بيروت - "الحياة" - اجتازت العلاقات اللبنانية - السعودية ازمة كادت تتسبب بها محطة تلفزيون الجديد NTV لو سمح لها ببث حلقة بعنوان "بلا رقيب" كان يفترض بثها ارضياً وفضائياً في التاسعة والنصف ليل اول من امس بتوقيت بيروت تتناول الشأن الداخلي في المملكة العربية السعودية. وفي معلومات "الحياة" ان القضاء تحرك على عجل، لتدارك ازمة يراد منها تفخيخ العلاقات اللبنانية - السعودية من خلال برنامج تلفزيوني اعدته محطة تلفزيون الجديد لصاحبها تحسين خياط. وارتأى النائب العام التمييزي في بيروت عدنان عضوم منع بث الحلقة الخاصة بالسعودية بعد رفض خياط التجاوب مع المساعي التي قام بها وزراء، بينهم وزير الاعلام غازي العريضي، إضافة الى رئىس المجلس الوطني للاعلام عبدالهادي محفوظ. وتزامن ذلك مع جهد خاص قام به عدد من كبار الديبلوماسيين العاملين في سفارة بلدهم في بيروت وجهات ديبلوماسية عربية رأت ان لا مصلحة في بث الحلقة التي من شأنها الاساءة الى الاخوّة العربية والحرص الذي يبديه لبنان على عدم تعريض علاقاته العربية الى اي اذى. وسبق الجهود التي بذلت لدى خياط اجتماع عقده رئىس الحكومة رفيق الحريري ضم الوزير العريضي ووزير الخارجية محمود حمود ورئىس المجلس الوطني للاعلام تقرر في نهايته القيام بمحاولة لدى ادارة تلفزيون الجديد لحضها على صرف النظر عن بث الحلقة، خصوصاً ان المواد التي استخدمتها المحطة للترويج للحلقة كانت تشير في شكل قاطع الى انها تسيء الى المملكة وتضر بالعلاقة اللبنانية - السعودية. لكن خياط مستفيداً من الخدمة الاعلامية التي وفرتها له محطة "الجزيرة" القطرية اصر على بث الحلقة، وأكد في احاديث مباشرة مع هذه المحطة انه مستمر في قراره وان لا عودة عنه مهما كانت النتائج. وأبلغ بعض المتصلين خياط ان لا علاقة لمنع بث الحلقة بالحريات العامة، خصوصاً ان الجهات الرسمية لم تتدخل معه في السابق في حملاته المستمرة وأحياناً الشخصية ضد الحريري وكانت حرصت منذ فترة على لفت نظره الى عدم التعرض لأي دولة عربية او الاساءة الى العلاقات الثنائية، مشيرة الى الضرر الذي قد يلحق بالبلد في حال استمرت الحملات في نشرات الاخبار وفي بعض البرامج بالتعرض للسعودية. وإزاء هذا الواقع، وبعد رفض خياط الانصياع الى النصائح، لم يكن امام القاضي عضوم سوى اللجوء الى تدبير احترازي لمنع الضرر، مستنداً بذلك الى المادة 211 من قانون العقوبات والى المادتين 3 و4 من قانون البث الفضائي اللتين تخولان الحكومة من خلال القضاء حق اللجوء الى التدبير الاحترازي. وعمد عضوم الى اصدار استنابة قضائية في هذا الخصوص تولى احد الضباط ابلاغها قبل ساعتين من موعد بث الحلقة. وأصر خياط في بادئ الامر على موقفه فأبلغه الضابط أن نص الاستنابة القضائية واضح وأن لا مجال للعودة عنها وبالتالي عليه تنفيذ مضمونها في حال عدم الاستجابة، مؤكداً له أن تطبيق القانون يجيز له منع بث الحلقة، لا سيما ان وزير الاتصالات جان لوي قرداحي وبناء لقرار النيابة العامة التنفيذية كان امر الفنيين في الوزارة الموجودين في مركز البث في بلدة جورة البلوط بقطع الفضاء عن المحطة حيث لم تعد قادرة على بث البرنامج. وبعد سجال، قرر خياط الاستجابة ووافق تلقائياً على عدم بث الحلقة. عضوم وكانت "الحياة" سألت القاضي عضوم عن الاسباب التي استند اليها في منع بث الحلقة بدلاً من ان ينتظر بثها ليقرر ما اذا كانت تتضمن جرماً يعاقب عليه القانون، لئلا يقال ان هناك من يود محاكمة المحطة على النيات، فأجاب: "اعتمدت على المقدمة التي اعدتها المحطة في سبيل الترويج للبرنامج ووجدت ان ما تضمنته يوحي بمضون ما تحتويه". وأضاف: "اذا كانت المقدمة الترويجية تضمنت من المواد ما يسيء الى المملكة العربية السعودية فكيف سيكون الذي ستحويه الحلقة والذي لا علاقة له بالحريات العامة وتقييدها، فالقانون واضح على هذا الصعيد ونحن نتقيد به ونحترمه". وتابع: "ان القضاء قرر منع محطة تلفزيون الجديد من بث برنامج عن المملكة العربية السعودية حفاظاً على العلاقة بين البلدين وعلى السلم الاقتصادي والاجتماعي في لبنان، وان المنع تقرر حرصاً على هذه العلاقات، إضافة الى انه من غير الجائز التعرض لبلد شقيق وقف الى جانب لبنان في كل ازماته، وأخيراً في مؤتمر باريس -2". وأكد "ان الدستور اللبناني يصون الحريات العامة لكن لا يجوز الخلط بين ما ينص عليه الدستور وبين استخدام المنابر الاعلامية في لبنان للاساءة الى اي بلد عربي". وأكد عضوم مساء امس ان المصلحة العليا للبنان تتطلب هذا الاجراء وانه يتحمل مسؤولية القرار لأن المخاطر كانت كبيرة لو ثبت الحلقة. وقال: "ان اعلانات البرنامج دلّت الى سوء نية وتهجم على السعودية وفي حال بث البرنامج وارتكاب مخالفة كان الأمر سيؤدي حتماً الى قطع السعودية علاقاتها بلبنان وإقفال المحطة". وكشف عن وجود كتاب موجّه من السلطات السعودية الى الرئيس الحريري بواسطة السفير السعودي. وفي المقابل كشف وزير بارز - فضل عدم ذكر اسمه - النقاب عن أن التدبير الاحترازي كان المخرج الوحيد لتجاوز المشكلة، وأكد ان الذين اتصلوا بخياط كانوا على علم بتحرك الوسائط الديبلوماسية العربية والسعودية مع رئىسي الجمهورية اميل لحود ورئىس الحكومة ووزراء.