كما العديد من المدن، دخلت دمشق عصر الفضائيات من بابه الواسع. وبات مألوفاً رؤية الصحون اللاقطة تغطي سطوح البيوت الدمشقية بما فيها الأحياء الأكثر فقراً وشعبية. والسؤال: كيف انعكس ذلك على الدمشقيين؟ وكيف أصبحوا يتعاملون مع ايجابيات وسلبيات هذا البث الفضائي الذي صار فيه كل شيء مسموحاً بما في ذلك ما يتداول تحت الطاولة؟ يعتقد بعضهم ان من شأن الطفرة "الفضائية" ان ترمي الى سلة المهملات كل جهود الأهل التربوية. ووضع هذا الواقع الأهل أمام مشكلة حقيقية وهُم لا يرون فيه سوى الوجه السلبي. ويبدو ان بعضهم يرى الحل في "التشفير"، اي تلك الطريقة التي تجعل مشاهدة هذه القناة أو تلك غير ممكنة من دون إدخال رقم محدد وغالباً ما تشفر القنوات الإباحية. وساهم هذا الاتجاه في انتعاش ما يسمى "سوق التشفير" التي تتضمنها اجهزة الاستقبال ريسيفر وبطاقات التشفير وبرمجتها. وتباع بطاقة التشفير ب300 ليرة سورية نحو ستة دولارات أميركية، وتعاد برمجتها من فترة الى اخرى ب50 ليرة سورية قرابة دولار. ويصل سعر البطاقة في الدول المجاورة الى ما يقارب 25 ألف ليرة سورية نحو 500 دولار لأن تشفيرها أصلي، وليس مبرمجاً محلياً. وبات آلاف الأشخاص يعيشون من جراء فك وتشفير القنوات. ويمكن العثور على شيفرة لفتح أو لإغلاق القنوات من طريق الانترنت. وتتضارب آراء العاملين في هذه المهنة. منهم من يطالب بتطبيق قانون حماية الملكية الفكرية، ويرى في استخدام البطاقة لفتح القنوات المشفرة عملاً غير نظامي، كما يقول هشام اللحام العامل في مهنة صيانة صحون الاستقبال منذ ثماني سنوات. ويضيف: "نحو 50 في المئة من الأشخاص يرغبون بنظام الكرت لفتح القنوات المشفرة، لكن برأيي عملنا غير نظامي ويجب ان تكون هناك حماية ملكية". في المقابل يرفض مبرمج القنوات أحمد كحالة فكرة الحماية لأن عمله في فك التشفير يوفّر له دخلاً ممتازاً. ويقصده أكثر من اربعة اشخاص في اليوم من أجل البطاقة. وتتضارب آراء الأهالي في هذا الخصوص. وتطالب ندى الكردي، وهي أم لطفلين، بمواجهة الأمر ب"نضج"، لأن "علينا ان نشرح لأولادنا ما هي هذه القنوات، ولماذا تشفر، ثم ان المادة الجنسية ستدرّس في المدارس فلماذا تعزز مقولة "الممنوع مرغوب"؟ وتجد راما السيد، المتخصصة في الاقتصاد، ان للتشفير سلبيات وايجابيات. فهي ترى ضرورة تشفير القنوات الإباحية "لأن مجتمعنا يعاني من الكبت الاجتماعي والجنسي، ويجب ان تعالج المسألة عبر توعية شاملة وتدريجية، وليس بفتح القنوات. ومن ناحية اخرى هناك الكثير من القنوات الفضائية مثل قنوات أوربت او قنوات الصيد التي تحتوي على الكثير من الفائدة والتسلية، فلماذا نشفرها؟".