بعد مخاض عسير، ولدت حكومة احمد قريع ابو علاء بملامح مشابهة الى حد كبير بسابقاتها من الحكومات التي شكلها الرئيس ياسر عرفات. وأعلن "ابو علاء" في ختام اجتماع للجنة المركزية لحركة "فتح"، وآخر منفرد مع عرفات، انه اتفق مع الرئيس على تشكيلة الحكومة المكونة من 24 وزيراً. واضاف: "أنهينا مع الرئيس عرفات الصيغة لتشكيل الحكومة، وسنطلب من رئيس المجلس التشريعي عقد جلسة الاربعاء لطرح الثقة في الحكومة". لكن الجديد الذي اعلنه "ابو علاء" ان اللواء نصر يوسف، مرشحه لمنصب وزير الداخلية، اعتذر عن عدم تولي حقيبة الداخلية او المشاركة في الحكومة. كما اعلن انه تم ارجاء البحث في مسألة نواب رئيس الوزراء الاربعة الى اجل غير مسمى، في حين تم "الاتفاق على صيغة توحيد عمل واداء الاجهزة الامنية بقيادة الاخ الرئيس تضمن الايفاء بكل التزاماتنا". وقالت مصادر ل"الحياة" ان اعلان "ابو علاء" اعتذار يوسف كان حفاظاً على ماء الوجه وتعبيرا غير معلن عن اصرار عرفات على رفض تولي اللواء يوسف حقيبة الداخلية او أي حقيبة اخرى، وتحسباً لأن يتكرر ما حصل في حكومة محمود عباس ابو مازن في شأن الحقيبة التي تولاها هو نفسه واوكل مهماتها لاحقاً الى وزير الشؤون الامنية محمد دحلان. وأضافت المصادر ان وزير الداخلية الجديد حكم بلعاوي سيتولى المهمات المدنية في الوزراة الى جانب الاشراف على الاجهزة الامنية والشرطية الثلاثة التابعة للوزارة، وهي الامن الداخلي الوقائي سابقاً والشرطة والدفاع المدني. وستظل الاجهزة الاخرى المتمثلة في الامن العام والمخابرات العامة والاستخبارات العسكرية والشرطة البحرية وامن الرئاسة تحت امرة الرئيس عرفات ومن خلال مجلس الامن القومي. وفتح الاتفاق بين عرفات و"ابو علاء" الطريق امام الاخير ليعرض حكومته على المجلس التشريعي لنيل الثقة الاربعاء كما اعلن امس. ويظهر من التشكيلة ان سبعة وزراء من حكومة "ابو علاء" المقلصة التي انتهت ولايتها في الرابع من الجاري، سيحتفظون بحقائبهم كما هي، في حين خرج منها للمرة الاولى ياسر عبد ربه. وسينضم الى الحكومة ثمانية وزراء جدد، بينهم ستة من حركة "فتح" ووزيرة تمثل حزب "فدا" هي زهيرة كمال، وثامن من جبهة النضال الشعبي. من جهة اخرى، اعتبرت أوساط سياسية اسرائىلية ما وصفته ابقاء الصلاحيات عن الاجهزة الأمنية الفلسطينية في يد الرئيس عرفات "تطوراً سلبياً للغاية"، يحتم على صناع القرار في تل ابيب اعادة النظر في كيفية التعامل مع حكومة قريع وبالتنسيق مع الادارة الاميركية. وتابعت ان وزير الدفاع شاؤول موفاز الذي غادر ليل أمس الى واشنطن سيبحث في التطورات على الساحة الفلسطينية مع نظيره الاميركي دونالد رامسفيلد ونائب الرئيس ديك تشيني ومستشارة الأمن القومي في البيت الأبيض كوندوليزا رايس. ونقلت تقارير صحافية عن موفاز انه بعث برسالة الى الفلسطينيين تقول ان اسرائيل ستتعاطى مع حكومة أبو علاء على غرار تعاملها مع حكومة محمود عباس أبو مازن وتطرح عليها المطالب ذاتها، لكنها ستكون اكثر اصراراً وحزماً على ضرورة قيام الحكومة الجديدة "بمعالجة قواعد الارهاب". وكتبت صحيفة "يديعوت احرونوت" ان "أبو علاء" خضع لعرفات "بعدما أبقى تحت سلطته أجهزة الأمن الفلسطينية"، ليثبت مجدداً من هو "صاحب القرار في السلطة الفلسطينية ويفرض ارادته". وتابعت ان الرئيس الفلسطيني التف على "خريطة الطريق" والمطالب الاميركية والاسرائيلية بنقل صلاحيات الاجهزة الأمنية الى الحكومة الجديدة.