أمير الشرقية : الدكتور عبداللّه الربيش قدم جهوداً مميزة ومقدره    تركي آل الشيخ يتصدر أكثر الشخصيات تأثيراً في عالم الملاكمة لعام 2024    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    وزير الطاقة يزور عدة مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة في المدينة الصناعة بالرياض    «تقييم الحوادث»: قوات التحالف لم تستهدف «مستشفى باقم» ولا «اليتمة» ولا مدنيين    أذربيجان تعلق رحلاتها إلى الشيشان لحين انتهاء التحقيق في سقوط إحدى طائراتها    "السويلم" يدعم مستشفى البكيرية العام لتأمين عددًا من الأجهزة الطبية    تنفيذ حكم القتل قصاصاً بإحدى الجانيات في منطقة الرياض    حرس الحدود بعسير ينقذ طفلاً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    نقل تراخيص المسارح من الترفيه إلى هيئة المسرح    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    صحيفة الرأي الالكترونية توقّع شراكة مع جمعية يُسر بمكة لدعم العمل التنموي    وزير التعليم يُدشِّن أول مدرسة حكومية متخصصة في التقنية للموهوبين    بأكثر من 12.6 مليار ريال.. أمير جازان يُدشِّن ويضع حجر الأساس ل 552 مشروعًا    الإسعاف الجوي بنجران ينقل مصابا في حادث انقلاب    وزير الموارد البشرية يشارك في تعزيز العمل العربي المشترك خلال اجتماعات التنمية الاجتماعية في البحرين    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل في المنطقة    المسعودي رئيسا للاتحاد السعودي للشطرنج حتى 2028    الأمير عبد العزيز بن سعود يكرم مجموعة stc الممكن الرقمي لمعرض الصقور والصيد السعودي الدولي ومهرجان الملك عبدالعزيز للصقور    وزير الداخلية يعزز التعاوزن الأمني مع نائب رئيس وزراء قطر    لمطالبتها ب 300 مليار دولار.. سورية تعتزم رفع دعوى ضد إيران    استشهاد فلسطيني متأثراً بإصابته في قصف إسرائيلي شمال الضفة الغربية    ميدان الفروسية بحائل يقيم حفل سباقه الخامس للموسم الحالي    "التخصصي" يتوج بجائزة التميز العالمي في إدارة المشاريع في مجال التقنية    "سعود الطبية" تعقد ورشة عمل تدريبية عن التدريب الواعي    الإحصاء: ارتفاع مساحة المحميات البرية والبحرية في المملكة لعام 2023    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد اتفاقية تاريخية لمكافحة الجرائم الإلكترونية    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    أهلا بالعالم في السعودية (3-2)    رغم ارتفاع الاحتياطي.. الجنيه المصري يتراجع لمستويات غير مسبوقة    إيداع مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر ديسمبر    تهديد بالقنابل لتأجيل الامتحانات في الهند    إطلاق ChatGPT في تطبيق واتساب    العمل الحر.. يعزِّز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    أمير الرياض يستقبل سفير فرنسا    وافق على الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة.. مجلس الوزراء: تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    تقنية الواقع الافتراضي تجذب زوار جناح الإمارة في معرض وزارة الداخلية    لغتنا الجميلة وتحديات المستقبل    أترك مسافة كافية بينك وبين البشر    مع الشاعر الأديب د. عبدالله باشراحيل في أعماله الكاملة    تزامناً مع دخول فصل الشتاء.. «عكاظ» ترصد صناعة الخيام    السعودية واليمن.. «الفوز ولا غيره»    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    زوجان من البوسنة يُبشَّران بزيارة الحرمين    أخضر رفع الأثقال يواصل تألقه في البطولة الآسيوية    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    الدوري قاهرهم    «عزوة» الحي !    