هاتفت أبو عمار في المقاطعة وقلت له انني تأخرت عليه بسبب السفر، غير أنني أريد أن أقول له "كل عام وأنت بخير" في مناسبة عيد الفطر، وان أحقق سبقاً صحافياً وأقول له "كل عام وأنت بخير" في مناسبة عيد الأضحى. ورد أبو عمار على التهنئة بمثلها، وقال انه يريد ان يعايد الفلسطينيين والعرب المسيحيين أيضاً ثلاث مرات في مناسبة عيد الميلاد. وسألته لماذا ثلاث مرات، وقال انه يهنئ بالعيد الكاثوليك والأرثوذوكس والأرمن واللاتين والبروتستانت و... المؤسف ان الرئيس عرفات لن يستطيع أن يحضر صلاة عيد الميلاد في بيت لحم لأن حكومة شارون تمنعه. كان صوت الرئيس الفلسطيني واضحاً قوياً، وأكد ان صحته بخير، والمعنويات عالية، والصمود مستمر. وأكمل بأخبار أخرى: آرييل شارون يهدد الفلسطينيين بخطوات أحادية خلال أشهر إذا لم يمضوا في السلام على طريقته. مجرم الحرب المسن يريد ان يعقد سلاماً مع نفسه، وهو يقول انه لا يزال يؤيد خريطة السلام، إلا انه يبني جداراً داخل أراضي الفلسطينيين، بما يستحيل معه السير في هذه الخريطة، ثم يقول ان على الفلسطينيين منع "الارهاب"، وهو دمر أجهزة الأمن الفلسطينية أو كاد، بما يمنع نجاح أي جهد فلسطيني للسيطرة على الوضع الأمني. ادارة بوش نفسها ضاقت ذرعاً بشارون. فقبل أن يلقي خطابه، سرب مسؤولون فيها للصحف الاسرائيلية، انهم يريدون أفعالاً لا أقوالاً، وبعد الخطاب أعلنت الإدارة رسمياً انها تعارض أي خطوات أحادية. غير ان شارون خبيث بقدر ما هو سفاح، وقد سجلت له عبارة "خلال أشهر"، ما يعني الاقتراب أكثر وأكثر من انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل عندما يصبح ضغط جورج بوش عليه صعباً الى مستحيل. ومن مجرم حرب الى آخر، ففي مؤتمر ليكود في هرتزليا حذر بنيامين نتانياهو من خطر ديموغرافي على اسرائيل، وقال انه إذا بلغ العرب الفلسطينيون من 1948 في اسرائيل 40 في المئة فستنتهي اسرائيل. نتانياهو يكذب كما يتنفس، فالكذب صفته الأولى، وان لم تكن أحقر صفاته، ولن أرد عليه بشيء، لأن هناك اسرائيليين آخرين ردوا عليه بما يفحمه. والبروفسور دوف فريدلاند، من الجامعة العبرية، وهو خبير ديموغرافيا معروف، قال حرفياً: "ان ما قال نتانياهو شرير. هو زيف الحقائق عمداً". أما البروفسور ديفيد نيومان، من جامعة بن غوريون، فقال ان نسبة الفلسطينيين الى اليهود في اسرائيل كانت باستمرار تقريباً 20 الى 80، وستمضي عقود كثيرة قبل أن تتحقق مساواة ديموغرافية بين الشعبين. وقال البروفسور ارنون صوفير ان أكثر الأرقام مبالغة عن عدد العرب سيجعل نسبة اليهود في اسرائيل 73 في المئة، وهي نسبة مطلقة، وان أكثرها تحفظاً سيجعلها 84 في المئة. وأعلن المكتب المركزي للاحصاء ان الفلسطينيين في اسرائيل 19 في المئة، وانه يتوقع ان يبلغوا 21 في المئة سنة 2020. ومن فمك تدان يا نتانياهو. الحديث عن الدجالين من نوع شارون ونتانياهو لا يلغي وجود مشكلات فلسطينية - فلسطينية يتحمل الفلسطينيون وحدهم المسؤولية عنها. وقد نقلت مرة بعد مرة موقف المقاومة الإسلامية من الهدنة وتفويض السلطة الوطنية، ومسؤولية القرار، وأريد اليوم أن أعرض أفكار الفريق الآخر. حدثني اخوان في السلطة الوطنية وحولها ان حرب المقاومة الاسلامية هي على هذه السلطة وليست على اسرائيل، فالمقاومة الإسلامية تعرف انها لن تستطيع ان تحرر فلسطين بالسلاح، ومع ذلك فهي تصر على أن تستخدم أضعف سلاح فلسطيني ضد أقوى سلاح اسرائيلي. والنتيجة ان آرييل شارون يجد العذر للاستمرار في بناء الجدار الأمني، ولمواصلة الاغتيالات والتدمير. وكان الفلسطينيون عند حد الفقر وأصبحوا الآن عند حد الجوع. إذا انهارت السلطة، كما تريد المقاومة الإسلامية، فلن يبقى شيء في البلد، والنتائج واضحة منذ الآن، فليست هناك سلطة مركزية، وانما ميليشيات تحكم مختلف المناطق. وقد بلغ عدد القتلى بين الفلسطينيين في نابلس وحدها 22 شخصاً في الأسابيع الأخيرة فقط. المطلوب هو أن يوافق الاخوان في المقاومة الإسلامية على مبدأ الهدنة من دون تحديد وقت، وأن يتركوا للسلطة الوطنية ولمصر التفاوض مقابل شروط واضحة ومحددة لتجنب تجربة الهدنة الماضية، فإسرائيل ستطالب بضمانات من نوع وقف الاغتيالات والاجتياحات واطلاق الأسرى، وغير ذلك من طلبات معروفة. وإذا وافقت اسرائيل تكون هدنة، وإذا لم توافق يعود كل فريق الى خندقه. يقول الاخوان من السلطة ان الهدنة يجب ألا تكون "عقدة". فهناك هدنة، معلنة أو عملية، بين حزب الله واسرائيل، وبين سورية واسرائيل، وبين الاخوان المسلمين والحكومة المصرية. وايران قدمت تنازلات وتراجعت، والمهم في العمل الفلسطيني أن يكون بهدف تحرير الأرض لا الانتقام، فالفصائل الإسلامية أثبتت قدرتها على الانتقام، ولا تحتاج الى إثبات ذلك من جديد. لن أزيد من عندي سوى ان الوضع الفلسطيني صعب جداً، إذا اتفق الفلسطينيون، فكيف إذا اختلفوا. أرجو من الجميع التعاون مع الوساطة المصرية، فمصر هي الأساس في كل عمل عربي، ولن تضيع الفلسطينيين أو قضيتهم.