سفير المملكة لدى مصر يستقبل أمين الرئاسة المصرية    بلدية طريب تُزين الطرق والميادين بالأعلام واللوحات احتفاءً باليوم الوطني 94    المركز الإحصائي الخليجي يشيد بمنجزات السعودية بمناسبة اليوم الوطني ال 94    ضبط منشأة مخالفة أطلقت أسماء شخصيات اعتبارية سعودية وخليجية على عطور    استشهاد أربعة فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على مدينة دير البلح    مدير عام جمعية كبدك ..الخير بتنامي ومجدنا يسير مع الدول العظمى    مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع 840 سلة غذائية في ولاية كسلا بجمهورية السودان    القيادة الكويتية تهنئ خادم الحرمين بمناسبة اليوم الوطني ال (94) للمملكة    الأرقام ترجح كفة ميتروفيتش على رونالدو    فيصل بن سلطان: المملكة نجحت في صناعة نهضة فريدة في مختلف الأصعدة    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور "سليمان بن علي بن محمد الفيفي    هتان في ذكرى اليوم الوطني ال94: الوطن أم وأب    تأهب إسرائيلي .. هل حانت «ساعة الصفر»؟    إيران: 51 قتيلاً ضحايا انفجار منجم الفحم    "فلكية جدة": اليوم "الاعتدال الخريفي 2024" .. فلكياً    السعودية تشارك في جلسة الآمال الرقمية ضمن مؤتمر قمة المستقبل    أتيليه جدة يستضيف معرض «قد نفنى وقد نصل»    البديوي يؤكد أهمية دور المجتمع الدولي في دعم الأمم المتحدة لتنفيذ قراراتها الأممية    "الأرصاد" استمرار هطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هذال بن سعيدان    الموت يغيب مطوف الملوك والزعماء جميل جلال    أخضر تحت 20 عام يبدأ التصفيات الآسيوية بالفوز على فلسطين    رايكوفيتش: كنا في غفوة في الشوط الاول وسنعود سريعاً للإنتصارات    مئوية السعودية تقترب.. قيادة أوفت بما وعدت.. وشعب قَبِل تحديات التحديث    صناديق التحوط تتوقع أكثر السيناريوهات انخفاضاً للديزل والبنزين    279,000 وظيفة مباشرة يخلقها «الطيران» في 2030    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجزائري الأوضاع في غزة    وداعاً فصل الصيف.. أهلا بالخريف    «التعليم»: منع بيع 30 صنفاً غذائياً في المقاصف المدرسية    ريال مدريد يسحق إسبانيول برباعية ويقترب من صدارة الدوري الإسباني    في كأس الملك.. الوحدة والأخدود يواجهان الفيصلي والعربي    "سمات".. نافذة على إبداع الطلاب الموهوبين وإنجازاتهم العالمية على شاشة السعودية    دام عزك يا وطن    ولي العهد يواسي ملك البحرين في وفاة خالد آل خليفة    "قلبي" تشارك في المؤتمر العالمي للقلب    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    اكتشاف فصيلة دم جديدة بعد 50 عاماً من الغموض    لا تتهاون.. الإمساك مؤشر خطير للأزمات القلبية    مركز الملك سلمان: 300 وحدة سكنية لمتضرري الزلزال في سوريا    ضبط 22716 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    مسيرة أمجاد التاريخ    «متحالفون من أجل إنقاذ السودان» تطالب بحماية المدنيين ووقف الهجمات في الفاشر    فأر يجبر طائرة على الهبوط    حل لغز الصوت القادم من أعمق خندق بالمحيطات    صور مبتكرة ترسم لوحات تفرد هوية الوطن    الملك سلمان.. سادن السعودية العظيم..!    تشجيع المواهب الواعدة على الابتكار.. إعلان الفائزين في تحدي صناعة الأفلام    مجمع الملك سلمان العالمي ينظم مؤتمر"حوسبة العربية"    إقامة فعالية "عز الوطن 3"    مصادر الأخبار    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. تنظيم المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان    يوم مجيد لوطن جميل    أحلامنا مشروع وطن    "الداخلية" توضح محظورات استخدام العلم    "الداخلية" تحتفي باليوم الوطني 94 بفعالية "عز وطن3"    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضاغطاً على النخاع الشوكي    أبناؤنا يربونا    خطيب المسجد النبوي: مستخدمو «التواصل الاجتماعي» يخدعون الناس ويأكلون أموالهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دروس لم نتعلمها
نشر في الحياة يوم 07 - 09 - 2002

قادت صدمة 11 أيلول سبتمبر أميركيين كثيرين إلى أن يعوا أن من الأفضل لهم أن يولوا اهتماماً أوثق بكثير لما تفعله حكومة الولايات المتحدة في العالم ولنظرة الآخرين إليها.
وقد فُتحت قضايا كثيرة للنقاش لم تكن على الأجندة من قبل. وهذا كله مفيد، وعقلاني أيضاً، إذا كنا نأمل بتقليص احتمال وقوع فظائع في المستقبل. وقد يكون من المريح التظاهر بأن اعداءنا "يكرهون حرياتنا"، كما قال الرئيس بوش، ولكن ليس من الحكمة في شيء تجاهل العالم الحقيقي الذي ينقل دروساً مختلفة.
