ما زالت المخطوطات الانكليزية للكاتب أمين الريحاني تصدر تباعاً، كاشفة عن وجه آخر له هو وجه الكاتب الذي يجيد الانكليزية ويكتب بها نصوصاً جريئة وجميلة. وحديثاً صدر عن دار بلاتفورم انترناشونال في واشنطن كتاب "الطريق البيضاء والصحراء" لأمين الريحاني، وهو مخطوطة من مخطوطاته الانكليزية التي تنشر للمرّة الأولى، وذلك بعد مئة وسبعة وعشرين عاماً على ولادة فيلسوف الفريكة، وثلاثة وستين عاماً على رحيله. يضم الكتاب مجموعة من محاضرات الريحاني الأدبية التي ألقاها في جامعات الولاياتالمتحدة الأميركية وبريطانيا وأنديتهما الثقافية، اضافة الى مقالات له صدرت في الصحف والمجلات الأميركية أمثال: النيويورك تايمز، والبابيروس، وترافل. وتتوزّع هذه المادة الفكرية والثقافية الى ستة محاور هي الآتية: المحور الأول: الشرق والغرب، وفيه يتصدّى الريحاني لمسألة التقاء الحضارتين الشرقية والغربية، وذلك من خلال نصوص ثلاثة: أين يلتقي الشرق والغرب، شرقي الذي يخصّني وغربي الذي يخصّني، والطريق البيضاء والصحراء الذي أخذ عنواناً للكتاب. المحور الثاني: الصحراء، وفيه يعالج الريحاني الأبعاد الثقافية والفكرية لهذا الجانب من جوانب الطبيعة كما تجلّت في الصحراء العربية. وقد تطرّق الى: الصحارى الرومانسية في الواقع وفي الفنون الروائية، الفرار من التمدّن، والمراكز الصناعية في الصحراء. ولم يسبق لموضوع الصحراء ان عولج من هذه الجوانب التي تجمع بين الواقعية والخيال. المحور الثالث: الشك والشيطان، حيث يتطرّق الريحاني الى موضوع الشك من زاوية فلسفية ليُتبعها بمقالة ثانية بعنوان "جرّة الشيطان" وفيها يقيم حواراً مطولاً بينه وبين إبليس، خلاصته أنه لولا الشر لانتفى معنى الخير، ولولا الشك لانتفى معنى الإيمان. المحور الرابع: المرأة، ويضم خمس مقالات تتضح فيها دعوة الريحاني الى أهمية تحرّر المرأة ونيل حقوقها والقيام بدورها الاجتماعي. وعناوين هذا المحور هي: حرية المرأة، المرأة السورية في أميركا، المرأة الانكليزية، مراجعة لوصف المرأة، والمرأة في الشرق الأوسط. المحور الخامس: الرحلة، وفيها العناوين الآتية: الرفيق المراسل حول الكاتب البريطاني إيتش. جي. ولز، من دفتر رحلاتي حول مشاهداته في الهند حيث سعى لمقابلة غاندي في سجنه، الى جبيل المحجّة حول الآثار الفينيقية وإرنست رينان، مسرح الآلام حول عاشوراء في العراق. وتبرز في هذه الكتابات خصائص الترحال الروحي والعقلي في أدب الريحاني عبر تفاعله مع الحضارات الانكليزية والهندية والفينيقية والعربية. المحور السادس والأخير: شجرة المعرفة والايحاء، ويضمّ العناوين الآتية: الربيع في لبنان، شتلة المثال، رفاقي الشعراء عن إمرسون، وثورو، ووتمن، وبوروز، التربية، الشمس الأميركية، ولبنان الجلال. كتب الريحاني هذه النصوص بين العام 1898 والعام 1937 في كل من نيويورك، وأوربانا، وسنسناتي، ونوتنغهام، والفريكة، والقاهرة، وبومباي. وقدّم لهذا الأثر الأدبي الكاتب الأميركي ألان نيكولز، ومهد له الشاعر الأميركي - السويدي الأصل أندرو أوركي. ويتصدر المقدمة والتمهيد مقتبس لافت لكوفي عنّان، الأمين العام للأمم المتحدة، جاء فيه: "أمين الريحاني من الأميركيين العرب الأوائل الذين نذروا أنفسهم لتأمين اللقاء بين الشرق والغرب". وعلى الصفحة الخلفية لغلاف الكتاب مقتبس آخر لفيليب كنيكوت، من صحيفة الواشنطن بوست، ذكر فيه ان: "كتابات الريحاني هي حوار دائم بين هويتين. في تلك الكتابات صِدْقٌ وانفتاح يشدان القارئ ويستهويانه. الريحاني صوت صارخ ضد أي تنافر جوهري بين الشرق والغرب، وضد عدم التناغم بينهما". يقع الكتاب في 178 صفحة من الحجم الوسط، وهو مزود بفهرس للأعلام والمعاني والمصطلحات الواردة في النصوص الثلاثة والعشرين. وهذا الكتاب هو الخامس، بعد مسرحية "وجدة"، ومقالات في "النقد الفني"، و"رسائل الى العم سام"، ودراسة حول "معرفة الليالي العربية"، وذلك ضمن مشروع نشر مخطوطات الريحاني الانكليزية الذي بدأ في العام 1999.