اعتبرت الولاياتالمتحدة أمس أن التفجير الإرهابي الذي استهدف مجمع "المحيا" السكني في الرياض السبت الماضي "سيحقق عكس الهدف الذي أراده الإرهابيون وسيؤدي إلى حصول الحكومة السعودية على مزيد من الدعم الأميركي والدولي". وتواصل السلطات السعودية التحقيقات في عملية التفجير وملاحقة المشتبه بعلاقتهم به. ويشير كلام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في مجلس الوزراء السعودي ليل أول من أمس والذي أكد فيه "عزم المملكة وتصميمها على مواجهة الارهاب والتصدي بقوة للأعمال الاجرامية الشريرة والوصول الى المجرمين ومن يقف خلفهم والضرب بيد من حديد لكل من يحاول العبث بأمن البلاد"، إلى ان السلطات في الرياض ترفض أي حوار مع الارهابين "الذين تلطخت ايديهم بدماء الأبرياء من المدنيين او رجال الأمن وروعوا المواطن والمقيم في المملكة". ويدعم هذا الموقف الرسمي الاستنكار والغضب الشعبي، والتنديد الشامل من العلماء ورجال الدين. ووصف مفتي السعودية الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ التفجير بأنه "عمل ارهابي يدل على فساد مرتكبيه". وقال وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ عن التفجير إنه "جرم عظيم". كما أصدر أمس الداعية الاسلامي سلمان العودة بياناً عبر موقعه "الاسلام اليوم" دعا فيه قيادات العمل الاسلامي ورجال العلم ودعاة الاصلاح الى إدانة التفجير. وتأكد أمس أن عملية التفجير تمت بواسطة سيارة جيب تويوتا "بوكس" مشابهة للسيارات التي يستخدمها عناصر قوات الأمن الخاصة. وروى يوسف المحيا مدير ادارة المجمع الذي كان في الموقع لدى حصول الانفجار انه بعدما سمع اطلاق النار من التلة المقابلة للبوابة، شاهد سيارة الجيب، فاعتقد أنها سيارة لقوات الامن. وأضاف انه شاهد السيارة وسائقها الذي عبر إلى الداخل في حين كان الرصاص ما زال ينهمر من التلة. وذكر يوسف المحيا ان سيارة من نوع "نيسان التيما" رافقت سيارة الجيب حتى البوابة، وان ركابها كانوا يطلقون الرصاص. وأكد أن السيارة انفجرت وسائقها في داخلها، ما يشير إلى عملية انتحارية، وأضاف ان الرصاص الذي سمع بعد التفجير كان مصدره العناصر الارهابية خارج المجمع، مشيراً إلى ان الارهابيين اطلقوا قذيفتي "آر بي جي" واحدة خارج المجمع والاخرى داخله. من ناحية ثانية، استقبل ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في مكتبه في الرياض أمس مستشار الأمن القومي ومبعوث الرئيس الفرنسي غور دو مونتاني وبحث معه في التعاون الثنائي في مجال مكافحة الارهاب. كما استقبل مفتي المملكة والعلماء والمشايخ. وفي واشنطن، قال مسؤول الخارجية الأميركية أمس إن بلاده عرضت المساعدة على السعودية في إطار الحرب على الإرهاب. وأضاف ان الاعتداء الإرهابي الذي تعرضت له الرياض "سيحقق عكس الهدف الذي أراده الإرهابيون وسيؤدي إلى حصول الحكومة السعودية على مزيد من الدعم الأميركي والدولي، فضلاً عن دعم السعوديين الذين ينبذون الإرهاب". وأوضح ان "لا مجال للتأخر في تقديم الدعم اللوجستي والسياسي والأمني للحكومة السعودية لمساعدتها على عزل الإرهاب والقضاء عليه". وأكد أن "الإرهابيين لا يفرقون بين ضحاياهم سواء كانوا من العرب أو الأميركيين، مسلمين أو مسيحيين". إلى ذلك، أوضح ناطق باسم الوزارة ل"الحياة" أن الأجهزة الأمنية الأميركية المعنية تعمل في شكل وثيق مع السلطات الأمنية السعودية في إطار الحرب على الإرهاب. وأضاف ان مستوى التعاون والتنسيق بين البلدين "ارتفع في شكل ملحوظ منذ التفجيرات التي تعرضت لها الرياض في أيار مايو الماضي". وأشار إلى أن الحكومتين الأميركية والسعودية اتخذتا خطوات أمنية احترازية لحماية الأهداف الحيوية، إلا أن "أحداً لم يكن يتوقع أن يستهدف الإرهابيون مواطنين مسلمين وعرباً، بمن فيهم أطفال يقيمون في حي سكني". وكان مسؤولون في الاستخبارات الأميركية أبلغوا اعضاء في الكونغرس الأسبوع الماضي انهم يتوقعون هجمات ارهابية في السعودية ومناطق أخرى. وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بات روبرتس انه يتفق مع السلطات السعودية على أن تنظيم "القاعدة" مسؤول عن التفجير الذي شهدته الرياض السبت الماضي. وقال مسؤول أميركي، طلب عدم ذكر اسمه، إن التحذير الذي سبق الاعتداء اثبت أن أجهزة الاستخبارات الأميركية بدأت تحصل على معلومات دقيقة عن تحركات الإرهابيين في السعودية، في ضوء تحسن التنسيق مع السلطات السعودية التي "تشن حرباً مفتوحة على الإرهاب". واعتبر ان الاعتداء "يظهر ان الإرهابيين بدأوا يشعرون بأنهم محاصرون وغير قادرين على استهداف أي مواقع حيوية، وصاروا يستهدفون المدنيين الأبرياء من العرب والمسلمين".