النساء العربيات ضعيفات و"نعنوعات"؟ كلا على الاطلاق، انهن يقتحمن أعلى الجبال. هذا ما برهنته مغامرة خمس سيدات عربيات هن: نورا وليد جنبلاط، وعائدة سعود شواف وابنتها لارا برازي، وصفا سعيدي زوجة الوزير اللبناني السابق ناصر سعيدي، وهبا علم الدين... فعلى مدى سبعة أيام عملن على تسلق جبل كيليمانجارو الافريقي الذي يبلغ ارتفاعه ستة آلاف متر وبلغن قمته الأعلى. تسلق الجبال هو هواية مزمنة لمجموعة الخمس، وكنّ بدأن بالنيبال حيث تسلقن الى قمتي كاتماندو وانابورنا ارتفاعهما من 4 الى 5 آلاف متر، لكن قمة كيليمانجارو اتسمت لديهن بصعوبة خاصة كونها أعلى من السابقتين. تروي نورا جنبلاط ان أصعب ما واجهنه في تسلق قمة كيليمانجارو كان انخفاض نسبة الاوكسيجين الى النصف تقريباً على ارتفاع 6 الاف متر عن سطح البحر، كذلك درجة الحرارة المتدنية والجليد الذي يغطي الجبل خصوصاً حين يتسلقن ليلاً. لكن السيدات الخمس خرجن من التجربة بانطباع واحد: مهابة هذا الجبل، كيليمانجارو، فهو بركان منطفئ ويتكون من خمسة مواقع مختلفة. الأول أراض زراعية، والثاني غابات شديدة الكثافة على علو 1800 متر وتوجد فيها قردة، الثالث على علو 3 آلاف متر تكسوه الغيوم والضباب، الرابع يتسم بصفاء جوه وأشجاره العملاقة على علو 3800 متر، والخامس أشبه بصحراء على علو 4500 متر لا ينبت فيها شيئ بسبب انخفاض الحرارة والجليد. اما القمة فهي قمة اوهورد الواقعة على علو 6 آلاف متر فمناخها قطبي وكأن جليدها أبدي. بدأت مجموعة النساء الخمس التسلق، عبر طريق ماكام، من ضمن مجموعة من المتسلقين الأفارقة الذين يعرفون الجبل جيداً. ست أو سبع ساعات يومياً يليها توقف للأكل والنوم، الجميع يأكل في خيمة واحدة مزودة بمائدة وبجانبها خيمة هي كناية عن حمام، لكن المتسلقين محرومون من الاستحمام طوال أيام التسلق السبعة. استعانت السيدات في بعض الأحيان بهاتف نقال تنزاني للاتصال بعائلاتهن، وكان الهاتف يشتغل أحياناً ويتوقف أحياناً أخرى. وتلاحظ نورا زوجة الزعيم السياسي اللبناني وليد جنبلاط انها وزميلاتها اكتسبن خبرة كبيرة "فهي خبرة تعلم الانسان ان بإمكانه الذهاب بعيداً جداً بفضل ارادته، وصولاً الى أعلى قمم الجبال". وتقول انها وزميلاتها الخمس خضن تمريناً جسدياً وفكرياً يجعل من تقوم به مرغمة على دفع قدراتها الى أقصى الحدود. توجب على السيدات ان يركزن اهتمامهن على الاعراض الصحية التي تطرأ من جراء الوجود في امكنة على هذا الارتفاع كمكافحة الغثيان والصداع المرفق بتخوف من التعرض لجلطة. وتروي جنبلاط ان الأكثر صعوبة كان تسلق القمة، التي بدأن بالصعود اليها بعد منتصف الليل، عبر طريق جليدية صعبة ووعرة وفي درجة حرارة تبلغ 15 تحت الصفر. تقول انهن استخدمن أضواء كاشفة توضع على الرأس لمواكبة مرشديهم الأفارقة، وواجهن احياناً صعوبة بالتنفس. والتقين خلال صعودهن بسيدة كانت في مجموعة اولى سبقتهن الى الصعود، وكانت تشعر بحاجة ماسة الى النوم، ما أثار قلقهن خصوصاً ان تلك السيدة قررت وقف التسلق بل بلغ بها الضيق حد تمني الموت. لكنها تمكنت بمعاونة المرشدين وزوجها الذي رافقها، من مواصلة التسلق وبلغت القمة. ومع بزوغ الفجر وصلت المجموعة الى نقطة ستيلا ثم تابعت الصعود وصولاً الى فوهة البركان في نقطة اورهو على علو 5895 متر، ويكسوها الجليد. وكانت جنبلاط وشواف وبرازي أولى الواصلات وتبعتهن سعيدي وعلم الدين، ووقعن جميعاً على "كتاب الشرف" الموجود على القمة والتقطن الصور التذكارية... ثم بدأن رحلة العودة.