اعلن السفير العراقي في موسكو عباس خلف أمس ان الرئيس صدام حسين لن يغادر بلاده، ونفى وجود محادثات مع روسيا في شأن هذا الموضوع. وجاء هذا النفي بعد تزايد التقارير التي تشير الى احتمال استقالة صدام واللجوء الى دولة عربية أو روسيا، خصوصاً دعوة الرئيس جورج بوش صدام لمغادرة البلاد لتجنيب بلاده الحرب. وكانت صحيفة "تاغ تسايتونغ" الالمانية ذكرت في عددها الصادر اليوم، ان الحكومتين الاميركية والروسية تحاولان "بعيداً عن الاضواء"، اقناع الرئيس العراقي بالتخلي عن السلطة، عبر عرض فكرة الانتقال الى المنفى عليه، وذلك بهدف تجنب الحرب. وقال خلف: "هذا هذيان وقول مختلق، فمثل هذا الامر ليس واردا قطعاً"، واتهم واشنطن بالوقوف وراء هذه الاخبار "في محاولة لزرع الخلاف بين روسياوالعراق". وفي ما يتعلق بتصريح وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد أول من امس والذي قال فيه ان الحرب يمكن تفاديها في حال تخلى صدام عن الحكم، اعتبر السفير العراقي انها "محاولة من الاميركيين لمواصلة حربهم النفسية" ضد العراق. واضاف خلف "بعدما عجزت الادارة الاميركية عن العثور على أي شيء اثر عمليات التفتيش في العراق، لجأت الى هذه الوسيلة الدعائية الهزيلة". من جهة أخرى، اعلن السفير العراقي لوكالة "انترفاكس" الروسية "اؤكد لكم ان صدام حسين سيواصل الدفاع عن وطنه، فهو من الزعماء الذين لا يغادرون بلادهم أبداً، ويقاتلون حتى آخر نقطة من دمائهم". وتابع الديبلوماسي العراقي الذي كان سابقاً المترجم الشخصي لصدام حسين: "ان صدام في احسن حال وهو ثابت في مواقفه، ويسيطر على الوضع ويؤمن بأننا سننتصر". وكانت صحيفة "تاغ تسايتونغ" الالمانية ذكرت ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المطلع جداً على الوضع منذ بداية الأزمة، يعد ل"مبادرة سلام" في هذا الاتجاه. وأشارت الى ان موفداً روسياً موجود منذ تشرين الثاني نوفمبر في بغداد، لتقويم احتمالات الاطاحة بصدام حسين والتحضير لنفيه الى روسيا. واشارت الى ان الرئيس الروسي "مستعد، اذا تطلب الأمر ذلك، للتوجه الى بغداد شخصياً" لإقناع صدام بالفكرة. وذكرت ان الرئيس الاميركي جورج بوش اتصل من جهته ببوتين، في عيد الميلاد، ليطلب منه ان يضغط في هذا الاتجاه، لانه يرغب بتجنب حرب في العراق، بسبب الاكلاف التي ستترتب عن النزاع المسلح على الاقتصاد الاميركي، وبسبب التصعيد الذي يشهده الوضع في كوريا الشمالية. وكان وزير الدولة الفيليبيني للشؤون الخارجية بلاس اوبل أعلن ان الدول العربية تحض صدام على التنحي واللجوء الى ليبيا لتجنب الحرب. وأوضح انه سمع هذا الاقتراح من ديبلوماسيين عرب في مانيلا. لكن السفير الليبي لدى مانيلا سالم آدم نفى ان تكون بلاده قدمت عرضاً لصدام للجوء اليها. الى ذلك، نفى وزير الخارجية المصري احمد ماهر، في مقابلة نشرت أمس في مجلة "المصور" ان تكون مصر تسعى لإقناع الرئيس العراقي بالتنحي، وقال: "ليس هناك أي ظل من الحقيقة والأساس في هذا الموضوع. نحن لا نتدخل في شؤون الدول ولا علاقة لنا بتحديد الرئيس الذي يحكمها. فهذه امور يقررها الشعب العراقي وحده". الى ذلك، دعا حسين الصدر، عميد المعهد الاسلامي في لندن، "الملوك والرؤساء العرب الى ايجاد آلية مناسبة تؤدي الى قبول صدام بالتنحي عن السلطة وتجنيب العراق والمنطقة أهوال الحرب وكوارثها". وانتقد الصدر في اتصال مع "الحياة" "التصريحات الجوفاء" التي جاءت في كلمة الرئيس العراقي قبل يومين، ولفت الى انه "إذا كانت الحماسة الوطنية هي التي دفعت الحاكم بأمره في العراق للتصريح بأن القوات المسلحة العراقية أقوى مما كانت في حرب الخليج عام 1991، فإن المعطيات الحقيقية والأرقام الدقيقة المتوافرة لا تتطابق مع الادعاء المذكور". وحذر من "عدم استيعاب صدام الدروس"، إذ انه وصف أجواء الاستعدادات الأميركية للحرب بأنها "صخب أجوف" مما يشير الى انه "لم يستوعب حتى الآن حجم الكارثة المحدقة بالعراق في حال اصراره على البقاء في السلطة ومواجهة الحرب الالكترونية المرتقبة، التي لا قِبلَ للعرب بها مجتمعين، فكيف بالعراق المنهك الذي لم يُبق فيه الحصار الرهيب ما يمكنه من الحد الأدنى من متطلبات الصمود". وأضاف الصدر: "اننا من موقع الحب للعراق، والحرص على سلامة شعبه وبناه التحتية، ومن موقع الادراك للمخاطر الكبرى والتداعيات الفظيعة التي ستهز المنطقة العربية بأسرها، نتوجه برجائنا الخالص الى الملوك والرؤساء العرب وأصحاب النفوذ والتأثير، من علماء ومفكرين وسياسيين وأكاديميين، في الشارعين العربي والاسلامي، ان لا يدخروا وسعاً في ايجاد آلية مناسبة تؤدي الى قبول صدام بالتنحي عن السلطة وتجنيب العراق والمنطقة أهوال الحرب وكوارثها وتداعياتها الخطيرة". ولفت الى أن "المواقف الرسمية ما زالت - للأسف - حتى الآن خجولة ومتعثرة، ولم ترق الى المستوى المطلوب"، وقال: "إذا كانت الأمة عاجزة عن صد الاميركيين فهل هي عاجزة عن اقناع صدام بالقرار الشجاع المطلوب؟".