وزارة العدل: 9,300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    «التعليم»: إلغاء ربط العلاوة بالرخصة المهنية    القبض على باكستاني لترويجه 6.6 كلجم من الشبو بمنطقة الرياض    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    مهرجان وادي السلف يختتم فعالياته بأكثر من 150 ألف زائر    الملتقى البحري السعودي الدولي الثالث ينطلق غدًا    قسطرة قلبية عاجلة تُنقذ حياة رضيع في مدينة الملك سعود الطبية    النسخة الصينية من موسوعة "سعوديبيديا" في بكين    القيادة تهنئ ملك المغرب بذكرى استقلال بلاده    قمة مجموعة العشرين تنطلق نحو تدشين تحالف عالمي لمكافحة الفقر والجوع    45.1% من سكان المملكة يعانون من زيادة الوزن    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    المملكة تجدد إدانتها استهداف إسرائيل ل«الأونروا»    "سلمان للإغاثة" يوزع 1.600 سلة غذائية في إقليم شاري باقرمي بجمهورية تشاد    حسابات ال «ثريد»    صبي في ال 14 متهم بإحراق غابات نيوجيرسي    محافظ جدة يستقبل قنصل كازاخستان    الأخضر يكثف تحضيراته للقاء إندونيسيا في تصفيات المونديال    وزير الإعلام اختتم زيارته لبكين.. السعودية والصين.. شراكة راسخة وتعاون مثمر    أمير الرياض يفتتح اليوم منتدى الرياض الاقتصادي    «حزم».. نظام سعودي جديد للتعامل مع التهديدات الجوية والسطحية    «السلطنة» في يومها الوطني.. مسيرة بناء تؤطرها «رؤية 2040»    القصبي يفتتح مؤتمر الجودة في عصر التقنيات المتقدمة    1.7 مليون عقد لسيارات مسجلة بوزارة النقل    الإجازة ونهايتها بالنسبة للطلاب    إحباط 3 محاولات لتهريب 645 ألف حبة محظورة وكميات من «الشبو»    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    كل الحب    البوابة السحرية لتكنولوجيا المستقبل    استقبال 127 مشاركة من 41 دولة.. إغلاق التسجيل في ملتقى" الفيديو آرت" الدولي    كونان أوبراين.. يقدم حفل الأوسكار لأول مرة في 2025    وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع سفير الصين    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    المملكة ونصرة فلسطين ولبنان    عدوان الاحتلال يواصل حصد الأرواح الفلسطينية    قلق في بريطانيا: إرهاق.. صداع.. وإسهال.. أعراض فايروس جديد    القاتل الصامت يعيش في مطابخكم.. احذروه    5 أعراض لفطريات الأظافر    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    مكالمة السيتي    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    تبدأ من 35 ريال .. النصر يطرح تذاكر مباراته أمام السد "آسيوياً"    لغز البيتكوين!    الله عليه أخضر عنيد    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    الدرعية.. عاصمة الماضي ومدينة المستقبل !    أعاصير تضرب المركب الألماني    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    مجمع الملك سلمان يطلق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    انتظام 30 ألف طالب وطالبة في أكثر من 96 مدرسة تابعة لمكتب التعليم ببيش    وزير الدفاع يلتقي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة لذاكرة الأمين العام لحركة "الجهاد الاسلامي في فلسطين" 1 . شلح :"الجهاد" اطلقت أول عملية استشهادية في فلسطين عام 1993 والمقاومة اللبنانية افتتحت العمليات الاستشهادية بتفجير مقر المارينز في 1983
نشر في الحياة يوم 07 - 01 - 2003

أخذتني سيارة مسدلة الستائر من الفندق. لم أسأل السائق الشاب عن العنوان المقصود. انها قوانين اللعبة يتعلمها الصحافي حين يستعذب لقاء المطلوبين. بعدها وجدت نفسي في شقة كان الجميع ضيوفاً على صاحبها الغائب.
