تعلن صباح اليوم النتائج شبه الرسمية للانتخابات العامة التي جرت أمس في اسرائيل والتي ستأتي ببرلمان كنيست جديد هو السادس عشر في تاريخ الدولة العبرية على أن يتم في غضون ستة أسابيع تشكيل حكومة جديدة توقعت استطلاعات الرأي ان يتزعمها رئيس الحكومة الحالية ارييل شارون مستنداً، كما يبدو، الى غالبية برلمانية حققها حزبه "ليكود" وسائر أحزاب اليمين العلمانية والدينية المتطرفة. فرضت أجهزة الأمن الاسرائيلية تدابير مشددة تحسباً لوقوع عمليات استشهادية فلسطينية في يوم الانتخابات العامة بعد توافر 48 انذاراً بذلك. وانتشر 25 ألفاً من أفراد الأمن في مختلف البلدات الاسرائيلية فيما شدد جيش الاحتلال حصاره للضفة الغربية وقطاع غزة. وسجلت الساعات السبع الأولى من فتح صناديق الاقتراع انخفاض اقبال الناخبين قياساً بانتخابات سابقة عزاه المعلقون في الشؤون الحزبية الى عدم مبالاة الاسرائيليين بالانتخابات التي جرى تقديم موعدها لقناعتهم بأنها لا تبشر بشيء جديد ولا تحمل حلولاً للأزمات التي تعيشها دولتهم على الصعد كافة لا سيما شعورهم بافتقاد الأمن واستمرار المقاومة الفلسطينية وان بوتيرة منخفضة. وعاود المعلقون تأكيدهم انه على رغم توقع فوز اليمين الاسرائيلي بغالبية برلمانية، فإن شارون سيواجه مصاعب جمة في طريق تشكيله الحكومة الجديدة لسببين رئيسيين أولهما اصرار زعيم حزب "العمل" عمرام متسناع على عدم الدخول في حكومة كهذه والتزامه توفير "شبكة أمان" لها في حال قررت اخلاء مستوطنات أو تدخلت اسرائيل في الحرب الأميركية المتوقعة على العراق، والثاني اعلان حزب الوسط "شينوي" المتوقع أن يرفع تمثيله من ستة مقاعد حالياً الى 15 - 17 في الكنيست الجديدة رفضه الدخول في شراكة مع حركة "شاس" الدينية الشرقية. ويستبعد المعلقون ان يخرق كل من متسناع وزعيم "شينوي" تومي لبيد وعده، ما يبقي أمام شارون خيار تشكيل حكومة يمينية ضيقة يكون فيها حزبه "ليكود" أكثر الأحزاب اعتدالاً فيما يلعب حزب "الاتحاد القومي" المتطرف بزعامة افيغدور ليبرمان الذي دعا الى قصف أسوان وايران ودمشق وجعل لبنان "أرضاً محروقة" دوراً بارزاً فيها ويكون قادراً على لي ذراع شارون، بحسب تعبير ليبرمان. ويؤكد قريبون من شارون ان حكومة يمينية كهذه هي آخر ما يتمناه شارون نظراً لمواقف "الاتحاد القومي" المغالية في التطرف أولاً ولعلاقة زعيمه ليبرمان الحميمة مع بنيامين نتانياهو الذي يتحين الفرصة لخلافة شارون في زعامة "ليكود" والحكومة. يضاف الى ذلك ادراك شارون ان حكومة من دون "ورقة تين" تتمثل بشمعون بيريز وعمرام متسناع ستسبب له متاعب كثيرة على الحلبة الدولية عموماً والأوروبية تحديداً التي ستغلق أبوابها في وجهها. كما يتوقع مراقبون ان تشيع حكومة يمينية متطرفة مزيداً من القمع والقتل والمجازر في الضفة الغربية وقطاع غزة. وحيال هذه التوقعات اعلن متسناع أمس انه لا بد أن يقود "العمل" الى انتصار "ان لم يكن غداً فليكن بعد غد"، ملتزماً قيادة حزبه على مقاعد المعارضة بهدف تقصير عمر حكومة شارون الذي عبّر عن أمله بأن تجرى الانتخابات البرلمانية المقبلة في موعدها بعد أربع سنوات. الى ذلك، أشار خبراء استطلاعات الرأي الى أن نجاح "العمل" في وقت تدهوره وحصوله على 20 مقعداً برلمانياً على الأقل قد يقلص الفجوة بين اليمين من جهة ومعسكر الوسط واليسار على نحو يحاول الأخير تشكيل جسم مانع يجعل مهمة شارون تشكيل حكومة جديدة شبه مستحيلة. ورأت الصحافية سيما كدمون في "يديعوت احرونوت" ان الاسرائيليين شاركوا في انتخابات أمس وسط شعور بأن لا مفر من أداء واجب مدني و"هذا كان الدافع الذي حركهم وليس أي تحمس ايديولوجي أو أملاً بالتغيير أو ارتياحاً للأوضاع الراهنة". وختمت بالقول ان الدولة التي عاشت فقدان الأمل والأمن الشخصي والاقتصادي تعاني أساساً من فقدان الثقة بشيء واحد: البديل.