صدر عن قمة "منظمة المؤتمر الإسلامي" التي عقدت في ماليزيا البيان الختامي الذي شدد على أن العالم الإسلامي في حاجة "إلى تدعيم التزامه وتفاعله مع سائر الثقافات والحضارات". وأكد البيان تمسك قادة الدول الإسلامية بميثاق المنظمة، وشدد على ضرورة تقديم المساعدات إلى الدول المحتاجة، ودعا إلى تضامن الدول الأعضاء في المنظمة وتفعيل دورها على الصعد كافة. واقترح برنامج عمل للحوار بين المسلمين وسائر الثقافات خصوصاً الغربية. وهنا أهم فقرات البيان: "نحن ملوك ورؤساء دول ورؤساء حكومات البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي المجتمعين في الدورة العاشرة لمؤتمر القمة الإسلامي في مدينة بوتراجايا في ماليزيا من 16 إلى 18 تشرين الأول اكتوبر 2003، نؤكد ايماننا الكامل والثابت بمقاصد وأهداف ومبادئ المنظمة وتمسّكنا بها، ... ونرقب بمشاعر القلق الحال التي تمر بها الدول الإسلامية في عالم اليوم، عاقدين العزم على بذل أقصى الجهود من أجل الارتقاء بدورنا وتعزيز تأثيرنا في الساحة الدولية، بما يتناسب وقوتنا العددية، ومواردنا البشرية والطبيعية الزاخرة، واسهاماتنا المتميزة في سبيل تحقيق السلم والأمن الدوليين. إننا ندرك أن العالم الإسلامي بحاجة ماسة إلى تدعيم التزامه وتفاعله مع سائر الثقافات والحضارات، بما فيها الغرب، وأخذ زمام المبادرة بغية تشجيع الحوار البناء والتفاهم المتبادل معها، وبخاصة في سياق ما يُبذل من جهود على الصعيد العالمي من أجل مكافحة الإرهاب. ونؤكد أنه فقط من خلال تضافر الجهود وارساء قواعد الحكم الرشيد، وتوطيد أركان الوحدة والتضامن، وتحقيق التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي، سنتمكن من إعلاء مكانتنا ورفعة شأننا، وحفظ كرامتنا ومصداقيتنا في أنظار الجماعة الدولية. إننا ندرك مدى احتياج العديد من الدول الافريقية الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي إلى المساعدات الانمائية، بما فيها الدول الافريقية الأعضاء، ونقر بما يلزم الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي من مجموعة أقل البلدان نمواً من احتياجات ماسة. كذلك فإننا ندرك مدى حاجة الدول الأعضاء التي تمر بمرحلة ما بعد النزاعات إلى إعمار بلدانها وإعادة تأهيل بنيتها الأساسية. ونؤكد يقيننا بأن الأمة الإسلامية قادرة على أن تقدم اسهامات قيّمة من أجل تنمية المجتمع الإنساني. ومن ثم، فإننا نوقف انفسنا وحكوماتنا ومؤسساتنا على تحقيق أهداف المنظمة ومقاصدها من خلال التعاون البناء وتضافر الجهود في شتى المجالات وتحديداً في الميادين الاستراتيجية الآتية: إننا نسترشد بالاسهامات الجليلة التي قدمها علماء الإسلام في سالف العهد، ونؤمن ايماناً راسخاً مما للمعرفة من أهمية بالغة في تقدم المجتمع الإنساني، ونؤكد أهمية القيم الأخلاقية والفضائل الحميدة باعتبارها مرتكزات ضرورية للمعرفة. الوحدة والكرامة نؤكد، مجدداً، أهمية وحدة الدول الأعضاء في المنظمة وتضامنها والتزامها بإحياء المنظمة وتفعيل دورها، وبالأخص في ظل التحديات الجديدة التي تواجهها. ولسوف نبذل قصارى جهودنا لتعزيز وحدتنا وتضامننا بوصفنا أمة واحدة ذات قيم مشتركة، ونركز على العوامل التي توحد