في وقت بدأ حزب المحافظين المعارض في بريطانيا يوحد صفوفه بعد اختيار مايكل هاورد بالاجماع كزعيم للحزب، فإن حزب العمال الحاكم اصبح يعاني من ازمة الانقسامات الحادة بين قطبيه رئىس الوزراء توني بلير ووزير خزانته القوي غوردون براون. وكان براون عبر في شكل واضح عن غضبه واستيائه من بلير بعدما قرر رئيس الوزراء تهميش دوره على رغم كونه مركز الثقل الايديولوجي في حزب العمال، وذلك بابعاده عن اللجنة التنفيذية القومية للحزب الذي ترسم سياساته وتدير حملته الانتخابية المقبلة في 2005. وكانت العلاقات بين بلير ومنافسه الرئىسي براون اتسمت دائماً بالتنافس والتوتر الخفي، لأن الاخير لا يزال يرى انه مؤهل اكثر لتزعم حزب العمال، خصوصاً انه كان تنازل طوعاً لبلير عن الزعامة بعد الوفاة المفاجئة لجون سميث زعيم الحزب الراحل عام 1994. ويقال ان بلير توصل الى صفقة مع براون تقضي بأن يعيد الزعامة الى الاخير، بعد فوز العمال بالحكم للمرة الثانية في 2001. ولكن رئىس الوزراء اخل بوعده وأعلن اخيراً انه يريد ان يستمر في الحكم ويفوز بدورة ثالثة في الانتخابات المقبلة. واجتمع بلير وبراون على عشاء خاص ليل اول من امس، في محاولة لرأب الصدع الذي برز على السطح بينهما وأصبح يهدد وحدة الحزب الحاكم، في وقت اصبح المحافظون اكثر اصراراً على التماسك والاتفاق في الرأي بعد تولي هاورد زعامة الحزب المعارض لطي صفحة الماضي والخلافات الحادة التي مزقت قيادات المحافظين حول اوروبا والسياسات الداخلية. وعلى رغم نفي بلير ابرامه صفقة مع براون فان انصار الاخير بدأوا يهاجمون رئيس الوزراء في الصحف البريطانية، ويتهمونه بالتسلط ومحاولة تهميش دور وزير الخزانة المفترض ان يكون الرجل الثاني في الحكومة. وفي المقابل سرب انصار بلير اتهامات الى براون بانه يسعى الى تخريب سياسات رئىس الوزراء سواء بالنسبة الى اوروبا وضرورة انضمام بريطانيا لليورو العملة الاوروبية الموحدة وكذلك السياسات الداخلية المهمة مثل اصلاح مرافق الخدمات المتدهورة في البلاد. وسعى براون الى الانتقام علناً من قرار بلير ابعاده من عضوية اللجنة التنفيذية القومية للحزب، وذلك بالاعراب عن شكواه من هذه الخطوة واظهار جروحه الدامية امام الرأي العام، بعدما نجح رئيس الوزراء في تهميشه على هذا النحو المهين. وحاول براون ان يقلل من حدة غضبه بالقول: "ان لدي ما يشغلني اكثر هذه الايام"، ويقصد بذلك مولد نجله الاول جون اخيراً.