حمّل الرئيس جورج بوش أربعة من أعضاء مجلس الحكم الانتقالي في العراق رسالة تقدير الى المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني يطمئنه فيها الى أنه يشترك معه في التطلع الى "بناء الديموقراطية لإسعاد الشعب العراقي". وفيما تدرس واشنطن مطلب السيستاني الداعي الى اجراء انتخابات عامة تنبثق منها السلطات العراقية، ارتفعت أصوات في مجلس الحكم تعتبر الأمر مستحيلاً، لأن البطاقة التموينية التي يمكن أن تعتمد، بدلاً من الاستفتاء، لا تشمل العراقيين الأكراد في الشمال ولا المهاجرين. في غضون ذلك دعت السيناتور هيلاري كلينتون زوجة الرئيس السابق بيل كلينتون خلال زيارة لها لبغداد الى دور أكبر للأسرة الدولية في ادارة العراق، لكنها استبعدت أن تقدم إدارة بوش على التخلي عن الكثير من سلطاتها. وعلى الصعيد الأمني قتل أمس جندي أميركي واعتقل ضابط عراقي سابق وشيخ قبيلة، كما قتلت فتاتان عراقيتان برصاص الأميركيين. وقال عضو مجلس الحكم الدكتور موفق الربيعي ل"الحياة"، ان بوش الذي اجتمع لمدة ساعة مع أربعة أعضاء من المجلس في مطار بغداد أول من أمس "بدا مطلعاً بدقة على الملف العراقي، حريصاً على الاستماع الى وجهات النظر التي نقلها أعضاء المجلس". وكان الحاكم الأميركي للعراق السفير بول بريمر وجه دعوة الى جميع اعضاء مجلس الحكم الخمسة والعشرين لحضور احتفال بعيد الشكر في مطار بغداد في معسكر الفرقة الأولى، من دون أن يطلعهم على البرنامج. وأخفى عنهم أيضاً ان بوش قادم في زيارة خاطفة لمدة ساعتين وهذا ما يفسر تغيب بقية الأعضاء عن لقاء الرئيس الأميركي. وأشار الى أن بوش "طلب منا نقل رسالة مفصلة الى آية الله العظمي السيد علي السيستاني يبلغه فيها تقديره واحترامه الشخصي له، ويؤكد له فيها اننا معاً مشتركون في هدف أساس هو اسعاد الشعب العراقي وإعادة الحرية اليه وبناء الديموقراطية وتحقيق الازدهار الاقتصادي له وهي رسالة سننقلها مساء اليوم أمس الى السيد السيستاني". وقال الربيعي الذي يعتبر أحد المقربين الى السيستاني ان القضية الأساس التي يعترض عليها المرجع الشيعي هي ان مشروع نقل السيادة الذي تم الاتفاق عليه بين مجلس الحكم وبريمر "استعجل في طرحه. ولم يجر عرض مسودة النص على المرجع الشيعي الذي يرى ان قسماً من مجلس البلدية ومجالس المحافظات التي يحق لها تعيين ثلثي البرلمان الموقت الجديد غير منتخب ولا يمثل الشعب العراقي تمثيلاً حقيقياً. والسيستاني يفضل ان تكون هناك انتخابات لمجالس البلدية ومجالس المحافظات لاضفاء الشرعية على السلطات حتى لو كان ذلك سيطبق في مرحلة انتقالية لمدة سنتين". ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين اميركيين امس قولهم ان واشنطن تفكر في تنظيم انتخابات في العراق، بناء على طلب السيستاني الذي تحسب الإدارة لرفضه ألف حساب. وأضاف المسؤول ان البيت الأبيض ينتظر رسالة من السيستاني للنظر في مطالبه، وقال: "اننا ننتظر ما سيقوله، وإذا قال لا للجان المحلية فعلينا أن نبحث عن وسيلة لاجراء الانتخابات". وبدأت مطالب السيستاني تستقطب بعض أعضاء مجلس الحكم في ما يراها آخرون غير عملية. وقال عماد شبيب عضو المكتب السياسي لحركة "الوفاق" ان "الاختصاصيين في وزارة التخطيط يؤكدون ان الفترة المطلوبة لتنفيذ استفتاء يعتمد على احصاء سكاني لا تقل في أحسن الأحوال عن 14 شهراً". ولفت الى أن "البطاقة التموينية وآخر احصاء سكاني أجراه صدام حسين 1997، لا يشملان سكان محافظات كردستان شمال ولا العراقيين المقيمين في الخارج" الذين يفوق عددهم ثلاثة ملايين نسمة. وأوضح ان الحركة ستعمل للتوصل الى "صيغة توفيقية" لنقل السيادة الى العراقيين وفق الاقتراح الأميركي واحترام رأي المرجعية الشيعية. ومن المقرر أن يبحث مجلس الحكم الانتقالي اليوم قضية الانتخابات. والتقت كلينتون جنوداً أميركيين في بغداد احتفلت معهم بعيد الشكر، ودعت الى دور أكبر للأسرة الدولية في إدارة العراق، لكنها أكدت أيضاً ان "الولاياتالمتحدة مصممة على محاربة الارهاب وستكون هناك الموارد والقوات اللازمة لذلك. والرسالة التي لا بد من توجيهها هي ان ارهابيي "طالبان" يخوضون معركة خاسرة.