منتصف الليل. من عادة القادة الفلسطينيين أن يطيلوا السهر. وأحياناً يرغمون خصومهم على السهر خوفاً مما تحمله للنهارات المقتربة تلك الاشارات الغامضة التي تسلك طرقاً متعرجة قبل أن يفيق العالم على دوي قاتل.
فتح الرجل ديوان "أعراس" للشاعر محمود درويش وراح يقرأ.
ذهب الرجل بعيداً في القراءة. لدرويش موقع استثنائي في قلبه. يعتبره "أهم شاعر عربي بعد المتنبي". كان ما قرأه جميلاً وآسراً. فدرويش ارهابي بامتياز يتسلل الى القاموس وينفجر به موقظاً الينابيع وغاسلاً الكلمات مشوشاً علاقاتها والمعاني، عائداً بحطامها والشظايا صوراً ورموزاً في أعراس غير مسبوقة. خفت ان تطيح جاذبية الشعر هدف اللقاء فمازحت المتحدث مستفزاً: "من أين هذه الرقة يا دكتور وأنت ترسل عشرات الاستشهاديين؟". قاطعني موضحاً وانطلق الحوار وتعددت الجلسات.
الدكتور رمضان عبدالله شلح.
الأمين العام لحركة "الجهاد الاسلامي في فلسطين".
يقيم الآن في عين العاصفة. ففي تشرين الثاني نوفمبر الماضي وغداة عملية الخليل التي نفذتها "سرايا القدس" الجناح العسكري ل"الجهاد" وأسفرت عن مصرع 12 جندياً اسرائيلياً، طلب رئيس الوزراء ارييل شارون من اجهزة الاستخبارات وضع اسم شلّح على رأس لائحة المطلوبين. وخلال فترة اجراء هذا الحوار الشهر الماضي اعلنت اسرائيل اعتقال عنصرين من "الجهاد" بتهمة جمع المعلومات والإعداد لمهاجمة طائرة الهليكوبتر التي يستخدمها شارون في تنقلاته. وكان بديهياً ان نسأل شلّح عنها فأجاب: "ليست لدينا أي تفاصيل الآن ولكن على شارون أن يعرف أنه حين يتصرف كرئيس عصابة يطلق التهديدات بالتصفيات والاغتيالات عليه أن يتوقع كل شيء من الشعب الفلسطيني". ورداً على سؤال هل لاستهداف شارون علاقة بالتهديدات التي وجهها اليه قال: "جرت العادة أن تحدد التصرفات العدوانية الاسرائيلية الكثير من أساليب عمل المقاومة. أنا لا استغرب أن يفكر المجاهدون في ضرب أي هدف حتى وان كان شارون". وبدا واضحاً ان شلّح لا يريد أن يدلي بما يمكن استخدامه ضد الشابين المعتقلين.
تعددت الجلسات واتسع صدر الدكتور رمضان لاسئلة سلسلة "يتذكر". تحدث عن الطلقة الأولى في العمليات الاستشهادية على يد "الجهاد"، وعن الاستشهاديين واعدادهم الروحي والتقني. حكى قصة ولادة الحركة وكشف جديداً عن اغتيال "استاذه" وسلفه فتحي الشقاقي في مالطا خلال عودته من رحلة الى ليبيا استخدم خلالها جوازاً ليبياً باسم "ابراهيم الشاوش". حمّل شلح "الموساد" مسؤولية اغتيال الشقاقي لكنه لم يتردد في لوم الأجهزة الليبية التي ألحت على حضور الشقاقي شخصياً، وطلبت منه تأخير عودته وتكفلت اجراءات الحماية خلال الرحلة.
