روبي ويليامز: طلبات التقاط الصور الذاتية تصيبني ب «الذعر»    اكتشاف نقوش ورسوم صخرية تعود إلى ما قبل الميلاد في محمية الملك عبدالعزيز الملكية    وزير الصحة يزور الوكالة الدولية لأبحاث السرطان في مدينة ليون    إمام المسجد الحرام: الدنيا دار ابتلاء والموت قادم لا محالة فاستعدوا بالعمل الصالح    مبادرة "نبض إنسان" تواصل جهودها التوعوية    "الزكاة والضريبة والجمارك" في منفذ البطحاء تحبط محاولة تهريب أكثر من 11 كيلوغرام من "الشبو"    وزارة الرياضة ومجمع الملك سلمان للغة العربية يطلقان "معجم المصطلحات الرياضية"    تشكيل النصر المتوقع أمام القادسية    خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل افتتاح متحف "تيم لاب فينومينا أبوظبي" للفنون الرقمية في المنطقة الثقافية في السعديات    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام الفتح    إمام المسجد النبوي: التوحيد غاية الخلق وروح الإسلام وأساس قبول الأعمال    محافظ صامطة يلتقي قادة جمعيات تخصصية لتفعيل مبادرات تنموية تخدم المجتمع    تعاون بناء بين جامعة عفت واتحاد الفنانين العرب    جامعة شقراء تنظم اليوم العالمي للمختبرات الطبية في سوق حليوة التراثي    إعاقة الطلاب السمعية تفوق البصرية    أمطار رعدية على اجزاء من مناطق الرياض ومكة وعسير    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    مرصد حقوقي: المجاعة وشيكة في غزة ومليون طفل يعانون سوء تغذية حاد    رسوم ترمب الجمركية ..التصعيد وسيناريوهات التراجع المحتملة    توتنهام يتغلب على أينتراخت فرانكفورت    تشيلسي الإنجليزي يتأهل للمربع الذهبي بدوري المؤتمر الأوروبي    النفط يسجل زيادة بأكثر من 3 بالمئة    قتيلان في إطلاق نار في جامعة في فلوريدا    ممتاز الطائرة : الأهلي يواجه الاتحاد .. والابتسام يستضيف الهلال    الغزواني يقود منتخب جازان للفوز بالمركز الأول في ماراثون كأس المدير العام للمناطق    نائب وزير الخارجية يستقبل وكيل وزارة الخارجية الإيرانية    في توثيقٍ بصري لفن النورة الجازانية: المهند النعمان يستعيد ذاكرة البيوت القديمة    انطلاق مهرجان أفلام السعودية في نسخته ال11 بمركز إثراء    وزير الدفاع يلتقي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني    أمير القصيم يستقبل مدير فرع الشؤون الإسلامية    نائب أمير منطقة جازان يضع حجر أساسٍ ل 42 مشروعًا تنمويًا    عبدالعزيز المغترف رئيساً للجنة الوطنية لمصانع الابواب والألمنيوم في اتحاد الغرف السعودية    نائب أمير جازان يرأس الاجتماع الرابع للجنة الإشرافية للأمن السيبراني    معرض اليوم الخليجي للمدن الصحية بالشماسية يشهد حضورا كبيراً    24 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح خلال الربع الأول من 2025    تجمع القصيم الصحي يدشّن خدمة الغسيل الكلوي المستمر (CRRT)    تخريج الدفعة ال22 من طلاب "كاساو" برعاية نائب وزير الحرس الوطني    جامعة الإمام عبدالرحمن وتحفيظ الشرقية يوقعان مذكرة تفاهم    مشاركة كبيرة من عمداء وأمناء المدن الرياض تستضيف أول منتدى لحوار المدن العربية والأوروبية    قطاع ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "التوعية بشلل الرعاش"    "التعليم" تدشن مشروع المدارس المركزية    بقيمة 50 مليون ريال.. جمعية التطوع تطلق مبادرة لمعرض فني    إحباط تهريب 147 كجم من الشبو وضبط مستقبليها    سجن مواطن لترويجه إعلانات "حج وهمية"    معركة الفاشر تقترب وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.. الجيش يتقدم ميدانيا وحكومة حميدتي الموازية تواجه العزلة    الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب    5 جهات حكومية تناقش تعزيز الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن    الأمير سعود بن جلوي يرأس اجتماع المجلس المحلي لتنمية وتطوير جدة    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    يوم الأسير الفلسطيني.. قهرٌ خلف القضبان وتعذيب بلا سقف.. 16400 اعتقال و63 شهيدا بسجون الاحتلال منذ بدء العدوان    أنور يعقد قرانه    قيود أمريكية تفرض 5.5 مليارات دولار على NVIDIA    حرب الرسوم الجمركية تهدد بتباطؤ الاقتصاد العالمي    مؤسسة تطوير دارين وتاروت تعقد اجتماعها الثاني    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    رُهاب الكُتب    سمو أمير منطقة الباحة يتسلّم تقرير أعمال الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة العراقية وأزمة النظام العربي
نشر في الحياة يوم 19 - 11 - 2003

دخل النظام العربي الذي كان يعاني من الضعف منذ ولادته أزمة حادة إثر قيام نظام صدام حسين باحتلال الكويت في العام 1990. وعلى رغم محاولات اخراج ذلك النظام من أزمة حرب الخليج الثانية، إلا أنه بقي يعاني الوهن والارتباك وفقدان الرؤية.
