اكتسبت قضية الحجاب في فرنسا وقرار الرئيس جاك شيراك اصدار قانون لصون العلمانية في مؤسسات التعليم والادارات العامة، بعداً دولياً في ضوء "القلق" الذي أبدته الادارة الاميركية على الحريات الدينية في فرنسا نتيجة هذا القرار. وأكد المسؤول عن الحريات الدينية في الخارجية الأميركية جون هانفورد ان حظر المظاهر الدينية في فرنسا "يشكل مصدر قلق مهم" للولايات المتحدة التي "تعتزم متابعة الموضوع باهتمام". وقال مانفورد في مؤتمر صحافي تلا خلاله التقرير السنوي حول الحريات الدينية في العالم، ان الولاياتالمتحدة ترى ان الحجاب وسواه من المظاهر الدينية ينبغي ان يكون متاحاً، طالما انه لا يعبر عن رغبة "بالاستفزاز" او "الترهيب". واضاف ان شيراك حرص "على صون مبدأ العلمانية في فرنسا وقال انه غير قابل للتفاوض، ونأمل في أن تكون الحريات الدينية بدورها غير قابلة للتفاوض". ورفضت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية سيسيل بوزو دي بورغو التعليق على هذا الكلام الاميركي، في ردة فعل متوقعة مردها حرص فرنسا على ابقاء علاقاتها مع الولاياتالمتحدة في اطار من الحوار البناء، بدلاً من الجدل العقيم. واكتفت دي بورغو بالقول: "اعتقد ان سفارتنا في الولاياتالمتحدة ستتولى الرد على ما يوجه اليها من اسئلة في هذا الشأن". وذكرت مصادر مطلعة انها المرة الأولى التي يرد فيها اسم فرنسا ضمن التقرير الاميركي السنوي من زاوية الحريات الدينية". ويمثل كلام هانفورد، تدخلاً متعمداً في قضية داخلية فرنسية بالغة الحساسية والتعقيد، ويظهر ان المساعي والجهود التي قامت بها فرنسا لم تنجح بعد في اعادة العلاقات الثنائية الى الوضع الطبيعي الذي كانت عليه قبل تصادمهما بسبب العراق. ...وموقف بريطاني قريب من الاميركي وتزامن ذلك مع تصريح ادلت به وزيرة الدولة البريطانية فيونا ماكتاغارت التي لم تسم فرنسا بالاسم، بل قالت: "ان الجدل حول دور الايمان في المجتمع العلماني، عرفناه منذ مدة بعيدة، ونجحنا في ان نجد ضمن ثقافتنا سبيلاً لاحياء التنوع بعيداً عن الجدل". واضافت ان "بريطانيا فخورة بتقاليدها في مجال حرية التعبير والدين" وانه في وسع "المرأة ان ترتدي الحجاب من دون اي مشكلة في الاماكن العامة او في المدرسة". ومن المقرر ان تشهد باريس غداً الاحد تظاهرة "للدفاع عن خيار الراغبات في الحجاب". ووصف منظمو التظاهرة وهم في غالبيتهم طالبات في احدى ثانويات الضاحية الفرنسية القانون المرتقب في شأن حظر المظاهر الدينية في مؤسسات التعليم العام، بأنه من "القوانين الاستثنائية". وكانت المحامية الايرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام شيرين عبادي التي تزور باريس، ابدت عدم تأييدها لمثل هذا القانون، لأن المستفيد منه برأيها هم "الأصوليون". واستنكرت "جماعة علماء المسلمين في أوروبا" في بيان لها قرار الرئيس الفرنسي اللجوء الى القانون لحظر الحجاب، معتبرة ان مثل هذه الخطوة منافية للعلمانية ولمبادئها الاساسية، كونها قائمة على الحياد ازاء المعتقدات الدينية وممارساتها. القرضاوي يتهم باريس بالرجعية وفي الدوحة، خصص الداعية والمفكر الاسلامي الدكتور يوسف القرضاوي الجزء الاكبر من خطبة الجمعة في مسجد عمر بن الخطاب للتنديد بالموقف الفرنسي ضد الحجاب. وقال في فتوى ذات دلالات رداً على موقف "لجنة شيراك" ان "اكبر خطأ ان يقال انه الحجاب رمز ديني". وشرح ذلك بقوله ان "الرمز الديني هو ما ليس له وظيفة الا الاعلان عن انتماء صاحبه الديني مثل الصليب الذي تريد من ترتديه ان تقول انا نصرانية". واضاف ان "الحجاب له وظيفة ستر رأس المرأة ونحرها وعنقها، وحتى الرمز الديني فالانسان حر، بأن يضع الصليب على صدره او لا يضعه"، وخلص الى ان "الحجاب ليس امراً اختيارياً بل أمر من الله". ورأى ان الموقف الفرنسي "ضد الحرية والمساواة"، واتهم فرنسا بانها "تريد منع التنوع والتعدد، وهذه ظاهرة رجعية لانها تحاول ان يكون هناك لون واحد وزي واحد". كما ندد بالتدخل في "الحرية الدينية"، وتساءل: "أين التسامح الديني؟".