يخشى خبراء من ان تتسبب تجارة الحيوانات البرية في الصين في تفشي موجة جديدة من مرض الالتهاب الرئوي الحاد سارز هذا الشتاء. ووسط رائحة الموت والتحلل الكريهة في سوق منطقة بايون في جنوبالصين يخوض تجار الحيوانات الغريبة، التي تحتل مكانة متقدمة في المطبخ الصيني، مساومات طويلة في شأن الاسعار مع زبائن يعمدون اثناء ذلك الى قرص وجنات اطفالهم او العبث بشعورهم. وفي ممرات ضيقة في السوق التي تضم مئات الحظائر القذرة يتكدس روث الحيوانات وبولها واحشاؤها وعلفها. وقالت السيدة هوانغ وهي تحمل ابنتها البالغة من العمر ثلاثة شهور على ظهرها في السوق: "ماذا هنالك لنخشى منه. نعمل ونعيش هنا لسنوات وليس لدينا اي مشاكل". وعلى بعد خطوات يقوم رجال بذبح كلب فيما يتحلق آخرون حول كلب ميت حيث يقومون بنزع شعره بأياديهم العارية. ويعتقد خبراء الفيروسات ان مثل هذه الاسواق في الصين والمزارع التي يعيش فيها الناس قريباً جداً من الحيوانات تعد بيئة خصبة للامراض والفيروسات. وحظرت الصين تجارة الحيوانات البرية واغلقت اسواقها في أيار مايو الماضي، في الوقت الذي توصل فيه العلماء في هونغ كونغ الى ان فيروسات في حيوانات غريبة من فصيلتي القطط والكلاب كانت تماثل تماماً فيروس سارز الذي اصاب اكثر من ثمانية الاف حول العالم وقتل منهم 700 شخص. وعزز هذا الاكتشاف من مصداقية تكهنات اشارت الى ان الفيروس الذي ظهر للمرة الاولى في تشرين الثاني نوفمبر الماضي في جنوبالصين ربما انتقل للانسان من الحيوانات. الا ان خبراء صينيين فشلوا في التأكد من صدق ذلك وحينئذ رفع الحظر على التجارة واعيد فتح الاسواق في آب أغسطس الماضي. وعادت القطط التي عثر فيها على الفيروس المشابه لفيروس سارز الى قوائم اطعمة المطاعم الصينية في غوانغدونغ التي تعد من اكثر اقاليم الصين رخاء. وكان طبيب من غوانغدونغ مصابا بالفيروس سافر الى هونغ كونغ المجاورة وهو احد مئات الالاف الذين يعبرون الحدود يومياً. ومن هونغ كونغ حمل زائرون سارز الى اكثر من 30 دولة حول العالم. وتعرضت بكين لانتقادات دولية حادة بعدما حاولت اخفاء تفشي الفيروس، غير انها سرعان ما امرت بفحص جميع الحيوانات البرية التي يتناول الناس لحومها خشية اصابتها بالمرض. الا ان كثيراً من الحيوانات في سوق بايون فقدت اطرافها وهو مؤشر واضح على انه جرى اصطيادها من الاحراش البرية. وتركت تلك الحيوانات تنزف ووضعت في حظائر صغيرة جداً ومكدسة للغاية بحيث لا تستطيع ان تتحرك واصيب الكثير منها بالعدوى وبقى بالكاد على قيد الحياة. وما زال تجار الحيوانات يرفضون ما قد يقوله الخبراء في شأن اصل سارز. وقال يانغ دونغ 25 عاماً الذي يعمل في تجارة الحيوانات البرية منذ ترك المدرسة الثانوية: "لا علاقة لسارز بالسنور او اي حيوان يباع هنا.. لم اصب ابداً. وانا آكل السنور طوال الوقت". الا ان دراسة اخيرة كشفت ان 13 في المئة من تجار الحيوانات تعرضوا للفيروس. ومع ذلك يعتقد قليل من الاطباء ان تلك التجارة يمكن ان تختفي. فالطلب يزيد في الشتاء خصوصاً حيث يعتقد الصينيون ان لحوم الحيوانات البرية تساعد في تدفئة الجسم.