وبعد تعيين السيد عمرو موسى أميناً عاماً لجامعة الدول العربية لاحت في الافق فرصة لإعادة بناء النظام العربي، أو على الأقل لإخراجه من الأزمة وتمكينه من معالجة بعض القضايا التي تكبل العمل العربي المشترك وتحول دون نجاح الدول العربية، منفردة ومجتمعة، في تحقيق أهدافها وتدعيم استقلالها والحفاظ على مصالحها، والدفع بالعمل الوحدوي في اتجاه يعيد للأمة العربية بعض الثقة بالنفس. إلا أن جهود عمرو موسى لم يكتب لها النجاح، لأسباب عدة أهمها اصطدام الطموح الوحدوي مع الواقع الاقليمي، والتطلع نحو تدعيم الاستقلال مع ازدياد النفوذ والوجود الأجنبي على الأرض العربية، وانفجار أزمة جديدة في الخليج كان بطلها ومفجرها هو المسؤول عن حربي الخليج الأولى والثانية.
إن قيام أميركا وبريطانيا، وعلى رغم معارضة هيئة الأمم المتحدة، بغزو العراق واحتلاله واسقاط نظام الحكم فيه، وفشل الجامعة العربية في التعامل مع الأزمة قبل وقوع الغزو، كانا ايذاناً بسقوط النظام العربي أيضاً، وإعلان افلاسه. وفي الواقع، كانت حدة الانتقادات الموجهة إلى الجامعة العربية وأمينها العام ازدادت قبل بدء الحملة العسكرية الأميركية - البريطانية ضد العراق. وبعد احتلال العراق شعر المنتقدون للجامعة العربية أنهم كانوا على حق، وان فشل الجامعة العربية في التعامل مع الأزمة العراقية يثبت عدم قدرتها على مواجهة التحديات وصيانة الأمن العربي.
مما لا شك فيه أن الجامعة العربية فشلت في التعامل مع الأزمة العراقية حين بدت على وشك الانفجار في أواخر العام الماضي وأوائل العام الحالي. لكن، وقبل إصدار الأحكام في ما يتعلق بالجامعة العربية، لا بد من الاعتراف بأن هيئة الأمم المتحدة فشلت هي الأخرى في احتواء تلك الأزمة والحيلولة دون قيام أميركا وبريطانيا بغزو العراق واحتلال أراضيه. وتشير المعلومات التي نشرت والمتعلقة بالموقف الأميركي من العراق ونظام الحكم السابق فيه، وهي معلومات كان من المفروض أن تبقى سرية، لكنها نشرت بعد عملية الغزو الأميركية - البريطانية، إلى إن القرار الأميركي المتعلق بغزو العراق وإطاحة نظام الحكم الذي كان قائماً فيه، كان اتخذ بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001 بأيام قليلة، وهذا يعني أن جهود الجامعة العربية لاحتواء الأزمة العراقية، ومهما كانت طبيعتها، ما كان من الممكن أن يكتب لها النجاح.
إن تقصير الجامعة العربية في التعامل بفاعلية وايجابية مع القضايا المشتركة للدول العربية لا يعود إلى خلل هيكلي في تركيب الجامعة العربية بقدر ما يعود إلى العلاقات بين الدول العربية، وموقف تلك الدول من الجامعة بشكل خاص، والعمل العربي المشترك بشكل عام. إن كون الجامعة منظمة اقليمية تعكس رغبات وقرارات أعضائها من الدول يجعل توجهات وانجازات تلك الجامعة تعتمد اعتماداً كلياً على الدول الأعضاء وعلى علاقاتهم ببعضهم بعضاً، ومدى دعمهم للجامعة وتعاونهم معها. وليس من شك في أن الدول العربية، وتحت غطاء الحفاظ على الاستقلال والسيادة الوطنية، تقاعست عن إمداد الجامعة بما تحتاجه من صلاحيات سياسية وقانونية وموارد مالية وقوى بشرية لتكون فاعلة وقادرة على تحقيق بعض أهدافها.
