بخلاف ما هو معتقد، يقضي الكثير من الشبان السعوديين فترة الصيف في المملكة، وقسم كبير من هؤلاء يفضل الدراسة على الترفيه، سواء لاستلحاق تأخير في بعض المواد، أو للانتهاء سريعاً من الدراسة عموماً. ولكن هذا لا يمنع بعضهم من الإقرار بأن لا بد للطالب، كما غيره، من التمتع بقسط من الراحة خلال العطل. "الحياة" سألت طلاب جامعة الملك سعود في الرياض عن الموضوع. في موسم الصيف، تكثر في المملكة العربية السعودية الدورات العلمية والشرعية والثقافية. وتنظم وزارة التربية والتعليم وكذلك المؤسسات الخيرية والشركات، دوراتها ومهرجاناتها الخاصة في معظم مناطق البلاد، فضلاً عن الدورات الشرعية التي تقيمها بعض المساجد. وذلك ليس لتمضية الوقت، بل لتوفير فرص الإفادة من أيام الصيف ولياليه، ولتأمين الجو المناسب للشباب الذين لم يتمكنوا من السفر للعطلة إلى الخارج، بل أيضاً لحضهم على عدم السفر واستغلال الوقت في ما يفيد. وتتنوع النشاطات في الدورات والمهرجانات بين المحاضرات الدينية والمسابقات الثقافية والرياضية والترفيهية. والواضح أن هذه النشاطات بدأت تستقطب الكثير من الشباب السعودي المعروف بميله إلى الاستجمام والسفر إلى الخارج. ولكن الأكثر إثارة للانتباه، هو تزايد عدد الشباب الذين يعقدون العزم على تحمل الطقس الحار لمواصلة الدراسة، عبر التسجيل في الدورات الدراسية الصيفية. بعض الذين قرروا متابعة الدراسة في الصيف، يربطون ذلك بالرغبة في تعويض تأخير في الدراسة. من هؤلاء علي حسن المحسن، سنة ثانية علوم إدارية، الذي يقول: "أخذت الدراسة الصيفية لأنني متأخر بعض الشيء في وقتي الأصلي إذ اضطرتني بعض الظروف العائلية إلى حذف فصل دراسي كامل. وفي تسجيلي للدراسة الصيفية، أرمي إلى أن أستدرك ما فاتني من وقت، وأعتقد أنه الوقت المناسب للتعويض عما فاتني". وفي السياق عينه، يقول عبدالرحمن السالم طالب في كلية الهندسة: "رسبت ببعض المواد في الفصل الأخير مما أحدث اضطراباً في جدولي. ولذا أريد الآن أن أنجح في هذه المواد حتى يستقر الجدول. حقاً ما كنت أجرؤ على تحمل حرارة الصيف لولا نكسة رسوبي". ويضيف: "أرى أن الرسوب هو عامل مهم في تسجيل الطلاب للصيفي، وأنا منهم. وإن شاء الله سننجح في هذه المواد، ولا نرسب فيها مرة ثانية". أما زميله محماس فيصل العتيبي، سنة أخيرة هندسة، لم يستطع التخرج هذا العام، فيقول: "سجلت للصيفي لأن هنالك مادة واحدة بقيت عندي، وأريد التخلص منها في الصيفي لكي أتخرج". ويؤكد العتيبي أن سبب بقائه في الجامعة صيفاً ليس بسبب الرسوب: "أنا لم أرسب في أي مادة، إلا أنني أجّلت هذه المادة إلى الفصل الصيفي لصعوبتها". ويقول نواف الزميع سنة رابعة آداب: "أدرس الصيفي لأن لدي رغبة في أخذ المواد النظرية في الصيف، ودراسة المواد العملية في الفصل العادي. وذلك من مبدأ تخفيف الضغط الناجم عن دراسة مواد نظرية وتطبيقية في فصل واحد". ويزيد: "ربما يستصعب بعض الناس دراسة الصيف ولكن ما دام أنها تتطابق مع برامجي فأنا لا أرى أي مشكلة فيها". وينفي الزميع أن يكون عاطلاً من العمل ويستفيد من الصيفي لسد أوقات الفراغ. وثمة من يلجأ إلى الدراسة الصيفية للانتهاء بسرعة من الدراسة عموماً. ويقول أحد الطلاب في هذا السياق: "هذا الصيف ليس الأول الذي أسجل فيه لدراسة صيفية، بل سبق وأن سجلت لصيفين آخرين، لأنني جئت من مدينة الدمام وأريد التخلص من معانات الاغتراب والعودة إلى أهلي بسرعة". ويعتقد الطالب نفسه أن الدراسة الصيفية فرصة، خصوصاً أنها غير متوافرة في كل جامعات المملكة. وللتأكيد على جدوى تلك الدراسة، يشير إلى أن "هناك مرونة في برنامجها، والأساتذة لطيفون أيضاً، ولذلك قد يستطيع الطالب رفع معدله التراكمي بسهولة. ويوافق على هذا الرأي الطالب هادي عواد العنزي، سنة رابعة أدب إنكليزي: السبب في ذلك أن المواد قليلة، وسيكون في إمكان الطالب مراجعتها بكل يسر، وهذا لا يتوافر للطالب في أيام الدراسة العادية". ويضيف العنزي "إن جو الكليات هادئ جداً، وليس هناك ضغط أو زحمة في القاعات، وما عليك إلا الجهد والمثابرة للحصول على أكبر قدر ممكن من الدرجات". غير أن بعضهم لا يعتقد بفاعلية الدراسة الصيفية. من هؤلاء، إسماعيل العمري، سنة ثالثة في كلية الصيدلة، الذي يرى أن الطلاب الذين يسجلون صيفاً لرفع معدلاتهم لا يحققون بُغيتهم كما يريدونها. ويقول إسماعيل: "لا نستطيع أن نسلم بأن الذين يدرسون الصيف يريدون رفع معدلاتهم، إذ يوجد طلاب ليس لديهم أي مشكلة في المعدل، ومع ذلك يأخذون الصيفي رغبة منهم باقتطاع شيء من ساعات العام المقبل، وهذا بالضبط ما أفعله الآن". ويضيف: "موضوع رفع المعدل نسبي، ومتابعة الدراسة الصيفية تنتج عن قناعة بأنها استثمار للوقت". وهذا الاستثمار للوقت هو ما يفعله الطالب عبدالرحمن شريف، سنة أخيرة في كلية التربية، وهو وافد من أثيوبيا: "ما كنت لأفكر في دراسة صيفية، إلا أنها فرضت نفسها علي، فلي موعد بعد شهر مع المستشفى الجامعي حيث ستجرى لي جراحة". بين هذا وذاك، ثمة من يأتي إلى الدراسة الصيفية، ثم يغير رأيه بعد فترة قصيرة. "يكتشفون فجأة أنهم لا يطيقون مواصلة الدراسة"، يقول فيصل بن سعود الهديب الطالب في كلية العلوم، ويضيف: "أعرف طلاباً حذفوا الدراسة الصيفية بعد أيام من تسجيلهم". "ولكن هؤلاء قليلون"، يستدرك. وعلى كل حال، ثمة من يتبع الدراسة كل صيف، لقناعته بأن "من طلب العلا سهر الليالي... وتحمل حرارة الصيف، كما برودة الشتاء". جامعة الملك سعود السعودية