في ظلام السلّم، لم أكن أتبين حتى يدي، لكنني مضيت أصعد السلالم معتمداً على الخبرة السابقة حينما كان النور موجوداً، تكاثف الظلام حينما وصلت الى الدور الثاني، وحينما وقفت استريح في الدور الثالث خيل إليّ أن هناك من يصعد معي السلالم وإن كنت لا أراه. وكتمت أنفاسي وجاش بي خوف غامض وحدقت أمامي محاولاً أن أتبين الأمر. خيل إليّ أنني أرى ثقبين من نار، لمعا فجأة وانطفأ فجأة. قلت لنفسي - هكذا تبدو عيون القطط في الظلام، اشعلت عوداً من الكبريت فرأيت القطة تقف الى جوار باب إحدى الشقق، قلت للقطة - الى أين تذهبين حضرتك، لم يعد باقياً غير شقتي. ولم أكد أقول كلمتي حتى أسرعت القطة وسبقتني صاعدة نحو شقتي، انطفأ عود الكبريت وخشيت أن اتكعبل في القطة، فصعدت السلالم بهدوء حذر حتى وصلت الى شقتي. لم أكد أفتح الباب حتى دلفت القطة وسبقتني الى الدخول، اضأت النور واغلقت الباب وتأملت القطة. كانت القطة جميلة بدرجة واضحة، كان لونها أسود مع بقع بيض وكان رأسها صغيراً، أما عيناها فكانتا تلمعان بذكاء واضح. كان واضحاً من تجربتي القديمة مع القطط أن صاحبتنا جائعة. قلت لها: المطعم أغلق أبوابه ولكنها نظرت اليّ نظرة تفتت القلب وتكشف عن حاجتها الى الطعام. اخرجت قطعة من اللحم وأطعمت القطة، ولاحظت أنها تأكل بسرعة من لا يعرف متى وهل يأكل ثانية أم لا. تركت القطة تأكل في المطبخ وجلست في غرفة مكتبي وانصرفت للعمل. حينما تدخل القطط بيتاً تنوي السكن فيه فإنها تتعشى أولاً، ثم تبدأ باستكشاف المكان. وهذا ما فعلته القطة، دخلت كل غرف البيت، وقفزت على المكتب والمكتبات والأسرة والمناضد وكل ما يرتفع عن الأرض، بعد هذا المجهود جلست عند اقدامي في المكتب واستسلمت للنعاس وهي تصدر صوتاً يقول أرر.. أرر. حينما انتهيت من عملي تنبهت الى وجود القطة. قلت لها: هل تنوين المبيت هنا؟ قالت: هل هذا ممكن؟ قلت لها: نعقد اتفاقاً بيننا، قالت الشغالة منذ يومين إنها شاهدت فأراً يجري في البيت، لو نجحت في اصطياد هذا الفأر سيكون في وسعنا أن نعتبر هذا غطاء شرعياً لوجودك في البيت وتناول وجبتين من الطعام. قالت القطة: نبدأ بالسمك، قلت لها - بل نبدأ بالفأر. قالت القطة: لا بأس، وإن كانت الفئران مقرفة وقد توقفت عن أكلها منذ زمن بعيد، سأقتل لك هذا الفأر ولكنني لن آكله.. أتفقنا... اتفقنا.