أخطاء ألمانيا في مواجهة الإرهاب اليميني    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    سيكلوجية السماح    استدامة الحياة الفطرية    قدرات عالية وخدمات إنسانية ناصعة.. "الداخلية".. أمن وارف وأعلى مؤشر ثقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمحات ثقافية
نشر في الحياة يوم 17 - 01 - 2003


كل ما يرى
حقّق كربي ديك وآمي زيرنغ كوفمان فيلماً وثائقياً عن جاك ديريدا سيعرض آخر الشهر. أشهر أو أكبر الفلاسفة الأحياء ربما شاء أن يبقي حياته في العتمة. من يفسّر نصاً، مهما صغُر، لفيلسوف بابتكار وحيوية أكبر معرفة به ممن يعرف تفاصيل حياته، قال. لكن كوفمان التي درّسها ديريدا في جامعة يال الأميركية أذعنت لانبهارها المراهق به وشاءت معرفة كل الممكن عنه. في الثانية والسبعين، ولد في الجزائر وطرد من المدرسة في العاشرة لأنه يهودي. تعاونت حكومة فيشي مع المانيا النازية، وبلور هذا الحدث شكه بالسلطة ووقوفه الشرس ضد اللاسامية. كتب روايته الأولى في الخامسة عشرة، ولا يزال شقيقه يعجب من ظهور مفكر بارز في اسرتهم غير المثقفة. حلم بأن يصبح لاعب كرة قدم "لكنني لم أكن جيداً ما يكفي" وعرض عليه التمثيل في فيلم لمارغريت دوراس لكنه رفض. بعد دراسة الفلسفة علّمها في فرنسا والولايات المتحدة، وتتذكر كوفمان انه كان يبدأ التدريس من دون اضاعة دقيقة واحدة أو التطرق الى ما لا يتعلق بالدرس. لا يحتقر التلفزيون مثل سائر المثقفين الفرنسيين بل يشاهده "كل الوقت" ويفكك ما يراه.
ابتكر نظرية التفكيك التي تحلل الأدب واللغة والفلسفة والقانون والهندسة. قال ان القارئ التقليدي يرى اللغة قادرة على التعبير عن الأفكار من دون أن تغيّرها، ويعتبر الكتابة ثانوية الأهمية بعد الكلام ومؤلف النص مصدر معناه. غير صحيح. قراءته التفكيكية فنّدت الفكرة القائلة ان للنص معنى موحداً ثابتاً، واعتماده على التحليل النفسي واللغويات رفض ميل الثقافة الغربية الى الاعتقاد ان اللغة طريقة واضحة ومباشرة للتخاطب. في اللغة مستويات عدة من المعنى، وتحليل الأعمال السابقة أظهر تغير اللغة الدائم. اعتبر نقاد فلسفة ديريدا هدامة، لكنها تركز على التناقض بين ضرورة الوضوح والتماسك في الفلسفة وعجز اللغة عن تحقيق ذلك تماماً. ترتبط نظرية التفكيك بما بعد الحداثة التي يوحدها الاعتقاد انه لا يمكن بلوغ الحقيقة والسلام والعدالة في ظل المؤسسات السياسية والاقتصادية في المجتمع المعاصر والطريقة التي نفهم بها أنفسنا ونعبّر عنها. تحرض التفكيكية ضد طرق التفكير السائدة وتهدمها في تساؤلها عن الشرعي/ اللاشرعي، العقلاني/ اللاعقلاني، والحقيقي/ الخيالي. كل شيء نص يمكن تفكيكه عند ديريدا بما في ذلك الرقص وحركات الجسم المرافقة للحديث. منذ ظهور التفكيكية منذ أكثر من ثلاثة عقود آمن نقاد بموتها. "إذا استمر الرثاء ثلاثين عاماً هل يعني ذلك ان الشيء ميت أو حي؟" تساءل.
