تعرض الصحف اليومية الأردنية اعلانات ملونة وملفتة حول "اكتشاف سحر البتراء" في أول حملة وطنية من نوعها تتميز بعروض وأسعار مغرية ومدعومة لتشجيع الأردنيين للإقامة في فنادق منطقة وادي موسى، موقع مدينة البتراء النبطية ومن أهم اماكن الجذب السياحي في الأردن. وبينما خيّم السكون على البتراء على خلفية الحرب الأخيرة في العراق، تعتزم وزارة السياحة الاردنية، بالتعاون مع "هيئة تنشيط السياحة"، تمديد هذه الحملة الداخلية التي اطلقتها في شهر آب اغسطس الماضي حتى نهاية العام الجاري. وتنظم الحملة لدعم فنادق البتراء من فئة النجمة الى خمس نجوم. وكانت فنادق البتراء خسرت نسبة كبيرة من مرتاديها الأجانب منذ اندلاع الانتفاضة في الأراضي الفلسطينية قبل حوالى ثلاثة اعوام وتفاقمت خسائرها مع الغاء الحجوزات نتيجة أحداث 11 أيلول سبتمبر عام 2001. وصرح مدير السياحة الداخلية في "هيئة تنشيط السياحة" ماهر قريوتي بأن الحملة تهدف لمعالجة الركود في منطقة وادي موسى وان الأسعار المطروحة في الصحف رمزية ومخفضة بأكثر من نصف قيمتها الحقيقية لتتلاءم مع كل مستويات الدخل الاردنية. وفي انشط المواسم السياحية، كانت مدينة البتراء المحفورة في الصخور الأثرية وتقع على بعد 262 كيلومتراً جنوب عمّان، تستقبل3500 زائر في اليوم، ولكن لم يتعد مجموع زائريها سوى العشرات في الأشهر الاولى بعد حرب العراق. ويضيف القريوتي ان هناك اقبالاً كبيراً على فنادق البتراء هذه الايام خصوصاً مع اقامة فعاليات مجانية متنوعة تتضمن حفلات يحييها مطربون أردنيون. ولقاء اقامة ليلتين مع وجبتين طعام ومواصلات مؤمنة، يدفع الشخص في فندق من فئة النجمة الواحدة مبلغ 10 دولارات خلال أيام الاسبوع، ويرتفع السعر الى أقل من 55 دولاراً عند الاقامة في فندق خمس نجوم. ورحب اصحاب الفنادق بهذه المبادرة، إلا أنهم اعتبروا ان اطلاقها كان متأخراً نسبياً، إذ تزامنت مع افتتاح المدارس وعودة الكثير من الأردنيين المغتربين الى دول اقامتهم. وقال مدير عام فندق "ماريوت البتراء" عماد زبورة: "كان من الممكن جذب عدد أكبر من الناس لو ان الحملة بدأت في اوائل اشهر الصيف. يصرف الاردنيون المغتربون أموالاً أكثر من السكان المحليين وكان من الممكن ان يستفيد قطاع الفنادق بوجودهم". وعلى حد قوله، تقتصر زيارة الأردنيين في نهاية الاسبوع وعلى العروض الخاصة وبعضهم غير مستعد ان ينفق الكثير من الاموال بسبب دخلهم المحدود. وحسب التصريحات الرسمية، لا يتجاوز معدل دخل الفرد 1500 دولار في العام. وساعدت الحملة في رفع نسبة اشغال الفندق الذي يديره زبورة بشكل محدود، بما يعادل خمس الى سبع غرف في اليوم. ومع اعلان الحملة، قام اصحاب الفنادق بتعبئة ثلاجاتهم بفاكهة ولحوم والاسماك المجمدة وشراء حتياجاتهم الاساسية من سكر ورز على حسب اعداد المجموعات السياحية المتوقعة. وساعدت هذه التهيئات بتحريك السوق العامة. وعيّن بعضهم موظفين بأجرة يومية للقيام بمهمات التنظيف بعدما اعطى الكثير منهم اجازات مفتوحة لموظفيهم في منطقة كانت الأكثر تضرراً بالنسبة الى فنادق المملكة. ولم يكن في وادي موسى سوى بعض الفنادق في عام 1994، السنة التي وقعت فيها الأردن اتفاقية السلام المعروفة ب"وادي عربة" مع اسرائيل. وعلى أثرها، ضخ الكثير من المستثمرين اموالهم في قطاع الفندقة في اماكن مختلفة داخل المملكة متوقعين تدفق آلاف السياح خصوصاً الى مدينة البتراء السياحية التي بناها الانباط قبل اكثر من الفي عام. ولكن عزوف معظم السياح الاجانب عن زيارة المنطقة وجه ضربة قاسية الى اصحاب الفنادق بسبب ديون متراكمة لبنوك محلية. واعتبر مدير عام فندق "غولدن تيولب - طريق الملوك" حنا صوالحة ان العروض الخاصة حفّزت الأردنيين على الحجز في فندقه وعلى رغم ان "اعداد القادمين ليست كبيرة ولكنها افضل من لا شيء". وستطلق "هيئة تنشيط السياحة" حملة مواكبة تستهدف طلاب المدارس لدعم السياحة في وادي موسى التي اصبح دخلها الأساسي مرتبطاً بالسياحة. أما في فندق "جنة البتراء" ذي فئة النجمة الواحدة، يعمل ثلاثة موظفين فقط بشكل دائم. وقال موظف استقبال الفندق سداد صابر انه متفائل بالحملة وزار الفندق خلال الشهر الماضي 12 شخصاً، اما خلال السنة لم تكن هناك سياحة "أبداً"، على حد تعبيره. يذكر ان الحكومة الاردنية خصصت حوالى 3 ملايين دولار لمساعدة قطاع السياحة الذي عانى مع أحداث الحرب على العراق. ويعد قطاع السياحة من أهم مصادر العملة الصعبة، ويشكل حوالى 8 في المئة من الناتج القومي المحلي.