تحدث الأمين العام ل"الجهاد" عن 11 أيلول سبتمبر وموقفه من قتل المدنيين هناك، ونفى أي علاقة بأسامة بن لادن. لكنه كشف ان أيمن الظواهري بعث اليه في تاريخ سابق برسالة عتاب بعدما قرأ حديثاً أدلى به الى الشقيقة "الوسط" تحدث فيه عن اليهود في فلسطين. وهنا نص الحلقة الأولى:
ما هو شعورك عندما ترى باصاً إسرائيلياً فيه جنود إسرائيليون فجره فلسطيني. ماذا يخطر بذهنك عندها؟
- هذا المشهد يستدعي في ذهني الوجه الآخر للصورة وهو ما يرتكبه هؤلاء الجنود من مجازر وقتل كل يوم بحق شعبنا الفلسطيني. كذلك إذا كان القتلى من الجنود أشعر بالاعتزاز بقدرة شعبنا في الدفاع عن نفسه وإيلام هذا العدو كما يؤلمنا كل يوم.
ماذا لو كان القتلى من المدنيين؟
- أتمنى أن تسألني عن مشاعري عندما أرى مشهد مذبحة كالتي حدثت في البريج أيام العيد مثلاً، أم أن جثثهم فقط مقدسة ويجب أن نبكي ونتألم لها؟
ما هي المواصفات التي يجب أن تتوافر في الاستشهادي؟
- أن يكون لديه استعداد للشهادة.
يعني ألا يخضع الاستشهادي لدورات معينة أو لفترة عزل يقرأ فيها القرآن ويستعد لتنفيذ مهمة بهذا الحجم؟
- في الحقيقة نحن ليست لدينا مصانع لتفريخ الاستشهاديين. والغرب عندما يبالغ في الشروط والطقوس التي يخضع لها الاستشهاديون ينطلق من الرؤية الغربية في بناء الشخصية. فما يجري في المجتمع الغربي مثلاً هو بناء كيان اصطناعي لشخصية طبيعية من أجل تحقيق طموحات ذاتية. فالشخص لا بد أن يتعلم كذا حتى يلبي الطلب في سوق العمل، ولا بد أن يتصرف بطريقة كذا حتى يتقلد منصباً معيناً. هكذا هي الحياة في الغرب.
لكن هناك نوعين من التأهيل للمجاهدين عموماً: تأهيل روحي ومعنوي من خلال التعبئة والتربية الإيمانية، وتأهيل عملياتي يتعلق بالمهمة التي يختار لها الفرد. الذاهب لتنفيذ عملية باشتباك مع الجيش غير الذاهب لتفجير نفسه بحزام ناسف. والذي يستهدف موقعاً عسكرياً غير الذي يستهدف باصاً للجنود، وهكذا.
لكن كيف يتم اختيار الأفراد لتنفيذ العملية؟
- هم يتطوعون لذلك. لا أحد يُجبر على الذهاب. والاختيار يقع على الشخص الملائم من بين المتطوعين والموجودين في قائمة الانتظار.
هل هناك تعليمات محددة تعطى لهم؟
- التعليمات تتعلق بالمهمة وتختلف من حالة إلى أخرى.
هل لديهم حرية التصرف بتغيير الخطة المرسومة لهم؟
- الأمر في النهاية يتعلق بحياة الإنسان وروحه، ونحن لا نريد أن يقتل الشاب مجاناً، عليه أن يحرص على نجاح المهمة الذاهب لتنفيذها ولكن إذا حدثت مشاكل أو طوارئ على الأرض فله حق التصرف وفقاً للظروف التي تواجهه.
بما في ذلك تفجير نفسه إذا شعر بأنه سيقبض عليه؟
- هم يقدرون... لكن التعليمات تكون ألا يتم التفجير من دون التأكد من إيقاع خسائر وإصابات في العدو. في بعض الحالات حدث هذا وفي حالات نفذ الهدف بدقة كما هو مرسوم، وأكثر كما في عملية الخليل ومجدو وكركور. وفي حالات قبض على الاستشهاديين قبل التنفيذ. وأحدهم كان بسبب رفضه ضرب باص مدنيين. الاستشهادي زيدان زيدان من جنين ذهب لتنفيذ عملية في حيفا وكان يقف في محطة الباصات ومعه حقيبة متفجرات فجاء باص فيه ركاب مدنيون فلم يصعد في الباص وابتعد للبحث عن هدف آخر فلاحظه رجال الشرطة فأطلقوا عليه النار فأصيب واعتقل وكان بإمكانه أن يصعد إلى الباص ويفجره.
