اعلنت روسيا أمس انها تريد تسوية ديون العراق من خلال نادي باريس، فيما أكد وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان ان فرنسا تبحث في الغاء جزء من الدين العراقي اعتبارا من السنة المقبلة. وقال: "ان فرنسا ترى، بالتشاور مع مدينين آخرين في اطار نادي باريس، احتمال التوصل الى اتفاق بدءاً من العام 2004 اذا ما توافرت الشروط الضرورية". وجاءت تصريحات دوفيلبان عقب محادثات اجراها مع رئيس مجلس الحكم الانتقالي العراقي عبدالعزيز الحكيم والوفد المرافق له الذي يزور باريس حالياً. وقال دوفيلبان انه "اذا توافرت الشروط لذلك"، فإن اتفاقاً في شأن الغاء جزء من الديون العراقية "يمكن ان يبدأ في العام 2004". واضاف ان فرنسا ستدرس "الالغاءات الملائمة والمتطابقة مع قدرة التمويل العراقية" مشيراً الى ان هذا ما ابلغه الى الحكيم والوفد المرافق له. وجاءت زيارة الوفد العراقي وتصريحات دوفيلبان عشية وصول جيمس بيكر الموفد الخاص للرئيس جورج بوش لشؤون الدين العراقي الى فرنسا، حيث سيبحث في مسألة الديون العراقية مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك. وكان الحكيم صرح بعد اجتماعه مع دوفيلبان، بأنه من الضروري لمجلس الحكم ان "يقيم علاقة قوية مع فرنسا" وان "الشعب والحكومة الفرنسيين وقفا دائماً ويقفا اليوم الى جانب الشعب العراقي". واشار الى ان فرنسا كانت في طليعة الدول التي "شددت على ضرورة نقل السيادة بأسرع وقت ممكن الى العراقيين". ورأى الزعيم الكردي جلال طالباني، الموجود في عداد الوفد ان السلطات الانتقالية العراقية "ترغب في ان يكون لفرنسا حضور، خصوصاً على الصعيد السياسي" في العراق. وقال: "اننا نطلب رأي فرنسا ودعمها لتعزيز سيادة العراق واستقلاله"، معرباً عن ارتياحه لاحتمال اقدام فرنسا على إلغاء جزء من الدين العراقي، واصفاً كلام دوفيلبان في هذا الشأن بأنه "هدية" للوفد العراقي. وقال مسؤول فرنسي ل"الحياة" ان فرنسا مستعدة لالغاء جزئي للديون العراقية في اطار "نادي باريس" بعد اتفاق بين سلطة عراقية وصندوق النقد الدولي، اي عندما تكون هناك سلطة عراقية قادرة على التزام طويل المدى. وذكر ان هناك تجميد لمسألة الدين العراقي حتى نهاية سنة 2004، وانه من غير المستبعد ان يمدّد هذا التجميد، الى حين قيام حكومة عراقية قادرة على الالتزام لمدة طويلة. واضاف ان فرنسا ستكون عندها مستعدة لالغاء جزء من ديون العراق، اذ ان العراق بلد غني بالموارد ولا يمكن لفرنسا ان تعامله بمثل الدول الاكثر فقراً او الاكثر مديونية. واشار المصدر الى قدرة العراق على المدى الطويل على تأمين تمويل مهم، وانه ليس بوسعها ان تغض النظر عن هذا الواقع، وان هذا الموقف ستعرضه فرنسا على بيكر خلال لقائه مع شيراك اليوم. واكد ان التوجه الفرنسي ايجابي ومنفتح إزاء مسألة الدين العراقي خصوصاً ان فرنسا ترأس "نادي باريس" وهي بالتأكيد معنية بالموضوع بصفة مزدوجة، على الصعيد المتعدد الاطراف وايضاً على الصعيد الثنائي باعتبارها من الدول الدائنة. وذكر ان من اسباب تجميد مسألة الديون العراقية حتى نهاية 2004، ضرورة اعطاء الوقت للمؤسسات المالية الدولية لجمع المعلومات عن الدين العراقي. وافاد انه وفقاً للمعلومات المتوافرة لدى "نادي باريس" فإن مجمل الدين العراقي يقدر ب120 بليون دولار، ثلثيها لدائنين من القطاع الخاص وليسوا بالتالي أعضاء في النادي، فيما المترتب على العراق لمصلحة اعضاء "نادي باريس" يبلغ 40 بليون دولار. وقال المصدر نفسه، ان فرنسا تأتي في المرتبة الثالثة في قائمة الدول الدائنة بعد اليابانوروسيا وان المبلغ المترتب على العراق لمصلحتها يبلغ حوالى 3 بليون يورو. الى ذلك أ ف ب، دعت روسيا التي يدين العراق لها بنحو ثمانية بلايين دولار أمس لابرام اتفاق في شأن الدين في إطار نادي باريس. ونقلت وكالة انباء "انترفاكس" عن نائب وزير الخارجية الروسي يوري فيدوتوف قوله ان "العراق ليس أفقر دول العالم. ولكن أريد ان أؤكد أن آليات نادي باريس مرنة جداً وتساهم في اعادة هيكلة الدين وتخفيف عبء الدائنين". واضاف: "انه نظام حديث ومتحضر لتسوية الدين الاجنبي يطبق في كل مكان وروسيا تفضل تطبيق مثل هذه الآلية في العراق". ويضم نادي باريس حوالى 19 دولة دائنة وغالباً ما تكون اتفاقاته مقياسا للدول والوكالات الاخرى التي تطالب الدول المدينة بسداد ديونها.