تأثيره الكبير في الفكر ظهر في أكثر من أربعمئة كتاب تناول نظريته وخمسمئة أطروحة عالجت فكره في أميركا وبريطانيا وكندا. يثير الجدل كما لو كان سياسياً، وفي 1992 انقسم أساتذة جامعة كيمبريدج البريطانية حول رغبة البعض في منحه شهادة فخرية، ولجأوا الى التصويت للمرة الأولى منذ تسعة وعشرين عاماً لحسم المسألة. ربح ديريدا بأكثرية 336 صوتاً في مقابل 204 أصوات. والأرجح انه فكك العملية أكثر من مرة. اعترف في الفيلم بأنه نرجسي صغير سحره فضول كوفمان التي شاءت تفكيك المفكك. أي جانب في الفيلسوف تود استكشافه في فيلم وثائقي؟ "حياته الجنسية" أجاب كأنه يؤكد جهلها به بعد ثلاثة أعوام من التصوير.
الكتابة بصيغة الجمع
يعرفه الكبار من الأفلام والمسلسلات والصغار من ألعاب الفيديو، لكن أكثر الكتاب مبيعاً كتب العنوان فقط في رواية "الحد القاطع" الأخيرة التي ألفها في الواقع جيروم برايزلر، أحد الكتاب المغمورين الذين "يتعاونون" مع توم كلانسي في العمل. نال خمسة وأربعين مليون دولار من دار بنغوين بوتنام، نيويورك، ليكتب روايتين فقط، والدار تقر بأنه يعطي الأفكار فقط، لكن كتاباً آخرين يحولونها الى رواية. فريق الكتابة أمر شائع في أميركا حيث تعطى الأولوية لأرقام المبيع والربح في أدب التشويق من دون اهتمام بالجانب الشخصي والابداعي في الكتابة. ستيفن كينغ تعاون في آخر رواياته "البيت الأسود" مع بيتر شتراوب، وجيمس باترسون الذي أنتج أربع عشرة رواية ضمتها لائحة الأفضل مبيعاً في العقد الماضي تعاون مع كاتبين آخرين على تأليف اثنتين منها في العامين الأخيرين. بعض كتاب بريطانيا الجديون يخشون انتقال فكرة فريق الكتابة الى بلادهم، لكن السوق فيها يختلف وقد يرفض القراء تسليع كتابهم المفضلين بهذه الطريقة المضللة.
درس كلانسي الأدب الانكليزي وعمل في مجال التأمين، لكنه بقي يحلم بكتابة رواية. جاء النجاح فوراً مع "البحث عن اكتوبر الأحمر" التي أوحى بها فشل فرقاطة سوفياتية في اللجوء الى السويد واهتمامه العميق بالتاريخ البحري. كانت أول رواية تنشرها مطبعة المؤسسة البحرية التي فوجئت ببيع ستة ملايين نسخة وآلاف ألعاب الكومبيوتر المستندة الى الرواية وتحقيق فيلم دشن انتاج أفلام أخرى عن بطله جاك ريان. غضبت البحرية الأميركية أول الأمر من "البحث عن اكتوبر الأحمر" التي روت قصة انشقاق غواصة سوفياتية، وخشيت تهديد الأمن القومي، لكنها ما لبثت أن أدركت ان كلانسي دجاجتها الذهبية. زاد الفيلم اقبال الشباب الأميركي على الانخراط في سلاح البحر كما فعل فيلم "توب غن" لسلاح الجو، وساعد الفيلم والرواية البحرية على نيل موازنة أكبر من الكونغرس. وتبادل الكاتب والعسكر المنافع عندما قدم له هؤلاء كل مساعدة ممكنة لدعم عمله.