بيننا، ونحافظ على معتقداتنا ونصون مبادئنا في سبيل الدفاع عن كرامة ديننا وأمتنا. ونحن على علم تام بالدور الحقيقي الذي ينهض به الاسلام في تعزيز كرامة المرأة ودورها في المجتمع. ومن ثم، فإنه ينبغي لسياساتنا وأفعالنا ان تؤكد على حقوقها، ومكانتها وكرامتها في المجتمع، كما حض على ذلك ديننا الحنيف. تفعيل منظمة المؤتمر الاسلامي اننا ندرك أن التحدي الذي نواجهه يتمثل في كفالة فعالية المنظمة وجدواها بالنسبة للدول الأعضاء فيها في سياق الوقائع والحقائق الراهنة، آخذين بعين الاعتبار حال عالمنا التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم. ونحن متفقون جميعاً على ضرورة إعادة هيكلة المنظمة وتدعيمها وذلك بناء على مراجعة موضوعية وتقويمية لدورها، وبنيتها، ومنهجيتها، ونهجها في صنع القرار، علاوة على شراكاتها الاستراتيجية على الصعيد العالمي. ونحن متفقون أيضاً على ضرورة التزامنا بتطبيق قراراتنا ومقرراتنا وترجمتها على أرض الواقع أفعالاً ملموسة. العلم والتكنولوجيا اننا ندرك ما ينهض به العلم والتكنولوجيا من دور ريادي في تقدم الأمة ورقيها، ونقر بالحاجة الماسة الى تضييق الهوة العلمية والتكنولوجية في ما بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي، وبين العالم الاسلامي والعالم الصناعي المتقدم. وفي عزمنا أن تتقاسم الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي المعارف، وبما فيها الاسترايتجيات الكفيلة بتمكيننا من الانتفاع بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عملية التنمية. تعزيز التجارة والتعاون الاقتصادي نؤكد رغبتنا الوطيدة في زيادة نصيبنا من التجارة العالمية سواء في ما بين الدول الأعضاء في المنظمة أو مع الدول الأخرى. نوقن بأن الترتيبات الخاصة بالمدفوعات التجارية بالذهب GTPA يمكن أن تكون أداة فاعلة في تعزيز التجارة، وتدعيم علاقات العمل في ما بين المصارف، وتعظيم التعاون والتكامل في ما بين دول منظمة المؤتمر الاسلامي. خطة العمل في اطار جهودنا نحو تحقيق وبلورة الأهداف سالفة الذكر، فإن الدول الأعضاء في المنظمة اتفقت على تطبيق الآتي: أ اجراء استعراض وتحليل لمواقف المنظمة من القضايا الدولية، ووضع الاستراتيجيات المناسبة سعياً الى تحقيق وحدة الأمة الاسلامية وتماسكها وتأكيد تضامن الدول الأعضاء في المنظمة، خصوصاً في المحافل الدولية، على أن تتولى الرئاسة الثلاثية لقمة منظمة المؤتمر الاسلامي، بالتعاون مع أصدقاء الرئاسة وضع اللبنات الأولى لهذا الاستعراض. ب تعزيز الحوار في ما بين المسلمين، خصوصاً بين العلماء، والمثقفين، والفقهاء، وصانعي السياسات، والاستفادة من المؤسسات الاسلامية القائمة، بما يُسهم في تحقيق تفاهم أفضل والتقليل من الخلافات الموجودة بيننا، ودعم وحدتنا وتعزيز لحمتنا كأمة واحدة. ج اقامة حوار مع سائر الثقافات والحضارات، بما فيها الغرب، والمؤسسات العالمية والاقليمية الأخرى، وذلك من أجل إرساء مبادئ الوسطية المستنيرة. د استكمال المهمة التي يضطلع بها فريق الخبراء الاستشاريين بشأن الاستعراض الشامل الجاري للأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الاسلامي، من أجل اصلاح بنيتها. وهذا