يوم اختيرت الإعلامية شدا عمر لتقديم برنامج "الحدث" على شاشة LBC راهن كثر على فشلها وبالتالي فشل البرنامج، إذ اعتبر هؤلاء ان صاحبة الوجه الطفولي الآتية من عالم تقديم نشرات الأخبار وبعض التجارب المحدودة في تقديم البرامج السياسية، غير مؤهلة بعد لخوض غمار تقديم برنامج سخّرت له الفضائية اللبنانية الإمكانات اللازمة من إنتاج وإعداد وفريق عمل محترف ليخرج برنامجها السياسي المميز الذي يبث فضائياً بأبهى صورة ممكنة. فالحدث بالنسبة الى هؤلاء "اكبر من شدا"، و"الوقت كفيل بإثبات ذلك". اليوم وبعد انقضاء عامل كامل على انطلاقة هذا البرنامج جاءت النتيجة مغايرة لكل تلك التوقعات، إذ راحت الأنظار تتجه شيئاً فشيئاً نحو شدا بحضورها المتميز وثقافتها الواسعة. الوقت الذي راهن عليه البعض لتآكل رصيدها عزز موقعها اكثر فأكثر لا بل حول الوجه الطفولي الى وجه ناضج ينبض بالحيوية والثقة بالنفس، داحضة بذلك كل تلك الأقاويل وواضعة حداً للمشككين. وتقول شدا عمر في هذا الإطار "ردي هو البرنامج نفسه بعد عام على انطلاقته، ونحن نطمح الى تطويره باستمرار ليواكب "الحدث" كل اسبوع ويحيطه بأفضل طريقة ممكنة، بالطبع البداية تعتبر صعبة ولكن الأصعب هو الاستمرار والتطلع دائماً نحو الأفضل". كسبت الرهان والحقيقة انه لم تمض فترة على انطلاقة "الحدث" حتى كانت شدا كسبت الرهان حاجزة لنفسها مقعداً متميزاً في الصفوف الأمامية لمقدمي البرامج السياسية في لبنان الأمر الذي زاد الأقاويل خصوصاً ما أُشيع عن انها "أخذت من طريق" زملاء لها في LBC لم ينالوا الفرصة نفسها على رغم اقدميتهم في المجال الإعلامي. عن هذا تقول شدا: بدأت في LBC عام 1997 اي انني هنا منذ ستة اعوام وهي فترة ليست وجيزة، والمؤسسة تعطي الفرص للجميع، كل بحسب اختصاصه، وهذا هو العامل الرئيس لوصولي الى هذه المرحلة، اضافة بالطبع الى تقديمي الأخبار منذ اكثر من عشرة اعوام وبرنامج "بصراحة" على NTV ما بين عامي 1994 و1996 والفقرة السياسية في "نهاركم سعيد" على LBC ما بين عامي 1998 و2002. والLBC تعطي الفرص للجميع وأساساً الطموح مشروع في الحياة ومن المؤكد ان الوقت والمثابرة سيوصلان كل ساع الى هدفه". وإذا كان "الحدث" احتل في سنته الأولى موقعاً متقدماً بين البرامج السياسية في العالم العربي، فأين تجد شدا عمر موقعها بين الأسماء الثلاثة: عماد الدين اديب، مارسيل غانم وجيزيل خوري؟ تجيب: "عماد الدين اديب صاحب حضور متميز ومحبب وثقافة واسعة وخبرة كبيرة وشمولية لافتة، ومارسيل غانم يوازن بين الشكل والمضمون، سريع البديهة، مثقف، ذكي، حيوي ومحبوب. وبدورها جيزيل خوري نجحت حيث فشل كثيرون وهذه علامة عن مثابرتها هذا عدا عن الخبرة الطويلة والحضور المميز. اما انا فأترك للآخرين الحكم عليّ. لكن مجرد ذكر اسمي بين هذه الأسماء هو مديح كبير لي قد لا أستحقه". منافسة مشروعة إذا عرفنا حجم المخاطرة التي وُضعت فيها شدا حينما قبلت هذا التحدي ندرك حتماً ان نجاح