يستضيف المغرب اليوم، وعلى مدى يومين، مؤتمراً وزارياً يضم عشر دول من غرب البحر الأبيض المتوسط يُعرف باسم "خمسة زائد خمسة"، سيبحث في موضوع التعاون الاقليمي في مجال محاربة الارهاب والهجرة غير المشروعة والجريمة المنظَّمة. وكان الاجتماع تقرّر عقب صدور قرار من القمة الاوروبية في بروكسيل، نهاية الأسبوع الماضي، يدعو الى زيادة التعاون مع دول جنوب المتوسط في مجالي الارهاب والهجرة، وإثر اجتماع لوزراء الداخلية من خمس دول اوروبية، منها بريطانيا بصفتها تحتل جبل طارق، أول من أمس في باريس، لتنسيق الجهود بهدف إقامة منطقة خالية من الارهاب والجريمة على الضفتين الشمالية والجنوبية من البحر الأبيض المتوسط. ويُنتظر ان يشارك في مؤتمر الرباط وزراء الداخلية أو من يمثّلهم من كل من فرنساواسبانياوايطاليا والبرتغال ومالطا، ومن الجنوب وزراء أو من يمثّلهم من المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا وليبيا. ويمهّد اجتماع الرباط لقمة يجري الإعداد لها في تونس في كانون الأول ديسمبر المقبل، يحضرها رؤساء الدول العشر. وتختلف المجموعتان الشمالية والجنوبية في شأن سبل التعاطي مع موضوع الهجرة غير المشروعة، حيث تطالب دول مثل اسبانيا بربط التعاون في شأنها بحجم الدعم الاوروبي المقدّم في اطار "ميدا 3"، فيما تطالب دول مثل المغرب وتونس والجزائر، بالبحث في الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تقف وراء الهجرة السرية، ومعاقبة العصابات الاوروبية والمحلية التي تتاجر بتهريب الأشخاص في "قوارب الموت" عبر البحر الأبيض المتوسط. وسيُثير المغرب، الذي كان صادق برلمانه على قانون عن الهجرة، مسألة هجرة الأفارقة جنوب الصحراء، الذين تتحمل الدولة تكاليف كبيرة لإعادة بعضهم الى بلادهم. ويقضي هؤلاء أسابيع عدة وأحياناً شهوراً مشياً على الأقدام من مناطقهم في وسط أفريقيا الى ضفاف البحر المتوسط، عبر الحدود الجزائرية - المغربية المغلقة بين البلدين منذ تسعة أعوام. ويطالب المغرب بدعم اوروبي لمراقبة سواحله التي تمتد على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي من أجل وقف تدفق المهاجرين الأفارقة نحو اوروبا. ويُجري المغرب حالياً اتصالات مع شركة "آر إس إل" البريطانية لشراء ثلاثة أجهزة رادار من طراز "إم إس إس آر" لمراقبة الشواطئ المغربية في مجالي الملاحة الجوية وحركة البواخر على الشواطئ. وتبلغ قيمة الصفقة 80 مليون درهم. يُشار إلى ان نحو الفي شخص لقوا حتفهم في السنوات الأخيرة، في محاولتهم العبور الى الضفة الأخرى من البحر المتوسط، انطلاقاً من سواحل المغرب نحو اسبانيا وسواحل تونس نحو ايطاليا. وتسعى فرنسا، التي كان رئيسها جاك شيراك أثار موضوع الهجرة خلال زيارته الأخيرة للمغرب، إلى تبني موقفاً وسطاً بين المتشدّدين اسبانياوايطاليا وبين مواقف دول المغرب العربي التي ترغب في إضفاء بعض المرونة على موضوع الهجرة، عن طريق تبني صيغة اقتصادية ومالية لمواجهتها، خصوصاً في المناطق قليلة الموارد وفرص العمل. وتعتقد باريس ان التعاون في موضوع الهجرة غير الشرعية يجب ان يقترن أيضاً بالتعاون في المجالين التنموي والاقتصادي, خصوصاً في المناطق الحدودية. وتدعم فرنسا توجهاً مغاربياً لتخصيص مساعدات إضافية للتغلب على موضوع الهجرة، ومعالجة الحالات التي تستوفي شروط منح بطاقة الإقامة، وتسهيل دمج المهاجرين في بلدان المهجر. ويعيش في دول الاتحاد الاوروبي نحو خمسة ملايين شخص يتحدرون من دول شمال أفريقيا، نصفهم في فرنسا، فيما يتوزع النصف الآخر بين دول البنلوكس هولندا، بلجيكا ولوكسمبورغ وايطالياواسبانيا وألمانيا وبريطانيا. وتشكّل تحويلات المهاجرين، وفقاً لتقرير صدر الصيف الماضي عن البنك الدولي، أهم مصادر العملات الصعبة في بعض الدول العربية، منها المغرب، تونسالأردن، لبنان ومصر. ويحوّل المهاجرون نحو 10 بلايين دولار سنوياً الى دولهم الأصلية. وتقترح دول المغرب العربي صيغة لإضفاء الشرعية على هجرة اليد العاملة التي تحتاجها الشركات والمصانع الاوروبية عشية توسيع الاتحاد الى دول شرق اوروبا 10 دول، تشمل إصدار عقود عمل موقّعة من الجهات القنصلية، مع تسهيل اجراءات منح التأشيرة للراغبين في السفر والسياحة والعلاج. وتبدي دول المغرب العربي تخوفاً من أن يؤدي توسيع الاتحاد الى التضحية بمصالح اوروبا في جنوب البحر المتوسط، وهو الموقف الذي تدعمه باريس. وكانت الهجرة نحو اوروبا تُعتبر متنفساً لعشرات الآلاف من الشباب الباحثين عن فرص عمل في دول الاتحاد. لكن التشدد المعتمد في منح التأشيرة منذ "معاهدة شينغن" هولندا عام 1993، دفع بعض المغامرين الى البحث عن صيغ جديدة يقترحها عليهم تجار اوروبيون في الهجرة السرية تؤدي في الغالب الى نهايات مأسوية.