هل تعرف أحداً من الاستشهاديين؟
- الاستشهاديون معظمهم من الجيل الصغير لا أعرفهم شخصياً لكنني أعرف قادتهم، ممن أرسلوا استشهاديين.
مثل من؟
- مثل الشهيد محمود الخواجا رئيس الجناح العسكري لحركة الجهاد في غزة والذي أرسل الشهيدين أنور سكر وصلاح شاكر لتنفيذ عملية بيت ليد التي قتل فيها 22 جندياً صهيونياً. محمود كان طالباً في الجامعة الإسلامية بغزة وكان من أوائل الشبان الذين التحقوا بالحركة في غزة سنة 1982، وكان رئيس الكتلة الطلابية التابعة للحركة في الجامعة الإسلامية. وكان شاباً قوي البنية والإرادة. ترأس الجناح العسكري للحركة وعلى أثر ذلك اغتاله العدو في 22/6/1995 قبل اغتيال الدكتور فتحي بحوالى 4 شهور. وهناك آخرون مثل الشهداء محمود طوالبة وإياد صوالحة وإياد حردان والأخوة ثابت المرداوي وعلي الصفوري من الأسرى وغيرهم من قادة "سرايا القدس"، أعرفهم وكنت أتحدث إليهم لكنني لم التقيهم شخصياً.
محمود طوالبة كان قائد سرايا القدس في جنين؟
- كان القائد في المخيم. واتهمه العدو بإرسال 17 استشهادياً من منطقة جنين فقط.
وهل هذا صحيح؟
- نعم صحيح. لكن لم ينفذوا جميعهم عمليات فهناك أربعة قبض عليهم قبل أن يتمكنوا من تنفيذ العمليات ومن بينهم شقيقه مراد طوالبة. وعندما فشلت عملية مراد كان محمود حزيناً وكان يقول: لقد جهزت العبوة بيدي ووضعت فيها كمية المتفجرات والصواعق الكافية ولا أعرف ما الخلل.
هو قال ذلك عن شقيقه؟
- نعم... وهو عندما وقعت معركة جنين ونصحه بعضهم بأن ينجو بنفسه لأن العدو جاء يريد رأسه قال لمن حوله: لقد كنت قبل ذلك أرسل الآخرين للاستشهاد جاء الوقت الذي آخذ فيه قراراً بحق نفسي لأستشهد، وقاتل حتى استشهد في ملحمة جنين البطولية.
من حيث السن ما هي أعمار الاستشهاديين، هل صحيح أنكم ترسلون صبياناً أعمارهم 13 سنة؟
- هذه دعاية صهيونية. أصغر استشهادي عندنا عمره 17 سنة وهو أحمد دراغمة من جنين. لكن هناك استشهاديين في العشرينات والثلاثينات. الشهيد داود أبو صوي من بيت لحم كان عمره 45 سنة وترك أسرة فيها سبعة أطفال.
لماذا لم ترسلوا شاباً أصغر منه؟
- الأخوة في الجهاز العسكري يقولون أنه كان مصراً على ذلك. وهو استهدف فندق هيلتون في القدس وكان ينزل فيه وزير الأمن الإسرائيلي عوزي لانداو ووزراء آخرين، لكنه فجر نفسه على الباب عندما اعترضته الشرطة.
هل كان يستهدف وزير الأمن؟
- وإلا لماذا هذا الفندق؟ كان يمكن أن يفجر نفسه في الشارع، في أي مكان ويقتل أكبر عدد من الإسرائيليين.