البرنامج والأهم نجاح شدا، لم يكونا وليدي الصدفة ولا كانا ضرباً من ضروب الحظ، لا بل على العكس كانا ثمرة جهد كبير وشغل متواصل على الذات طوال فترة عملها الإعلامي منذ ظهورها للمرة الأولى على الشاشة الصغيرة من خلال NTV المعروفة بالتزامها خطاً سياسياً معيناً الى حين إقفالها وانتقال شدا الى LBC. فهل كانت النقلة ايماناً منها بالخط السياسي الذي تنتهجه المؤسسة اللبنانية للإرسال ام لمجرد تأمين عمل بديل؟ "أساساً لم أكن ملتزمة بخط NTV السياسي". تقول شدا وتتابع: "عند انتقالي عام 1997 الى LBC عملت في الأخبار الفضائية التي تغطي بموضوعية وشمول الأحداث العربية والعالمية، اما بالنسبة الى الخط السياسي الذي تتبعه LBC فهو الموضوعية الصحافية. وهذا ما لمسته منذ انضمامي الى هذه المؤسسة، وما تأكدت منه مع مرور السنوات". وبسؤالها عن امكان تركها للLBC خصوصاً مع بروز ظاهرة اجتياح المقدمين اللبنانيين الفضائيات العربية، تجيب شدا قائلة: "انا حالياً على شاشة فضائية عربية متميزة وهي الأفضل بالنسبة الى كثر بينهم انا. اما عن اجتياح المقدمين اللبنانيين الفضائيات العربية فهذا امر يدعو للفخر والاعتزاز. وفي النهاية طالما كان اللبناني رائداً في الصحافة المكتوبة، وهذا انسحب على الإعلام المسموع ومن ثم المرئي... الآن". المرأة والإعلام السياسي وبموازاة اجتياح الإعلاميين اللبنانيين الفضائيات العربية، اجتياح من نوع آخر برز في السنوات الأخيرة ألا وهو غزو العنصر الأنثوي تقديم البرامج السياسية بعدما كانت لفترة طويلة في عالمنا العربي حكراً على الرجال. إلا انه وعلى رغم النجاحات وتوسع ظاهرة مقدمات البرامج السياسية لا يزال العقل العربي يرفض ذلك أو لا يرتاح إليه فما رأي شدا؟: "اعتقد ان الواقع يرد على هؤلاء المشككين، فالإعلاميات في الغرب كما في عالمنا العربي يوازين الرجل لا بل تخطينه، وأعتقد ان في هذا المجال حتماً لا تمييز بين الرجل والمرأة، فميزة الصحافي الأولى هي "الحشرية" ومن ثم الشمولية وأظن ان المرأة تسبق الرجل في هاتين الميزتين، هذا طبعاً مع جزيل احترامي لزملائي الإعلاميين الرجال". من نشرات الأخبار الى البرامج السياسية مسيرة حافلة بتحديات لا تخلو من طعم اللذة، "فالأخبار حيوية وسريعة، تقول شدا، والبرنامج السياسي عميق وشامل من هنا لكل عمل تحدياته ولذته. في الأخبار نتابع الأحداث ساعة بساعة ولحظة بلحظة لنعود ونغوص فيها في البرنامج السياسي تفصيلاً مرة في الأسبوع. إذاً وجودي في الأخبار يساعدني جداً للتحضير لبرنامج "الحدث" الذي يزودني بدوره بدفع لعيش الأخبار في ادق تفاصيلها". وهل العمل الإعلامي ايضاً محطة باتجاه مجالات اخرى؟: "إذا كنت تعنين السياسة، تجيب شدا، فهي لا تستهويني - أقله حالياً - وأنا اعتبر ان العمل الإعلامي هو من اسمى الأعمال وأكثرها تشويقاً. وفي النهاية يبقى هدفنا كإعلاميين ان نصل الى يوم نقول فيه الحقيقة في عالمنا العربي كل الحقيقة مهما كانت مؤلمة".