في السنة الماضية، طعن جوليان، وهو شاب فرنسي في السابعة عشرة، صديقته بسكين. وخلال قتله صديقته، وضع على وجهه قناعاً أسود اللون له فم أبيض فاغر. ويماثل هذا القناع قناع القاتل في فيلم "سكريم" الصرخة الهوليوودي الذي لقي رواجاً كبيراً في أوساط الشباب. ويقدم القتل في هذا الفيلم كشيء غامض، فيمسي القاتل لغزاً مثيراً للإعجاب. ويخرج هذا الفيلم حوادث الحياة من قتل وخوف وسعادة من إطارها الاجتماعي. وجاءت هذه الحادثة لتؤجج النقاش في الأوساط الثقافية الفرنسية بين من ينفي أثر العنف التلفزيوني على الفتيان والمراهقين وبين من يؤكد هذا الأثر. وأوكلت الحكومة الفرنسية إلى الفيلسوفة بلاندين كريغيل اعداد تقرير بالتعاون مع علماء اجتماع وعلماء نفس، حول ظاهرة العنف في التلفزيون. وخلصت كريغيل في تقريرها الى وجود صلة بين البرامج العنيفة وسلوك الاطفال العدواني. فتمثيل العنف وعرضه يرفعان الوازع الخلقي عن فعل القتل، ويخففان من الشعور بالذنب الذي يلجم الناس عن ارتكاب الجرائم. ويقدم هذا التمثيل نموذج سلوك سلبي الى الاطفال والشبان، ويدفعهم الى الاحتذاء به وتقليده. وقدمت الفيلسوفة توصيات الى الحكومة الفرنسية بوجوب امتناع المحطات التلفزيونية عن بث برامج فيها عنف ومشاهد جنس اباحية بين السابعة والعاشرة والنصف ليلاً، أي في الوقت الذي يشكل الاطفال غالبية جمهور التلفزيون. وخالف عالم النفس سيرج تيسيرون كريغيل في الرأي، واعتبر ان العنف التلفزيوني لا يقتصر على الأفلام. فهو موجود في النشرات الإخبارية وفي الأفلام الخيالية والدعايات. والطفل على غرار الشخص الراشد قد ينفعل عند رؤيته حادثة تفجير البرجين في نيويورك، أو عند حضوره فيلماً خالياً من مشاهد العنف ومملوءاً بمؤثرات صوتية أو مشهدية موترة أو مشاهد عاطفية. وعاب عالم النفس على تقرير كريغيل اعتبار الطفل وعاء يجب تعبئته بمشاهد خير غير عنيفة وأخرى بريئة ومثالية. فالتقرير أهمل قدرة الطفل على التمييز بين الأمور، وعلى التخلص من الآثار السلبية التي قد يتركها مشهد في نفسه.