اختار توم كلانسي أوروبا، قارة الحروب، مسرحاً لكتابه الثاني "هبوب عاصفة حمراء" الذي دخل منهج الدراسة في الكليات الحربية في الولايات المتحدة. تحذيره من حرب عالمية ثالثة التقى مع الخوف منها والإيمان بأن لا حاجة الى هدر الدماء في أميركا وخارجها. وفي "ألعاب وطنية" رد كلانسي على نقاده فاعتنى ببناء شخصية بطله جاك ريان وركز على اللمسة الإنسانية العائلية في حياته لكي يخفف من اعتماده على التفاصل التكنولوجية. كلانسي نفسه عاش مثل ريان في بيت بني على هضبة تطل على خليج تشيسابيك، ورغب في بناء "حقل للرماية" في بيته الجديد. يقسم البشر تقسيماً صارماً بين الأخيار والأشرار. الأطفال والأطباء وأصحاب البزات طيبون، والسياسيون والصحافيون والشيوعيون أشرار. "المحامي كلب درِّب على الهجوم ولكنه بلا ضمير" يقول، على أن صرامته لا تمنعه من البكاء علناً عند سماع الأغاني العاطفية في المسرح. حلم عندما كان فتى بإرسال البشر الى الكواكب الأخرى قبل أن تنشئ وكالة الفضاء الأميركية برنامجاً لذلك. ويحلم اليوم بلعب دور أكبر في رسم استراتيجية الأمن القومي بعدما اطمأن الى أمنه الخاص بجمع مئات الملايين.
بين التاجر والفنان
رسم نفسه مثل مسيح ثري يرتدي معطف فرو ويرخي شعره الطويل اللامع على كتفيه. التف هذا مثل الثعابين التي جعلها مايكل أنجلو شعر موسى في منحوتته، لكنه كان مصدر فخر لألبرخت دورر منذ رسم صورته الذاتية في الثالثة عشرة. معرض "ألبرخت دورر وتركته" يستمر في المتحف البريطاني حتى الثالث والعشرين من آذار مارس ويظهر خيال وواقعية الفنان الألماني الذي ألهم فناني أوروبا ومصمميها بابتكاره وفانتازيته الغزيرة. ظهر تأثيره في المشاهد البطولية في مرحلة الباروك وسورياليي القرن العشرين، وامتدح المؤرخ الإيطالي فاساري بذح خياله على مضض، إذ أنه فضّل مواطنيه ولا سيما منهم مايكل أنجلو، وانتقد أسلوب دورر القوطي وضخامة نسائه.
يعيّر دورر بغلبة التجارة على فنه، فهو استفاد من الطباعة وانتشرت نسخ رسومه وحفرياته في أوروبا حتى بات أشهر فنان فيها وهو في الثامنة والعشرين. وقع أعماله بالحرفين الأولين من اسمه وإذا بهما يشبهان رمز الماركات التجارية العصرية، أمر يشدد الطابع التجاري الغالب عليه. إلا أنه بقي رساماً لا يضاهى.
التقط ببراعة درجات الاختلاف الدقيق في اللون ورسم بدقة وحساسية المناظر الطبيعية والحيوانات وغيرها من المواضيع التي أثارت اهتمامه الخاص. رسم منظراً طبيعياً في أول رحلة ايطالية له، فكان أول مشهد يبقى لفنان، وضاهى حساسية هولباني في الهيئات ودقة ليوناردو في نقل البشر والحيوانات. لم ينجح فقط في تحقيق شهرة كبيرة لنفسه بل رفع قيمة بلاده الثقافية عندما اعتبرت أوروبا الألمان شعباً من البرابرة الفظّين الذين دمروا حضارة روما القديمة من دون أي تقدير لقيمتها وجمالها.
توهج خيال دورر، خصوصاً في الرسوم والأعمال المحفورة، وسحر الجماهير الأوروبية الأمية بالنسخ الشهيرة ل"حزن" و"الفارس، الموت والشيطان"، و"الرؤيا" لأنها أشبعت الحاجة الى الفهم عبر القصة. في منتصف القرن العشرين ألف باحثون كتباً عن معنى هذه الأعمال، ثم لفت آخرون الى بروز الفرد والضمير البروتستانتي عند دورر على أن صورة رجل الأعمال ما لبثت أن طغت مع سيادة المادية في الحضارات الغربية والشرقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.