الاستعراض الذي سينظر فيه وزراء الخارجية إبان مؤتمرهم الاسلامي المقبل يجب أن يتناول القضايا ذات الصلة بميثاق منظمة المؤتمر الاسلامي، بما فيها مسألة الشراكات الاستراتيجية العالمية. ه- تشكيل فريق بحث لاقتراح السبل الكفيلة بتحقيق اسهام التربية الاسلامية في تعزيز قيم السلم، والتفاهم، والتسامح، والتنمية الاقتصادية والتحديث، بما في ذلك النهوض بدور المرأة في التنمية الاقتصادية. و- اقامة اتصالات وتفاعلات منسقة ومركزة بصورة منتظمة، وتبادل الآراء والأفكار بين العلماء المسلمين، ورجال الاعمال، وأصحاب المشاريع الحرة، ورجال الصناعة، وصناع السياسات حول القضايا التي تعني الأمة الاسلامية في مجالات الاقتصاد. ز- تنمية العلم والتكنولوجيا بين الدول الاعضاء في المنظمة وذلك من خلال عقد مؤتمرات دورية تضم العلماء والمهندسين والمخترعين والتقنيين المسلمين بهدف تبادل وجهات النظر والخبرات البحثية في ما بينهم، وتشجيع نشاطاتهم من خلال انشاء صندوق خاص لمنظمة المؤتمر الاسلامي ووضع نظام جوائز ملائم . ح- اتخاذ ما يلزم من تدابير من أجل معالجة القضايا المتصلة بالبيئة والتي تمثل أهمية قصوى لبقاء البشرية. ط- انشاء برامج من أجل ارساء قواعد التعاون والتكاتف بين الدول الاعضاء في المنظمة بخصوص نشر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من اجل تحقيق التنمية القائمة على مبدأ "الشراكة الذكية" فيما بين الحكومات والمجتمعات المحلية والقطاع الخاص، وتشجيع الدول الاعضاء في المنظمة على الاسهام بشكل طوعي، في تمويل صندوق التضامن الرقمي المقترح انشاؤه في اطار منظمة المؤتمر الاسلامي. ي- تطوير الآليات القائمة بغية مساعدة الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي التي تمر بمرحلة ما بعد النزاعات. ك- اتخاذ تدابير عملية من أجل تشجيع التجارة والاستثمار من خلال تبادل قواعد المعلومات، واقامة صلات في مجال الخدمات المالية، وتشجيع النقل الجوي والبحري بين الدول الاعضاء في المنظمة، وفتح الباب أمام وصول منتوجات أكثر دول المنظمة فقراً الى الأسواق. ل- اعتبار مقترح "الترتيبات الخاصة بالمدفوعات التجارية بالذهب" فيما بين الدول الأعضاء آلية بديلة في التجارة الدولية،. نحن ملوك ورؤساء دول ورؤساء حكومات البلدان الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي المشاركين في الدورة ، انطلاقاً من ادراكنا للتحديات الجمة التي تواجهها منظمة المؤتمر الاسلامي، والفرص المتوافرة لديها، والتزاماً منا بتنفيذ خطة العمل سالفة الذكر، فقد عقدنا العزم على بذل أقصى الجهد في سبيل تقوية روابط وحدتنا، وتعزيز اتحادنا وتماسكنا وتعميق وتوسيع مجالات تعاوننا في كل الميادين، وعلى ان نعمل معاً لكي نتجنب التهميش، ونؤكد مشاركتنا الفعالة في عملية صنع القرار على المستوى الدولي. ومن أجل هذا، سوف لن نألو وسعاً من اجل شحذ ارادتنا السياسية لكي نجسد الأقوال المرسلة في أفعال ملموسة. وسنسعى الى تقوية قدراتنا الوطنية، وتمتين صمودنا، وتطوير تعاوننا وتكثيف جهودنا المشتركة، وسوف لا ندخر جهداً من اجل تعزيز مبدأ تعددية الأطراف وسيادة قواعد القانون الدولي ومبادئه، ومحورية دور الأممالمتحدة وحتميته".