تتنافسون أنتم و"حماس" من يقتل إسرائيليين أكثر؟
- هناك منافسة بين كل الفصائل في ساحة النضال والمقاومة ولكن ليس على القتل. نحن لسنا دمويين ولا نقتل الآخرين بشهوة القتل. ولا نستعذب ذلك، نحن ندافع عن أنفسنا وحقوقنا. نحن لم نحتل لليهود أرضاً ولم نهدم لهم وطناً، هم قتلونا وشردونا وأقاموا كيانهم على حطامنا.
لكن المنافسة على تبني العمليات بين الفصائل موجود؟
- هذا قديم في الساحة الفلسطينية ونأمل أن نتخلص منه.
عملية الخليل هل كانت رداً على حوار القاهرة بين "فتح" و"حماس"؟
- قطعاً لا، لأن عملية بهذه الضخامة وهذه النوعية تحتاج إلى إعداد وتخطيط مسبق لفترة طويلة ولا يمكن تنفيذها في ليلة وضحاها بكبسة زر.
هناك سؤال يطرحه كثيرون: لماذا لا تتوحد حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في حركة واحدة؟
- الوحدة جيدة لكن التعدد والتنوع أحياناً يكون مطلوباً ويخدم المعركة ويربك العدو. لأن تعدد العناوين، رغم كل سلبياته، يفيد في توسيع دائرة استيعاب طاقات شعبنا، من لا يروقه العمل تحت هذا الإطار فبدلاً من أن يجلس في بيته ولا ينخرط في المقاومة ينضم إلى إطار آخر.
حتى لو لم يكن إسلامياً؟
- حتى لو لم يكن إسلامياً، لأن شعبنا مثل أي شعب في العالم فيه كل ألوان الطيف العقائدي والسياسي ونحن لا نحجر على أحد.
لكن التعدد في ساحة مثل الساحة الفلسطينية قد يكون مدخلاً للتصادم؟
- هذه مسؤولية العقلاء والمخلصين في كل القوى أن نتفادى ذلك. أن يكون هناك تنافس فهذا مشروع والله يقول "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" أي في فعل الخير والجهاد في سبيل الله. أما التنازع فهو مرفوض ومنهي عنه "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم".
وبرأيي إذا تحررنا من داء العصبية الحزبية يمكن أن نحافظ على التوازن فلا ننزلق إلى تلك المنزلقات الخطيرة من الخلاف البغيض الذي يدعي فيه كل طرف أنه صاحب الحق الوحيد في و على مسرح النضال، أو هو الوصي على المقاومة أو الإسلام. ووضع الفلسطينيين بل وضع الأمة كلها لا يحتمل أي تنازع، ومطلوب أن نبحث عن نقاط الالتقاء والاتفاق لتعزيزها بين كل القوى من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية وتماسك الصف والبيت الداخلي، لأن أي خلل في ذلك سيتحول معول هدم نضعه نحن بيد عدونا الذي يشن علينا حرب إبادة.
أعلن أنكم انضممتم إلى حوار القاهرة أخيراً، ما حقيقة ذلك؟
- إذا كنت تقصد حوار القاهرة بين "فتح" و"حماس" فلم نشارك فيه من البداية ولم ندع إليه ولم يستأنف، رغم أننا كنا في الداخل المبادرين إلى إجراء حوار بين الفصائل. وفعلاً كانت هناك لقاءات تشارك فيها خمس قوى هي "حماس" و"الجهاد" و"فتح" والجبهتان "الشعبية" و"الديموقراطية". أما حوارنا نحن مع الأخوة المصريين، نعم حدث لقاء والاتصالات بيننا وبينهم ليست جديدة.
هل اتصلتم بهم أم هم دعوكم؟
- هم وجهوا دعوة إ ونحن قبلنا بها.
الى من وجهت الدعوة؟
- وجهت إلي أنا شخصياً والى حركة الجهاد، لكن ظروفي الخاصة حالت دون ذهابي الى القاهرة فذهب غيري.
من الذي وجه الدعوة إليكم؟
- شخصيات حكومية عليا.