إن الأمة العربية تعاني اليوم من التفكك وفقدان الثقة بالنفس، والتعرض للاعتداء من الخارج ولتيارات فكرية - سياسة غير علمية، وأحياناً غير عقلانية أيضاً. أما الدول العربية فتعاني من الشلل الذي يكاد يكون كاملاً وشاملاً. إنها تقف مكتوفة الأيدي بينما تتلقى الصفعات من كل جانب، وأنها تفتقد القدرة على المبادرة، سواء كانت تلك المبادرة سياسية أو اقتصادية أو عسكرية - أمنية أو اجتماعية - ثقافية. ومما يزيد من خطورة هذا الشلل ان الأعداء في الخارج لا يخفون خططهم لإطاحة معظم الأنظمة العربية الحاكمة، وتوجههم نحو احداث تغييرات أساسية في البنية الثقافية العربية بالشكل والكيفية اللذين يخدمان مصالحهم، وان قوى التطرف في الداخل تعمل ليلاً نهاراً لتعميق جذورها في البنية الثقافية - الاجتماعية وسيطرتها على العقل العربي المشوش والمرتبك.
إن الأزمات، كل الأزمات السياسية والاقتصادية والثقافية - الاجتماعية، تشكل بحد ذاتها فرصاً يمكن استغلالها، فالحروب مثلاً هي فرصة لتجار الحروب، والكوارث المرضية هي فرصة للأطباء ومنتجي الأدوية. ولذا نعتقد بأن الأزمة العربية والموقف الأميركي منها ومن العرب والإسلام عامة يعطي الدول العربية فرصة لطرح مبادرة تكون بمثابة اشارة واضحة إلى أن تلك الدول تستعد للخروج من سباتها، والعمل على إعادة بناء النظام العربي واعطاء جامعتهم ما يؤهلها للقيام بالدور المطلوب منها، ولأمتهم ما تستحقه من كرامة وثقة بالنفس.
لذلك أقترح قيام الدول العربية مجتمعة بالإعلان عن استعدادها لارسال قوة عربية إلى العراق بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة والحلول محل قوات الاحتلال الأميركية والبريطانية. وأن يشمل الإعلان العربية ان مهام إعادة بناء النظام السياسي وكتابة دستور جديد للعراق ستبقى من اختصاص هيئة الأمم المتحدة، وان إعادة بناء الجيش العراقي وأجهزة الأمن العراقية من اختصاص القوة العربية بقيادة جامعة الدول العربية، وعمليات إعادة البناء والإعمار ستخضع لاشراف هيئة دولية تقوم هيئة الأمم المتحدة بتشكيلها بحيث تشمل عضويتها كل الدول المانحة الأجنبية والعربية.
إن مثل هذه المبادرة ليست سهلة، كما أنه ليس من المتوقع أن تقبل بها أميركا في الوقت الراهن. لكن إمكان قبول أميركا سيتحسن كثيراً إذا تصاعدت عمليات المقاومة في العراق، وإذا تغيرت الإدارة الأميركية في الانتخابات المقبلة والتي ستتم بعد سنة تقريباً. ومهما يكن من مصير هذه الفكرة، فإن مجرد طرحها وقيام الدول العربية بإعداد اللجان والدراسات والخطط لتطبيقها واجراء التقديرات المتعلقة بالمخاطر والمصالح، ستعطي العرب، دولاً وجامعة، مصداقية كبيرة على الساحة الدولية.
إن الشأن العراقي ذو أهمية بالنسبة للمصالح العربية ومستقبل الأنظمة العربية يعادل عشرات أضعاف أهميته بالنسبة للمصالح الأميركية. ولذا وجب على العرب التوجه ومن دون تأخير إلى التعامل مع الأزمة وتداعياتها حفاظاً على مصالحهم ومستقبلهم ومستقبل العراق وأبنائه ومصداقيتهم جميعاً.
* استاذ الاقتصاد السياسي الدولي في جامعة الاخوين، أفران، المغرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.