من اجل التأكيد على ان "عالماً آخر ممكن"، عالم يسوده السلام، تظاهر مساء امس اكثر من مئة الف شخص من مختلف دول العالم في مدينة بورتو أليغري البرازيلية. وكانت هذه التظاهرة التي حملت شعار "ضد العسكرة، وضد الحرب"، افتتاحاً لأعمال المنتدى الاجتماعي العالمي الثالث الذي يستمر الى 28 الجاري. المدينة تعج للسنة الثالثة بمناهضي العولمة، لكن برنامج المنتدى لهذا العام مميز، الكل ينتظر الخطاب الذي يلقيه مساء اليوم الرئيس البرازيلي لويس اغناسيو لولا داسيلفا قبل ان يغادر بلاده ليشارك ابتداء من الأحد في اعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس. خطوة لولا هذه اثارت بعض النقاشات بين المشاركين في منتدى بورتو أليغري، البعض انتقدها، وآخرون رأووا ان لولا خير "سفير لهم" في اللقاء الذي يجمع اصحاب القرار في العالم. لكن مهتمين بالشؤون الداخلية البرازيلية قالوا إن قرار رئيسهم يعود الى قناعته بضرورة كسب ثقة المستثمرين العالميين. في اليوم الأول للمنتدى الاجتماعي امس، اقتصرت معظم النشاطات التي سبقت التظاهرة على امور لوجستية ليتفرغ "المناضلون من اجل عولمة انسانية" لنقاشات في اطار مجموعات صغيرة حول النجاح الذي حققته حركتهم، بعضهم يذهب بعيداً للتأكيد ان منتدى دافوس فقد معناه وصار فقط اجتماعاً لمواجهة متدى بورتو أليغري. وتركز الغالبية على النجاحات الميدانية للتيار المناهض للعولمة ولمنتدى بورتو أليغري منذ انطلاقته قبل سنتين. إذ نجح في بعث الشك في سياسات الولاياتالمتحدة والبنك الدولي، وصعّد اللهجة ضد سيطرة الشركات المتعددة الجنسية على قطاعات اقتصادية عالمية. اما النجاح الأبرز بالنسبة الى آخرين فتمثل في وضع حد لسياسات بعض شركات الأدوية التي لم تأبه لحاجات ابناء الدول الفقيرة، ويطرح موضوع "تأمين الدواء للجميع" كعنوان رئيسي في بورتو أليغري هذا العام. وابتداء من صباح اليوم، تنطلق نشاطات المنتدى وعددها نحو 1700، تتوزع بين ورشات العمل، والحوارات، والمحاضرات والنشاطات الثقافية والفنية. وتقام في حرم الجامعة الكاثوليكية ومراكز اخرى. والعناوين المطروحة للدراسة والنقاش تدور حول التنمية المستديمة وحقوق الإنسان ووسائل الإعلام، والسياسات العامة والمجتمع المدني والديموقراطية العالمية والعسكرة. مناهضة الحرب وعلى رغم الإصرار على ضرورة طرح رؤى بديلة للسياسات السائدة في هذه المواضيع، إلا ان شبح الحرب على العراق يسيطر على المنتدى ليفرض نفسه الموضوع الرئيس. وتتمحور معظم النشاطات حول ضرورة التعبير عن نبذ ومواجهة السياسة الأميركية ورفض هذه الحرب، وتبيان الغايات الأميركية منها. وفي مؤتمر صحافي حول نتائج العولمة شارك فيه حاكم ولاية غراندي دل سول جرمانو ريغوتو وهو يميني هزم مرشح الحزب الحاكم، ومدينة بورتو أليغري تقع في هذه الولاية سرقت أعلام العراق التي رفرف بها برازيليون العيون وعدسات الكاميرا وأثارت تصفيقاً طويلاً. واحتل شبان المدخل الرئيس للجامعات حاملين لافتات عليها: "بوش اخرج من العراق".