يقول مثل اسباني: "تتنقل الازمات الى الامام والى الوراء في "بوينتي اويريو"، اي القطار الذي يربط بين مدريدوبرشلونة. ما يعني ان الازمة تلازم المدينة التي يخسر فريقها الدربي المحلي لكرة القدم بين برشلونة وريال مدريد. هكذا، ترجم معنى الازمة ببساطة، لكن لا يخفى ان الصراع الثنائي انتهى بابتعاد النادي الكاتالوني عن الصراعات التي جعلت منه سابقاً قوة قارية مؤثرة. قبل اكثر من اسبوعين، خسر برشلونة على ارضه امام ريال مدريد للمرة الاولى منذ 20 عاماً، ما جعله يقبع في منتصف اللائحة حيث سينحصر طموحه للموسم الثالث على التوالي في احتلال المركز الرابع والتأهل لدوري ابطال اوروبا الذي غاب عنه هذا الموسم. ويشكل ذلك بالتأكيد السيناريو الأسوأ له، بإعتبار ان عملية الانقاذ بدأت منذ الصيف بتولي شاب ديناميكي هو خوان لابورتا منصب الرئيس، وتعيين الهولندي فرانك راييكارد في منصب المدرب الخامس في غضون اربع سنوات. وعلى رغم ان الفرق الكبيرة كلها تتعرض لغفوات عميقة احياناً تفرض غيابها عن البطولات والاضواء على غرار ليفربول الانكليزي وانتر ميلان الايطالي وسواهما، لكن الامر غير عادي بالنسبة الى برشلونة، اذ احتل منذ فوزه بلقب البطولة المحلية عام 1999 المراكز الثاني والرابع مرتين والسادس على التوالي في المواسم التالية، وتأهل مرة واحدة الى نصف نهائي دوري الابطال. وزاد وقع الاخفاقات نجاحات غريمه التقليدي ريال مدريد بفضل منهجية ضم نجم عالمي كل موسم، ما يحافظ على توازن الفريق وتجانس خطوطه من دون اي اضطرابات. في المقابل، اعتبرت سياسة برشلونة فاشلة في شراء اللاعبين منذ صيف عام 2000 بتكلفة بلغت 320 مليون دولار، اي اضعاف ما صرفته اندية ذاقت مرارة الافلاس والفشل في الفترة ذاتها، وأهمها فيورنتينا الايطالي وليدز الانكليزي. صفقات ضبابية وغلفت الضبابية عدداً كبيراً من الصفقات ومن بينها انضمام الارجنتيني خافيير سافيولا من ريفر بلايت صيف 2001 في مقابل 30 مليون دولار، يعتقد ان 8 ملايين منها حصل عليها سماسرة ووكلاء وايضاً اعضاء في ادارة النادي. ولم تتوقف المشكلات على سوء الادارة المالية وربما الفساد في ظل اخذ المصارف المحلية على عاتقها مهمة معالجة ديون النادي وتخفيف عبئها وترتيب اساليب تسديدها. وامتدت المشكلات الى نوعية اللاعبين الجدد، اذ ان صاحب اكبر صفقة في تاريخ برشلونة ومقدارها 35 مليون دولار الهولندي مارك اوفرمارس لم يحقق النجاح المنشود، وخاض أقل من نصف مباريات الفريق خلال فترة وجوده في صفوفه من دون ان يبرز فيها. وبرز أيضاً بين الفاشلين المدافع الفرنسي فيليب كريستنفال الذي كلف النادي 16 مليون دولار قبل عامين، ثم انتقل على سبيل الاعارة الى مرسيليا، وايضاً البرازيلي جيوفاني الذي كلف 24 مليون دولار في الفترة ذاتها وانتقل بعدذاك الى بنفيكا البرتغال. كما اعير فابيو روتشمباك بعد شرائه ب16 مليون دولار الى سبورتنغ لشبونةالبرتغالي... وعود كثيرة لكن منذ ان تسلم لابورتا رئاسة النادي فإنه وعد بالكثير، ونجح في خطف البرازيلي رونالدينيو من بين أنياب مانشستر يونايتد، واثبت حتى الآن نجاح اضافته الى فريق تائه ومتواضع وضعيف. ورونالدينيو كان احد ستة لاعبين جدد ضمهم لابورتا هذا الموسم لم يشارك منهم الا اثنين في الدربي المحلي امام ريال مدريد، ما عكس نظرية التصادم بينه وبين المدرب حيث يحدد الرئيس خيارات الشراء. الاكيد ان راييكارد لم يقع في هوى اللاعبين الجدد خصوصاً مواطنه جيوفاني فان برونكهورست الذي يدافع عن ألوان الفريق على سبيل الاعارة، والحارس التركي رستم ريكيبير الذي اختير ثاني افضل حارس مرمى في المونديال السابق، وقائد منتخب المكسيك رافاييل ماركيز، فضلاً عن الصداع الذي يتسبب به نجوم الفريق اصحاب الخبرة على غرار باتريك كلويفرت الذي يخوض عامه السادس معه ويتذبذب اداؤه موسماً بعد موسم، والذي لم يخفِ رغبته في الرحيل في اقرب فرصة. في حين زال بريق القائد لويس انريكه. ولكن بارقة الامل الوحيدة تجسدت في المدافع الارجنتيني كارلوس بيول الذي قاوم برشلونة كل المغريات لابقائه داخل اسوار "نو كامب". نفسيات منهارة ولخص راييكارد مشكلات فريقه بالقول: "نفتقد الشفافية والتصميم والموهبة في الفريق، وكذلك الرغبة في الفوز وتحقيق الانتصارات... ويوجد لاعبون امضوا وقتاً هنا من دون تحقيق اي لقب او الفوز بشيء، فعندما تواجههم مشكلة يصبحون سلبيين وينهارون بسهولة". ولكن راييكارد نفسه، ومنذ تعيينه مدرباً للفريق مطلع الصيف الماضي، تعرض لانتقادات لاذعة بسبب اسلوب لعبه السلبي والدفاعي وادارته العقيمة، حتى انه نعت ب"الجبان" في احدى الصحف المحلية...الا ان عدداً من قراراته كان شجاعاً على غرار ابعاد كلويفرت من التشكيلة الاساسية في عدد من المباريات وكذلك انريكه الذي يعد قلب الفريق النابض داخل الملعب وخارجه. وعموماً، عرف راييكارد الذي تألق خلال مسيرته لاعباً مع اياكس امستردام الهولندي وميلان الايطالي ومنتخب بلاده نجاحات متفاوتة كمدرب، فبعدما قاد منتخب بلاده الى نصف نهائي كأس الامم الاوروبية عام 2000، فشل مع فيينورد روتردام في مقارعة كبار الدوري الهولندي، لكنه قال: "اعلم ان مهمة تدريب برشلونة ستكون صعبة لأن بناء فريق جديد يحتاج الى وقت طويل". ولكن هل سيمنحه النادي الكاتالوني الوقت الكافي الذي ينشده؟