يواصل رئىس المجلس النيابي نبيه بري مساعيه بين رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري لطي المشكلة الناجمة عن منع البث الفضائي لتلفزيون الجديد ثم اعادته، طياً نهائياً بعدما نجح في حصر أضرارها على مستوى السلطة التنفيذية، بغية توفير المناخ لاستمرار التعايش بين الرئيسين وتحضير الاجواء للانتقال لاحقاً الى البحث في امكان فتح ملف التغيير الوزاري. وأكد وزراء ونواب ان تحضير الاجواء بين الرئيسين بات ضرورياً ورغبة سورية، مشيرين الى ان ذهاب الحكومة قد يكون سهلاً، لكن تأمين البديل سيواجه صعوبات ما لم تكن العلاقة بين لحود والحريري طبيعية. ورأى هؤلاء ان التغيير الحكومي يطرح الآن بإلحاح من زاوية ان الحكومة لم تعد قادرة على تصحيح اوضاعها الداخلية فكيف سيطلب منها تصويب الوضع ومتابعة الخطوات للافادة من مؤتمر "باريس -2". ولفتوا الى ان التغيير يتجاوز الآن رغبة بري الدائمة به، وبات يشكل مطلباً لا يحتمل التأجيل الى ما بعد جلاء الموقف على جبهة العراق. وأشاروا الى وجود رغبة نيابية وحكومية باستعجال مناقشة الموازنة للعام الحالي والتصديق عليها. وقالوا ان لجنة المال والموازنة النيابية ستنتهي في مهلة اقصاها الاربعاء المقبل من درسها إذ يتسنى لبري دعوة الهيئة العامة الى مناقشتها في جلسات متواصلة يرجح ان تبدأ في 20 أو 21 من الشهر الجاري. واعتبروا ان لتحديد موعد الجلسات على وجه السرعة، علاقة مباشرة بعودة الحديث بقوة عن التغيير الحكومي. وكشف الوزراء النقاب من ان محادثات بري مع الرئىس السوري بشار الأسد وكبار المسؤولين السوريين، لم تكن محصورة في الشأن الداخلي اللبناني لا سيما ما آلت اليه العلاقة بين الرئىسين بل ايضاً تناولت التطورات في المنطقة والاحتمالات المتوقعة. وأوضحوا ان دمشق تحبذ عدم اقحامها في التفاصيل اللبنانية وكانت تتمنى لو ان الجهود المحلية نجحت في استيعاب المشكلة وعدم تركها تتفاعل، لان ما حصل لم يكن بسبب خلاف على قضايا سياسية تستدعي التدخل السوري. ولاحظ هؤلاء ان لدى القيادة السورية حالاً من التأفف سواء بالنسبة للزج باسم دمشق في المشكلة لجهة محاولة البعض الاستقواء بها، ولجوء البعض الآخر الى التسليم بهذه المعادلة في تبريره الاستجابة لمساعي التهدئة. وأكدوا ان كبار المسؤولين السوريين يتحدثون بلغة تجمع بين العتب واللوم وان بنسب متفاوتة، على الجانب اللبناني لعدم تمكنه من استيعاب المشكلة ودرء تأثيرها السلبي على الوضع العام في البلاد. وفي هذا السياق سألت دمشق عن صدقية التأكيد الدائم لرغبة الرئىسين بالتعاون والتفاهم في وقت تتسارع الامور نحو التأزم وكأن هناك استحالة في التوصل الى مخارج لا تتطلب اساساً سوى الانفتاح والحوار وسعة الصدر؟ ويرى الوزراء في موقف دمشق رسالة مزدوجة الى الرئيسين عنوانها ضرورة تحملهما مجتمعين المسؤولية والتعاطي مع ما حصل وكأنه اصبح من الماضي. ونقل بعض الوزراء عن بري انه كان يتمنى لو ان مجلس الوزراء انتهى بالكامل من دراسة البنود المدرجة على جدول اعماله واقرارها لأن ذلك يعطي للتهدئة معنى اكثر جدية. اما وتقرر تأجيل بعض البنود فإن الوزراء اعتبروا ان طلب التأجيل جاء حيناً بناء لرغبة لحود وحيناً آخر بطلب من الحريري، لكنه لم يتسبب بأي توتير للأجواء. وفي هذا السياق، قال وزير بارز ان تأجيل إقرار مشروع قانون دمج المصارف جاء بطلب من الحريري بينما تمنى لحود عدم البحث في الهيكلية الجديدة لمجلس الانماء والاعمار، مؤكداً انهما توافقا على مبدأ التأجيل من زاوية الحفاظ على الاجواء العادية وعدم تعريضها الى مناكفات في حال احتدم النقاش. وبالنسبة الى التشكيلات الديبلوماسية، اقترح وزير الخارجية محمود حمود الاكتفاء في الوقت الحاضر بملء الشواغر في السفارات باعتبار ان هناك اتفاقاً عليها ولن تتسبب بمشكلة لكن الحريري اقترح اصدار التشكيلات دفعة واحدة، وارتأى تأجيلها الى جلسة لاحقة. وتعاطى لحود بايجابية وطلب من حمود عدم اذاعة اسماء المشمولين بملء الشواغر في 8 مراكز في الخارج كي لا تسرب الى الصحف. وعليه، يأمل الوزراء بألا تقتصر العلاقة بين لحود والحريري على اللقاءات الرسمية من خلال عقد جلسات مجلس الوزراء، وهم يراهنون الآن على امكان اخراجها من الطابع الرسمي بمعاودة اجتماعات العمل، ويتطلعون الى الدور المناط ببري على هذا الصعيد، ومقدرته على تنقية الاجواء تمهيداً للانتقال من مرحلة التعايش الى التفاعل الايجابي، خصوصاً في حال شجعت المعطيات، محلية او اقليمية، على الخوض في التغيير الحكومي والتعاطي معها كاستحقاق اول فور التصديق على الموازنة.