هل ماتت الأحزاب السياسية الرسمية في مصر؟ سؤال ألح علي بعد ان اصدرت ثلاثة من احزاب المعارضة، بعد اتفاق رؤسائها، قراراً بمقاطعة مؤتمر القاهرة الدولي "ضد الهيمنة الاميركية على العراق ومناصرة فلسطين"، الذي عقد في 18 و19 كانون الأول ديسمبر الماضي، ولاقى اهتماماً ملحوظاً، وحضوراً مصرياً وعربياً ودولياً كبيراً، وتغطية اعلامية واضحة. ولم تقتصر المقاطعة على عدم الحضور والمشاركة. وانما اصدرت الاحزاب تعليمات صارمة بعدم تغطيته. والسؤال ليس جديداً، وانما يلح في كل وقت. فمع إحكام الحصار على العراق شُكل الوفد الشعبي المصري لرفع الحصار عن العراق عام 1997. وضم عدداً كبيراً من السياسيين والمفكرين والمثقفين والمواطنين العاديين الذين ارتأوا انه لم يعد الرفض كافياً في مواجهة إبادة الشعب العربي في العراق. فنظم الوفد الشعبي القوافل الطبية والغذائية والدوائية، الى قوافل فنية وثقافية. وقام الوفد باطلاق طائرتين في القاهرة الى بغداد، حلمتا رموز مصر السياسية والفكرية والثقافية والنقابية. وكانت الثانية طائرة الشهيد محمد الدرة تأكيداً لوحدة قضايا الأمة العربية، ومن دون اذن من الأممالمتحدة، ما دعا الخارجية الاميركية للاحتجاج. وتم كل ذلك بتمويل أهلي مصري. وعلى رغم طول مدة الحصار على العراق لم يتحرك حزب من الاحزاب الرسمية المصرية، سواء الحاكمة او المعارضة. والاحزاب المصرية، منذ انتفاضة الاقصى الى اليوم لم تقدم للشعب الفلسطيني غير بيانات التأييد والإدانة للعدو الصهيوني، ومؤتمرات محدودة العدد في مقارها. اين كانت الاحزاب حين تشكلت اللجنة الشعبية المصرية لدعم الانتفاضة الفلسطينية في القاهرة والدقهلية والاسكندرية والشرقية والسويس ودمياط والبحيرة وغيرها؟ وجمعت مواد الدعم الغذائي من الأزقة والحواري، في المدن، والقرى والنجوع، في الريف، ومن نقابات مهنية وسيرت القوافل تلو القوافل، تحمل مواد الدعم لشعبنا في الارض المحتلة، ومعها المئات من المواطنين من مختلف الطوائف والهيئات، وعقدت عشرات الندوات والمؤتمرات والاحتفاليات الفنية لنصرة الشعب الفلسطيني، وجمعت عشرات ألوف التوقيعات على طرد السفير الصهيوني وقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني؟ أين كانت الاحزاب المصرية حين اندلعت حملة المقاطعة الشعبية للسلع الصهيونية والاميركية في مصر؟ وكانت النتائج اسقاط سلسلة متاجر "سنسبري" البريطانية في مصر، وأغلقت ابوابها بعد ان خسرت 120 مليون جنيه مصري، و"ماكدونالدز" 80 في المئة من مبيعاته في ذروة المقاطعة الشعبية. اما مسحوق الغسيل "ارييل" فخسر 60 في المئة من مبيعاته. ماذا فعلت الاحزاب حين قبض على ناشطي دعم الانتفاضة والمقاطعة؟ قد تقول الاحزاب ان القمع ضغط عليها. ولكن لماذا لم يمنع هذا اللجان الشعبية من العمل والتحرك مع سخونة الحدث، وسخونة الشارع؟ لماذا لم يمنع اللجان الشعبية من العمل في الشارع، والمقاطعة والتظاهر، وجمع المواد الطبية والغذائية لفلسطينوالعراق؟ العمل السياسي هو عمل شعبي في الدرجة الاولى، وليس عملاً داخل المقار المغلقة. السياسة عمل وفعل اجتماعي مع الناس، وبالناس، وللناس. مصر - عبدالعزيز الحسيني قيادي في اللجان الشعبية المصرية لدعم الانتفاضة والعراق والمقاطعة