مثل من؟
- لا داعي لذكر الأسماء ولكن ثق بأنها شخصيات مصرية رسمية لها مناصب عليا في الدولة والحوار تم في القاهرة وليس في مكان مجهول من العالم.
ماذا كان موضوع الحوار؟
- البحث في آخر المستجدات في الساحة الفلسطينية والأوضاع التي تشهدها المنطقة والتصورات المستقبلية وانعكاساتها على الساحة الفلسطينية.
هل طلبوا منكم وقف العمليات الاستشهادية؟
- طرحوا بعض الأفكار تتعلق بالتهدئة كجزء من حديث شامل حول إدارة الصراع مع العدو في هذه المرحلة.
هل وافقتم على التهدئة؟
- التفجير الحاصل داخل فلسطين ليس من طرفنا حتى يطلب منا التهدئة. العدو هو الذي يحرق الأخضر واليابس تحت أقدام شعبنا ونحن ندافع عن أنفسنا. لقد عبرنا عن آرائنا ووجهة نظرنا في حق شعبنا المشروع في الدفاع عن نفسه أمام العدوان الصهيوني المتواصل.
وماذا كانت النتيجة؟
- اتفقنا على استمرار الحوار بيننا وبين الأخوة في القاهرة من دون تحديد جدول زمني ومواعيد لذلك، على أمل أن يستأنف في أقرب فرصة.
ألا تعتبر هذه الخطوة من قبلكم تطوراً في موقف حركة الجهاد السياسي؟
- إذا أردت أن تعتبرها كذلك فلا بأس، ونحن في النهاية حركة مقاومة بحاجة إلى دعم وإسناد عربيين لقضيتنا ونضالنا، ونحن والحمد لله لدينا من الثقة بأنفسنا كحركة مقاومة لها دورها ووزنها في النضال الفلسطيني بما يجعلنا نتحلى بنوع من المرونة في التعامل مع كل أبناء أمتنا بما يفسح المجال للأخذ والرد بيننا وبين كل من تهمه فلسطين والقدس قبلة المسلمين الأولى.
كيف تفسر الطلب المصري بالتهدئة أو وقف العمليات منكم ومن "حماس" في هذا الظرف، وما هو المقابل؟
- نحن لم ندخل في صفقة مساومة، ومن حق أي طرف عربي أو مسلم تهمه فلسطين أن يطرح أية أفكار لديه، ودور مصر وحضورها التاريخي في الشأن الفلسطيني معروفان. الأخوة قالوا ما عندهم ونحن استمعنا والله يقول "فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه" ونحن سنتبع ما فيه الخير والمصلحة لشعبنا وأمتنا.
"الجهاد" قالت أنها طلبت من المصريين توسيع دائرة الحوار ليشمل فصائل أخرى؟
- صحيح طلبنا ذلك.
مثل من؟
- مثل الجبهتين "الشعبية" و"الديموقراطية" و"القيادة العامة"، طبعاً "حماس" و"فتح" سبقتا إلى الحوار.
كيف يتخذ القرار في الجهاد الإسلامي أو ما هي الهيكلية التنظيمية فيها؟
- حسب النظام الداخلي هناك مؤتمر عام ومجلس شورى عام وأمين عام. وهناك مجالس شورى محلية وتنبثق عنها لجان اختصاص تنظيمية. والهيكل التنظيمي لدينا فيه من المرونة والقدرة على التكيف مع الظروف الاستثنائية والأمنية التي تعيشها الحركة في الداخل ما يسمح باستمرار العمل في جو من الانسجام والفعالية.
كم هي مدة الأمين العام في الحركة؟
- أربع سنوات.
وهل يمكن أن يعاد انتخابه؟
- نعم. ليس هناك قيد على مرات انتخابه.
إذن أنت الآن في الدورة الثانية، هل تتمنى أن يجدد لك؟
- القرار لدى الحركة وقواعدها وأنا جندي في خدمة الإسلام والوطن أياً كان موقعي، وإذا كان لدي من أمنية شخصية فهي الشهادة في سبيل الله.
