ظهرت بوادر إيجابية في أجواء الحوار السياسي المنتظر إطلاقه في مصر بين الأطراف المختلفة بعد إبداء قادة الحزب الوطني الحاكم مرونة كبيرة في استجابة مطالب المعارضة بالتأكيد على "طرح كل القضايا والملفات على مائدة الحوار". وعُلم أن اتصالات هاتفية جرت بين مسؤولين رفيعي المستوى في الحزب الحاكم والمعارضة خلال الأيام الماضية، تمهيداً للحوار الذي دعا إليه الرئيس حسني مبارك في ختام المؤتمر السنوي للحزب قبل ثلاثة أسابيع. وأعلن الأمين العام للحزب وزير الاعلام صفوت الشريف مساء أول من امس عقب اجتماع هيئة مكتب الحزب "ان الاجتماع عرض الخطوات المطلوبة لبدء الحوار بين الأحزاب السياسية"، مشدداً على أنه "ليس لدى الحزب الوطني أي قضية غير مطروحة للحوار"، لافتاً إلى أن "النقاش والحوار سيمتد ويتسع مع مؤسسات المجتمع المدني"، وزاد أن حزبه "لا يسعى من خلال الحوار إلى دعاية إعلامية وإنما الى حوار جاد له هدف واضح ويتسم بالشفافية". وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان الأسابيع المقبلة "ستشهد اتصالات ربما تنتهي إلى لقاءات محددة في البداية لتحضير أوراق عمل كخلفية للحوار الأوسع والمنتظر تدشينه رسمياً عقب شهر رمضان ويضم الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة السياسية". ووصف قادة في أحزاب المعارضة تصريحات الشريف بأنها "إيجابية وودية". وقال الأمين العام لحزب التجمع اليساري الدكتور رفعت السعيد ل"الحياة" إن "قبول مبدأ البحث في كل القضايا والملفات يتيح بداية جيدة مطمئنة". وشدد على أنه "طلبنا عرض ملف الإصلاح السياسي بكل عناصره ولم نجد ممانعة أو اعتراضاً، وسنعمل معاً حتى نرى النتائج المطلوبة لتقويم الموقف"، وفي ما لم يستبعد السعيد التنسيق بين أحزاب المعارضة قبل الحوار، إلا أنه قال: "هناك نقاط اتفاق وخلاف بيننا وسنحاول الوصول إلى صيغة وسط فيها". ولم يمنع اتفاق الأطراف على استبعاد الشروط السابقة للحوار رئيس الحزب الناصري السيد ضياء الدين داود التأكيد على أن "قضية الديموقراطية والحريات لا تحتمل الحلول الوسط". وقال رداً على سؤال في هذا الشأن "اعتقد بأنه إذا لم نصل الى حل مشكلتي تداول السلطة وفصل الحزب الحاكم عن الدولة ستكون النتائج قلقة وغير كاملة فمن الممكن التوافق على قضايا أخرى لكن الديموقراطية لا تحتمل ذلك". وعلى رغم اتساع دائرة الحوار للأحزاب السياسية، بعدما بدأت قبل ثلاثة أسابيع بلقاء منظمات المجتمع المدني وإعلان استهداف مشاركة النقابات فيها، إلا أن غموضاً يسود موقف جماعة "الإخوان المسلمين" من إمكان إلحاقها بقائمة المشاركين، والتي رأى سعيد أنها "معضلة حقيقية". واعتبر داود أن "غياب البعض يؤثر على تكامل الفكرة"، إلا أن دلائل عملية سابقة تشير إلى أن غياب قوة مؤثرة مثل "الإخوان المسلمين" لن تعوق تواصل الأطراف المختلفة أو تمنع استمرار الحوار المنتظر. لكن مصادر سياسية توقعت مشاركة "الجماعة" عبر الأبواب الخلفية من خلال التمثيل النقابي أو احتمالات ضم عناصر برلمانية إلى قائمة المتحاورين من الأحزاب وغيرها من الفعاليات.