يتجسد طموح المنتخب التونسي لكرة اليد في مشاركته السادسة في بطولة العالم التي تحتضنها البرتغال بدءاً من اليوم وتستمر حتى 2 شباط فبراير المقبل في احتلال المركز السابع تمهيداً لحجز بطاقة التأهل الى دورة الألعاب الأولمبية عام 2004 في أثينا، وبطولة افريقيا التي احرز لقبها العام الماضي. وعموماً، تعكس مسيرة المنتخب التونسي لكرة اليد تغييراً في التعامل مع الاستحقاقات القارية والدولية يتمثل في توفير جهاز فني منسجم وثابت منذ اعوام عدة بقيادة المدرب السيد العياري، وتنظيم المعسكرات الداخلية والخارجية قبل أشهر عدة من موعد الاستحقاقات، والسعي الى توسيع دائرة انفتاح اللاعبين على البطولات الأوروبية... وهو ما نأمل بأن يحدث مع كرة القدم ايضاً. وحتم ذلك في ظاهرة لافتة تخلي ابرز مشجعي فريق الترجي التونسي لكرة القدم والمنتخب الوطني، رضا الوحش، عن رتابة مدرجات المستطيل الأخضر الى صالات كرة اليد. وكان ألاساتذة الفرنسيون في المعاهد الثانوية نشروا اللعبة في تونس في بداية الخمسينات من القرن الماضي، وشارك المنتخب التونسي للمرة الأولى في بطولة العالم عام 1967 في السويد، وواكب ايضاً منافسات مونديال إرلندا عام 1995، والصين 1997 ومصر 1999، وفرنسا 2001، من دون ان ينجح في التأهل الى الدور ربع النهائي في اي منها. وفي مقابل رياح التعصب والزعامة القاتلة والصراعات المجنونة لكرة القدم، عاشت بطولة كرة اليد في الظل وأفادت في ظاهرة لافتة من توازن القوى بين الترجي والافريقي وأندية المحافظات الداخلية في المهدية ونابل وسواها. وعزز عنصر الافادة خبرة المدربين الجزائريين، الذين وصلوا الى تونس لقيادة فرقها المتميزة، ونزعتهم الدفاعية وفي مقدمهم كمال عقاب، وانفتاح الأندية المغاربية على بعضها، وكذلك افادت اللعبة من عدم "اجهاض" نجومية لاعبين محليين كثيرين في أرحام المسابقات المحلية، حيث انضم صبحي صيود الى مونبلييه، وصبحي بن عزيزة الى دنكارك وهيكل مقنم الى ستراسبورغ وجميعهم في فرنسا، ووسام بوسنينة الى السد القطري. ونجح حارسا المرمى سليم الزهاني وعتاب بو علي في السير بسرعة على درب العملاقين الحبيب ياقوتة ورياض الصانع، ما وفر خيارات جيدة اضافية للمدرب العياري، الذي حقق الانسجام بين العناصر الشابة وصاحبة الخبرة الكبيرة تمهيداً لمعانقة الأحلام الكبرى. وعلى صعيد اسلوب اللعب، يعشق التوانسة خطة انتشار5-1، ويراهنون على صلابة دفاعهم بالاعتماد على قاماتهم الممشوقة التي تتراوح من 80،1 متر الى 99،1 متر لوسام حمام، وأوزانهم الرشيقة من 75 كلغ الى 98 كلغ. وهم مؤهلون للفوز على ابرز المنتخبات العالمية كما صرح دانيال كونسنتيني مدرب المنتخب الفرنسي "لكن الفارق بينهم وبين الآخرين انه لا يملكون ميزة الصبر والمثابرة للعودة الى المباراة في لحظة الهزيمة، وايضاً الحفاظ على الانتصار في الدقائق الخمس الأخيرة كما حصل في مباراتهم الودية الاخيرة امام ألمانيا حين تقدموا 19-15 ثم خسروا 27-26". من هنا يمكن القول ان لا شيء يمنع الانتصار على الكويت والمغرب وبولندا، في حين تبدو المهمة صعبة امام يوغسلافيا واسبانيا أبرز المرشحين للمنافسة على اللقب. اختصاص أوروبي وبالتطرق الى المنافسات يُستبعد افلات اللقب من المنتخبات الاوروبية على غرار ما حصل في النسخات العشر السابقة، ويرشح الخبراء الدنمارك وايسلندا والمانيا للدخول على خط منافسة فرنسا على اللقب، في حين يتوقعون عدم تخطي السويد عتبة الدور الاول! ولم ترحم القرعة المنتخبات العربية حيث وضعت تونسوالكويت والمغرب في المجموعة الاولى الى جانب وبولندا واسبانيا ويوغوسلافيا ثالثة بطولة العالم الاخيرة. وجاءت الجزائر ومصر ايضاً في مجموعة واحدة الرابعة الى جانب السويد، حاملة اللقب عامي1990 و1999 ووصيفة بطلة العالم 2001 وبطلة اوروبا 2002، والدنمارك وسلوفينيا والبرازيل. واوقعت القرعة المنتخب السعودي في مجموعة فرنسا بطلة العالم 2001، وروسيا بطلة اولمبياد سيدني 2000 اضافة الى كرواتيا والمجر والارجنتين... في حين تلعب قطر، التي بلغت النهائيات للمرة الاولى في تاريخها، ضمن المجموعة الثانية التي تضم منتخبات المانيا وصيفة بطلة اوروبا 2002، وايسلندا واستراليا وغرينلاند والبرتغال صاحبة الضيافة. ويقع على كاهل المنتخب المصري العبء الاكبر لأنه مطالب بالحفاظ على المركز الرابع الذي احرزه في البطولة الاخيرة على اقل تقدير!.