من نفذ أول عملية استشهادية في فلسطين؟
- تقصد عملية استشهادية تفجيرية أم مقاتل؟
عملية تفجيرية بأن يفجر شخص نفسه؟
- حركة الجهاد الإسلامي، عندما قام الاستشهادي أنور عزيز من جباليا بقطاع غزة بتفجير نفسه بسيارة مفخخة بتاريخ 13/12/1993 في قافلة للجنود الصهاينة في غزة.
لكن "حماس" تقول أنها هي أول من نفذ عملية استشهادية؟
- أظن أن "حماس" تشير بذلك إلى عملية الاستشهادي رائد زكارنة. لكن هذه العملية تمت بتاريخ 6/4/1994.
من أين جاءتكم فكرة العمليات الاستشهادية من جنوب لبنان و"حزب الله"؟
- بالتأكيد المقاومة في لبنان كانت السباقة إلى العمليات الاستشهادية التفجيرية وخاصة عندما وقعت عمليات تفجير مقر المارينز عام 1983 وغيرها.
التي تنسب الى "حزب الله" وهو لم يكن موجوداً آنذاك؟
- حزب الله لم يتبنّ عملية تفجير مقر المارينز. هناك مقاوم اسمه أبو زينب لم تعرف هويته حتى الآن.
إذا كانت العمليات في لبنان بدأت باكراً فلماذا تأخرت في فلسطين؟
- العمليات الاستشهادية بدأت بعد الانتفاضة لأن سنوات الانتفاضة كان التركيز فيها على العمل الجماهيري. لكن العمل العسكري كان موجوداً والحركة الوطنية وفصائل المقاومة الفلسطينية تقاتل منذ سنين. أما بالنسبة الى حركة "الجهاد" فقد بدأت العمل العسكري منذ منتصف الثمانينات تقريباً...
هل نستطيع القول إن حركة "الجهاد" لم تعد حركة النخبة؟
- هذا الكلام له وجهان أحدهما سلبي والآخر ايجابي. الايجابي فيه أن حركة الجهاد فعلاً لم تعد حركة صغيرة مقصورة على جماعة من المثقفين أو المنظرين، هي الآن حركة جماهيرية وحركة مناضلة تقاتل الاحتلال الصهيوني، وفيها من مختلف الفئات العمرية والأوساط الاجتماعية، فيها طلاب وعمال وفلاحون وتجار وأساتذة مدارس وجامعات. ليس هناك قرية أو مخيم أو حي في فلسطين ليس فيه جهاد اسلامي. ولكن في المقابل أو الجانب السلبي من الموضوع فإن تراجع الطابع النخبوي في الحركة لا يعني تراجع الوعي، خصوصاً أن كثيرين من أبناء الرعيل الأول هم الذين يقودون العمل اليوم: الدكتور محمد الهندي، الشيخ نافذ عزام، الشيخ عبدالله الشامي، هؤلاء وغيرهم كثيرون هم من الرعيل الأول في الحركة منذ مرحلة الدراسة في مصر.
هذه الأسماء في غزة التي تبدو معقل قوة الحركة، ماذا عن الضفة الغربية؟ وأين مركز الثقل اليوم في الضفة أم في غزة أم في الخارج؟
- قوة الحركة موزعة على المحاور الثلاثة التي ذكرتها، الحركة موجودة في قطاع غزة وقوية والحمد لله. وموجودة أيضاً في الضفة الغربية ودليل قوتها في الضفة هو عدد الاستشهاديين الذين خرجوا منها في هذه الانتفاضة. الذين نفذوا عمليات استشهادية من الضفة 36 استشهادياً من الجهاد، غير الذين قبض عليهم، وغير العمليات العسكرية الأخرى. أما وجود رموز وقيادات فحركتنا في الضفة الغربية دفعت بخيرة كوادرها في هذه الانتفاضة بين شهيد ومعتقل. خذ عندك الشيخ رياض بدير من مؤسسي حركة الجهاد في الضفة الغربية من أوائل من تعرف إليهم الدكتور فتحي، رحمه الله، عمره 55 سنة وداعية معروف في طولكرم. عندما حدثت معركة جنين هذا العام انطلق من طولكرم على رغم الحصار ومنع التجول الى مخيم جنين وقاتل مع اخوانه واستشهد في المعركة.
