاقة محتملة بين بعض ما تطرحه مناهج التعليم في العالم العربي بأعمال العنف التي تقوم بها جماعات إسلامية. وكشف وكيل وزارة التربية الدكتور حمود السعدون خلال حديثه للنواب أول من أمس عن أن مصطلحات مثل "الجهاد" وعلاقة المسلمين بأصحاب الأديان الأخرى كانت ضمن العناصر التي اهتمت بها لجان المراجعة، لكنه قال أيضاً إنه لم يتم رصد حالات محددة كانت فيها المواد التربوية محتوية ما يمكن أن يكون تحريضاً على التطرف. ويعتبر مسؤولون في الحكومة ان خطط تطوير المناهج أُسيء فهمها من بعض النواب، ولا يستبعدون في الوقت نفسه عدم مناسبة بعض المفاهيم الموجودة في المناهج مع الواقع السياسي الدولي. وقال سامي النصف، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، ل"الحياة" أمس إن تطوير المناهج يهدف إلى "إعداد الإنسان والشاب الكويتي لمرحلة العولمة وبيئة التنافس الاقتصادي والعلمي التي يشهدها العالم الآن". وأضاف: "إذا توافقت حاجتنا لمراجعة المناهج وتطويرها مع توجهات دولية لتعديل هذه المناهج، فما المشكلة إذن؟ وأنا لم أسمع بأي رسالة أو أي صورة من صور الضغط تعرضت لها الكويت لتغيير المناهج". ويرى النصف عدم ارتباط الإرهاب بدين أو فكر محدد، وقال: "في السبعينات وقعت هجمات وخطف طائرات وأعمال إرهابية كثيرة لم يكن للإسلاميين دخل بها". وأضاف: "ربما لدينا في مناهجنا قراءات خاطئة للتاريخ أو تضخيم غير واقعي للذات وتميزنا كأمة عن باقي الأمم، ما يساعد على نمو الفكر المتطرف والتعصب وكراهية الآخرين".