حذرت دراسة أعدها فريق عمل من جامعة سابينسا المعرفة في مدينة روما، من الاضطرابات التي تلحقها كثرة مشاهدة التلفزيون بصحة الطفل الجسدية والنفسية والسلوكية ووعيه وتوجهاته. وأشارت الى ان الأطفال الذين يحتفظون بتلفزيون في غرف نومهم أكثر عرضة لبعض الأمراض من غيرهم من الأطفال الذين تخصص لهم ساعات محددة لمشاهدة التلفزيون. ويكرس التلفزيون الكثير من السلوكيات ويسبب المشكلات النفسية لدى الأطفال كالاكتئاب والسلوك العدواني والإفراط في الغيرة والخوف وتعزيز نزعة الاستهلاك وتقليل الاهتمام بمتابعة الدراسة، وصعوبة القراءة والحساب واضطراب أنشطة الدماغ والنزعات العدوانية والاضطراب في نظام التغذية وفقدان التوازن النفسي والتربوي. وكشف الباحثون وجود علاقة بين مشاهدة التلفزيون وظاهرة البدانة عند الأطفال الآخذة بالاتساع، كما انتشر في السنوات الأخيرة الكثير من الأمراض الجسدية بين صفوف هذه المجموعات من الأطفال تتمثل في الحساسيات الجلدية والربو والصداع والحركات المنفعلة اللاإرادية، وشاع الكثير من العادات التي كثيراً ما تتعارض مع القيم والمبادئ الأخلاقية للعائلة. وتشير أصابع الاتهام في نشوء ظاهرة السلوك العدواني في أوساط الأطفال الذين لم يبلغوا سن الرشد بعد الى التلفزيون كوسيلة إعلامية يقضي الأطفال أوقاتاً طويلة تتراوح ما بين أربع وثماني ساعات أمامها يومياً. ويكاد يكون الوقت الذي يقضونه أمام الشاشة الصغيرة يوازي او يفوق تلك الساعات التي يقضونها في المدرسة. وتؤكد الدراسة أن نسبة تتعدى ال80 في المئة من المواد التي تبثها قنوات التلفزيون الإيطالي هي مواد تحتوي على مشاهد العنف، وان 85 في المئة من هذه البرامج صناعة أميركية، ولهذا فإن مظاهر العنف لها القدرة على خلق انحرافات في سلوك الاطفال، لأن المثابرة على مشاهدة العنف من خلال مواد التلفزيون او الفيديو من شأنها ان تؤدي الى ارتفاع حدة الإثارة النفسية والعاطفية عند المتلقي الصغير الذي يتبنى أو يتعلم السلوك العدواني، ويعمل على التقليد بحسب سلوكيات الأبطال الذين يراهم على شاشته الصغيرة، كما ان استمرار رؤية مشاهد العنف يؤدي في كثير من الأحيان الى الهرب من الواقع وتبني حياة الخيال ومناخ العنف، وهذا يجعل الطفل بعيداً من واقعه، فهو يعيش حال تقمص للشخصيات التي يراها أمامه. ولم تستبعد الدراسة دور التكنولوجيا الرقمية والكثير من البرامج التلفزيونية في عملية تطوير الاطفال وتعليمهم وتوسيع مداركهم وتنمية روح الخيال والابتكار لديهم. ففي المجتمعات الغربية يسمح للطفل بالتعبير عن نفسه وعن رغباته بشتى صور التعبير اللفظية او الحركية، وتنطلق قدرات الاطفال اللغوية والفنية فتحكي وتكشف كل ما يعتمل في قلوبهم ومن دون ان يخشوا قمعاً او عقاباً، كما هي الحال في غالبية مجتمعاتنا العربية، والطفل في الغرب يحول ادراك العالم الخارجي ادراكاً ملموساً ومحسوساً أكثر منه ادراكاً معقولاً او مفهوماً، فالطفل لا يعنيه المعنى او المغزى بقدر ما تعنيه تلك العلاقة المادية التي تربطه بالعالم الذي يحيطه.