انور حمران، إياد حردان، محمود طوالبة، وائل عساف، أسعد أبو دقة، أيمن ضراغمة، محمد العانيني، أحمد أسعد خليل، محمد بشارات، خالد زكارنة، إياد صوالحة. هؤلاء كلهم قادة في حركة الجهاد في جناحها العسكري، كلهم استشهدوا في هذه الانتفاضة وغيرهم من المعتقلين مثل الحاج علي الصفوري، وثابت المرداوي، وطارق عزالدين والشيخ عبدالحليم عزالدين من جنين والشيخ محمد برويش من الخليل والشيخ سعيد نخلة من رام الله والأخ خالد الزواوي من نابلس والأخ عبدالناصر صويص من طولكرم وغيرهم كثيرون.
وهناك مطاردون كُثر بعضهم عسكري لا أريد تسليط الأضواء عليه وبعضهم من السياسيين مثل الشيخ عبدالحكيم مسالمة من رام الله والشيخ بسام السعدي من جنين، الذي قدم ولديه التوأم عبدالكريم وابراهيم شهيدين في هذه الانتفاضة. كانا توأماً في الميلاد وتوأماً في الشهادة، الفارق بينهما كان أقل من شهرين. والشيخ بسام استشهدت والدته وابن أخيه. كل هذا في معرض ملاحقته ومطاردته وهو كادر سياسي يبلغ من العمر 45 سنة... هذا اضافة الى الكوادر النسائية التي أبرزها الأخت عطاف عليان في بيت لحم والأخت منى قعدان في جنين وغيرهما. أما الخارج فوجودنا فيه محدود ورمزي بوجود الأمين العام وجزء من القيادة السياسية للحركة.
متى بدأ وجود الحركة في الخارج؟
- بعد إبعاد الدكتور فتحي الشقاقي وبعض الأخوة في الانتفاضة الأولى الى لبنان عام 1988.
ما هي علاقتكم ب"فتح" أو "كتائب شهداء الأقصى"؟
- علاقتنا بفتح جيدة، ومع كتائب شهداء الأقصى الوضع أفضل لأن فتح فيها السياسة التي تتقاطع مع أوسلو وفيها شهداء الأقصى التي عادت إلى الكفاح المسلح.
هناك كلام أن حركة "الجهاد" تموّل مجموعات أو عمليات لشهداء الأقصى ما مدى صحة ذلك؟
- غير صحيح. نحن حركة جهاد إسلامي ولسنا بنكاً إسلامياً. ولدينا جهازنا العسكري ومجاهدونا ونحن أصلاً لسنا قادرين على تلبية كل مطالب مجاهدينا وتمويل جهازنا.
بعضهم يقول انكم معنيون بتوريط "فتح" لذلك قمتم بعمليات مشتركة مع "كتائب شهداء الأقصى"؟
- هذا اسمه التفسير التآمري للتاريخ. فتح لا يورطها أحد. وهي قادرة على توريط دول. الناس تمارس قناعتها بالنضال. والعمليات المشتركة كانت ثمرة علاقة ميدانية وتعاون حقيقي بين "سرايا القدس" و"الكتائب".
قرار "الكتائب" بيد من؟
- ما أعرفه أن "كتائب شهداء الأقصى" ليست تنظيماً موحداً بقيادة واحدة في فلسطين. الكتائب مجموعات متفرقة في المدن والقرى والمخيمات. قد يحدث اتصالات وتنسيق بين المجموعات هنا وهناك حسب ما تسمح به الظروف الميدانية.
غداً حلقة ثانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.