اعتقلت الأجهزة الأمنية السعودية، خلال اليومين الماضيين، عدداً من المشتبه بعلاقتهم بتفجير مجمع "المحيا" السكني في وادي لبن غرب الرياض. وبدا ان الأجهزة الأمنية توصلت الى معلومات "مهمة" تلاحق على أساسها المشتبه بهم والمطلوبين، لكنها تمتنع عن تقديم أي معلومات في هذا الشأن لأسباب أمنية لها علاقة بسير التحقيقات. ومع استمرار الاجراءات الأمنية، خصوصاً لحماية المنشآت الغربية، قررت الولاياتالمتحدة اغلاق سفارتها في الخرطوم موقتاً بسبب "تهديدات جدية". وتشير التحقيقات الى ان اثنين كانا في السيارة التي فجرت داخل المجمع السكني، ما أدى إلى مقتل 17 عربياً من المقيمين وجرح نحو 120 آخرين. وكان موضوع الجهود السعودية لمحاربة الارهاب وملاحقة عناصر تنظيم "القاعدة" مدار بحث خلال اجتماع ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز مع مساعد وزير الخارجية الاميركي ريتشارد ارميتاج ليل اول من امس. وأكد المسؤول الاميركي ان بلاده مستعدة لمساعدة السلطات السعودية بكل ما تطلبه في حربها على الارهاب، مشيراً الى وجود فرع لمكتب التحقيقات الاميركي اف بي آي في السفارة الاميركية في الرياض. وأشاد ارميتاج بالجهود "النشطة للسلطات السعودية في مكافحة الارهاب". وقال: "انها حققت نجاحات عدة في هذا المجال منذ اعتداءات 12 أيار مايو في الرياض، اذ استطاعت قوات الامن السعودية ان تكشف مئات الارهابيين وتعتقل او تقتل وتفكك خلايا ارهابية وتضبط كميات هائلة من الاسلحة والمتفجرات". لكنه حذر من ان الحرب على الارهاب ستكون طويلة. وشارك ارميتاج المسؤولين السعوديين اعتقادهم بأن تنظيم "القاعدة" يقف وراء الهجمات التي تتعرض لها المملكة. وتلقى الأمير عبدالله اتصالاً هاتفياً من الرئيس جورج بوش الذي أعرب عن "استنكاره لحادث التفجير الاجرامي" الذي وصفه بأنه "عمل مشين". وقالت "وكالة الانباء السعودية" إن بوش أكد "تضامن الولاياتالمتحدة مع المملكة في محاربة هذا الفكر المنحرف واستئصال الارهاب بكل صوره وأشكاله"، فيما أكد الأمير عبدالله ان المملكة "ماضية في تعقب الارهاب والارهابيين والقضاء عليهم". سلامة المعتمرين من جهة أخرى ضاعفت الحكومة السعودية اعداد قوات الامن في منطقتي مكةالمكرمة والمدينة المنورة لتأمين سلامة مئات آلاف المعتمرين الذين يزورون المدينتين في شهر رمضان المبارك لاداء العمرة. وقالت المصادر الامنية ان السلطات نشرت خمسة آلاف رجل أمن على الاقل. وتقدر المصادر عدد من أدوا وسيؤدون العمرة هذا الشهر بنحو مليونين ونصف مليون، منهم مليونان من الخارج. الى ذلك، تسعى مجموعة من رجال الدعوة والدين في السعودية الى اطلاق "مبادرة" لايجاد نوع من الحوار بين السلطات والجهات التي تقف وراء أعمال العنف لكن شكوكاً قوية تحيط بإمكان قبولها. وقال الشيخ الدكتور عبدالله ناصر الصبيحي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية في الرياض، ان المبادرة فيها "نوع من الوساطة لتجسير الهوة وايجاد نوع من الفهم من الطرفين". لكن هناك شكوكاً في إمكان قبول السلطات السعودية لأي نوع من الحوار مع "ارهابيين مجرمين لطخوا ايديهم بدماء الأبرياء وروعوا المواطنين وهددوا الامن، خصوصاً أن الدولة تلاحقهم وقبضت على معظمهم وسيقدمون للمحاكمة الشرعية لينالوا جزاءهم وفقاً للشرع". ويقود المبادرة الشيخ الدكتور سفر الحوالي ومعه بعض الدعاة الاسلاميين. مفتي السعودية يدين التفجيرات الى ذلك، دان مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ووزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ تفجير مجمع "المحيا". ووصفه المفتي بأنه "عمل ارهابي يدل على فساد مرتكبيه وان أيدي خبيثة امتدت مع الاعداء وتواطأت معهم للنيل من أمن هذه البلاد". ووصفه وزير الشؤون الاسلامية بأنه "جرم عظيم يزداد اثماً وبشاعة" حدوثه في شهر رمضان. السفارة الاميركية في الخرطوم وفي الخرطوم "الحياة"، علقت السفارة الاميركية نشاطها لمدة أسبوع بسبب "تهديدات جدية ومحددة للمصالح الاميركية" في السودان. وقللت الحكومة السودانية من أهمية الخطوة. وأكدت ان البلاد "آمنة ومطمئنة اكثر من أي وقت مضى". ونصحت السفارة في بيان امس رعاياها باتخاذ "اقصى درجات الحيطة والحذر وتجنب مواقع التجمعات". وأعربت عن تقديرها للمساندة القوية التي قدمتها السلطات السودانية في مجابهة التهديدات التي تتعرض لها المصالح الاميركية في الخرطوم.