ألقى إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم عن تناول مدافع المنتخب المصري أمير عزمي مادة ناندرولون المنشطة المحظورة بظلال كثيفة على انتشار ظاهرة هذه الآفة داخل الأوساط الكروية الشبابية بعدما كثرت فضائح الكبار في مختلف الرياضات، علماً أنها الحالة الإيجابية الثانية في مونديال الشباب بعد الأولى لحارس مرمى المنتخب الألماني ألكسندر فالكه. وعززت هذه الحالة المخاوف على مستقبل اللعبة الشعبية الأولى في العالم وقيمها الموبوءة بالغش والغشاشين، ما يكرّس صفعة قوية لجهود الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات والاتحادات الرياضية في التصدي لهذه الظاهرة. لن نبحث عن الأعذار لأولئك الذين سقطوا في هذا المستنقع، ولكن ألا يبدو مستغرباً أن الطبيب المرافق للمنتخب المصري صرح عقب المباراة الأولى لمنتخب بلاده أمام كولومبيا في الدورالأول بأنه تفاجأ من الزيادة العالية لاوزان لاعبيه؟ لن نعود إلى تاريخ كرة القدم العربية مع المنشطات منذ سقوط يوسف بلخوجة لاعب الوداد البيضاوي المغربي صريعاً لها في العام الماضي، مروراً بحكاية إسكندر السويح التونسي مع قطعة الشوكولا، وقصة الساعدي القذافي في بيروجيا الإيطالي... ونسأل في هذا السياق عن مقدار وعي الاتحادات والأندية الكروية العربية بالأخطار الصحية والأخلاقية لهذه الظاهرة وإسهامها في "الحرب العالمية" ضد المنشطات من خلال التشريعات القانونية والعلمية خصوصاً في صفوف الشباب. لقد وافقت 70 دولة و6 هيئات رياضية دولية من بينها الفيفا على الميثاق العالمي لمكافحة المنشطات والذي حمل تسمية "إعلان كوبنهاغن"، ما مثل خطوة جبارة مهمة وسط تضارب المصالح وتحفظ بعض الدول الكبرى من أبرزها الولاياتالمتحدة عن المشاركة في ظل خضوعها لقوة اتحاداتها الرياضية الأهلية وسطوة المؤسسات الطبية. لا يملك إلا20 بلداً في العالم تشريعاً خاصاً بالمنشطات، وليس بينها أي بلد عربي، علماً أن مصر ولبنان والمغرب وعمان وافقت على "إعلان كوبنهاغن"، في حين وعدت السعودية وتونس والبحرين بالمصادقة عليه لاحقاً. ربما بدا عدد الدول العربية الذي شارك في مؤتمر كوبنهاغن جيداً مقارنة مع إجمالي الدول الحاضرة، ما عزز السمعة الأخلاقية للرياضة العربية، لكن لماذا لم تستغل الدول العربية الغنية الفرصة لدعم مجهود الوكالة في مواجهتها تشعب "الحيل" والمستقبل المخيف بعد الاكتشافات العملاقة في عالم "الجينات". وتعويض امتناع الدول الكبرى من الإسهام في الموازنة السنوية للوكالة كنوع من الضغط وربح الوقت... وإذ يتطلب إعلان النيات توافر البنية الأساسية الضرورية ومختبرات المراقبة، لا يخفي إفادة تونس من احتضانها لدورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط الأخيرة عام 2001 في نيل مختبرها الاعتراف الدولي الوحيد في العالم العربي. من هنا يمكن القول إن العالم العربي في بداية طريق توفير البنية التحتية للتصدي لظاهرة المنشطات، وكذلك في تحسيس شبابه بمخاطرها وتأثيراتها السلبية على صحتهم والضرب بقوة على أيادي العابثين بروح الرياضة وقيمها النبيلة.