جازف عبدالكريم بحياته بتخليه عن الجيش العراقي أثناء حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين وحزب البعث ليعيش حياة هادئة كمزارع. لكن جيران عبدالكريم قالوا ان جنوداً اميركيين رفضوا الاستماع لروايته عندما ظهروا فجأة الخامسة فجراً واصطحبوه بعيداً وهو مكبل اليدين ومغطى الرأس. وقال صديقه حمزة: "أمسك الجنود بسروال زيه العسكري وقالوا انه على صلة بصدام حسين". وأضاف "شرحنا لهم انه كان يرتديه اثناء العمل في الحقول لأنه ليس لديه المال الكافي لشراء ملابس. وليست له علاقة بصدام على الاطلاق الآن. لقد اصبح رجلاً متديناً ويقرأ فقط كتباً عن الاسلام". ولا تجازف القوات الاميركية في حملة القمع الجديدة التي شنتها ضد رجال المقاومة في العراق خصوصاً في أماكن مثل ابو غريب حيث تزداد العمليات العسكرية المناهضة للاميركيين. وفي الوقت الذي أغضبت مثل هذه الاجراءات المتشددة بعض العراقيين الذين تعهدوا بالانضمام للمقاومين يشعر آخرون بالعجز. ويقول محمود ربيع، وهو يحكي كيف اقتحم جنود في 17 مركبة عسكرية، القرية وفتشوا العديد من المنازل: "لا ننام ليلاً. اذا كان في إمكانهم اصطحاب عبدالكريم بعيداً بهذه الطريقة من دون الاستماع لالتماساتنا ومن دون أي دليل فمن الممكن ان يحل الدور علينا بعد ذلك". ويضيف "لقد أخذوه وعادوا في اليوم التالي وقالوا لنا انه سيحتجز لأنه عضو سابق في حزب البعث". وقال أصدقاء عبدالكريم، وهو في الاربعينات من عمره، انه قرر ان يترك الجيش بعد احتلال القوات العراقيةالكويت العام 1990، بينما قال جيرانه انه كان منزعجاً من القتل والنهب، ومنذ عودته إلى قريته لم يظهر كثيراً في الأماكن العامة حتى ينجو من العقوبة ضد الهاربين من الجيش اذ كانت تقطع آذانهم او يقتلون. وكان عبدالكريم يشعر بالأمان في هذه القرية. وتوفي والده بعد ولادته فساعد جيرانه والدته في تربيته، وعندما كبر كان يساعد في رعاية أطفال القرية. ويقول مزارعون إنهم يدفعون ثمناً باهظاً في الوقت الذي تسعى فيه القوات الاميركية للرد على هجمات المسلحين الذين قتلوا أكثر من 160 جندياً اميركياً منذ أعلنت واشنطن انتهاء العمليات القتالية الرئيسية في العراق في الاول من ايار مايو الماضي. وكثيراً ما يجدون حقولهم محاصرة وسط تبادل اطلاق نيران وقذائف مدفعية بين جنود اميركيين يحرسون سجن أبو غريب ومسلحين. وتغطي شظايا قذائف مدفعية أطلقتها القوات الاميركية حقولاً محيطة بمنزل عبدالكريم. ولا توجد في الكوخ، المؤلف من غرفتين الذي كان يقيم به، أي اشارات على علاقته بصدام، وليس هناك سوى نحو 20 كتاباً عن الاسلام. وقال احد الجيران إن جنوداً اميركيين غضبوا عندما اكتشفوا صورة صغيرة لصدام معلقة على الجدار. وقال محمود: "لقد ضربوني وصفعوني ثم أخذوا بندقيتي الكلاشنيكوف وصوراً لعائلتي". وفقدت القرية الصغيرة الأمل في امكان عودة عبدالكريم قريباً. وتوجه سكان من القرية الى سجن ابو غريب للسؤال عنه، حيث يصطف عشرات العراقيين عند مدخله يومياً للبحث عن أقاربهم. ولا تنتهي المعاناة بمجرد معرفة أماكن احتجازهم، إذ قد يستغرق الامر شهوراً حتى يتمكن الأقارب من زيارة المعتقلين.