والرئيس ليس أول من يسأل "لماذا يكرهوننا؟".
وصف الرئيس ايزنهاور، في نقاش مع مرؤوسيه قبل 44 عاماً، "حملة الكراهية ضدنا في العالم العربي لا من جانب الحكومات وإنما من جانب الشعوب". وقد أجمل مجلس الأمن القومي له الأسباب الأساسية: الولايات المتحدة تدعم حكومات "تعارض التقدم السياسي أو الاقتصادي" بسبب مصلحتها في التحكم بموارد النفط في المنطقة.
تكشف عمليات مسح بعد 11 أيلول في العالم العربي أن الأسباب نفسها مستمرة اليوم، ويفاقمها الاستياء من سياسات محددة. والملفت أن هذا يصدق أيضاً على قطاعات ذات امتيازات وتوجه غربي في المنطقة.
ولنضرب مثالاً واحداً فقط: في عدد 1 آب اغسطس من مجلة "فار ايست ايكونوميك ريفيو"، كتب أحمد رشيد، المختص في شؤون المنطقة المشهود له على صعيد دولي، يقول: "ثمة غضب متزايد من أن دعم الولايات المتحدة يسمح لنظام الحكم العسكري برئاسة مشرّف بتأخير وعد الديموقراطية".
واليوم لا نسدي أنفسنا أي صنع جميل باختيارنا الاعتقاد ب"انهم يكرهوننا" و"يكرهون حرياتنا". إذ بالعكس، هذه مواقف اناس يحبون الأميركيين ويعجبون بالكثير مما تتصف به الولايات المتحدة، بما في ذلك حرياتها. أما ما يكرهونه فهو السياسات الرسمية التي تحرم حريات يتوقون هم أيضاً إليها.
لهذه الأسباب، فإن أحاديث أسامة بن لادن بعد 11 أيلول - مثلاً عن دعم الولايات المتحدة أنظم حكم فاسدة ووحشية، أو عن "غزو" الولايات المتحدة للسعودية - لها صدى معين، حتى في أوساط أولئك الذين يحتقرونه ويخشونه. فمن السخط والغضب والاحباط تأمل العصابات الإرهابية باستمداد الدعم والمجندين.
ويجب أن نعي أيضاً أن قسماً كبيراً من العالم يعتبر واشنطن نظام حكم إرهابي. ففي السنوات الأخيرة قامت الولايات المتحدة بأعمال، أو دعمت أعمالاً، في كولومبيا ونيكاراغوا وبنما والسودان وتركيا، وهذه أمثلة قليلة فقط، تنطبق عليها التعريفات الأميركية ل"الإرهاب" - وذلك عندما يطبق الأميركيون المصطلح على أعداء.
في أكثر نشرات المؤسسة الرسمية رزانة، "فورين افيرز"، كتب صامويل هنتنغتون في 1999 يقول: "بينما تندد الولايات المتحدة بانتظام ببلدان متنوعة ك"دول مارقة"، فإنها صارت تعتبر في أعين بلدان كثيرة الدولة العظمى المارقة... والتهديد الخارجي الأعظم لمجتمعاتها".
ولا يغير في هذه المدركات حقيقة أن بلداً غربياً قد اُخضع في 11 أيلول للمرة الأولى على ترابه الوطني لهجوم إرهابي مريع من نوعه معهود تماماً لدى ضحايا القوة الغربية. ويذهب الهجوم إلى أبعد بكثير مما يسمى أحياناً "الإرهاب بالمفرق" لمنظمات مثل "الجيش الجمهوري الايرلندي" و"جبهة التحرير الوطني" أو "الألوية الحمراء".
لقد أثار إرهاب 11 أيلول تنديداً قاسياً في كل أنحاء العالم وسيلاً من التعاطف مع الضحايا الأبرياء، ولكن مع تحفظات.
ولم يجد استطلاع دولي للرأي أجرته مؤسسة "غالوب" في أواخر أيلول تأييداً كبيراً ل"هجوم عسكري" تشنه الولايات المتحدة في أفغانستان. وفي أميركا اللاتينية، المنطقة ذات الخبرة الأوسع في تدخل الولايات المتحدة، تراوح التأييد بين 3 في المئة في المكسيك و16 في المئة في بنما.
و"حملة الكراهية" الحالية في العالم العربي تحركها، طبعاً، سياسات الولايات المتحدة نحو إسرائيل وفلسطين والعراق. وقد وفرت الولايات المتحدة الدعم الحاسم للاحتلال العسكري الإسرائيلي القاسي الذي هو الآن في عامه ال35.
إن من بين طرق تخفيف التوترات الفلسطينية - الإسرائيلية الكف عن رفض الانضمام إلى الاجماع الدولي القائم منذ مدة طويلة الداعي إلى الاعتراف بحق كل دول المنطقة في العيش في سلام وأمن، بما في ذلك دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة حالياً ربما مع تعديلات طفيفة ومتبادلة في الحدود.
وفي العراق، قوّت عشر سنوات من العقوبات القاسية تحت ضغط من الولايات المتحدة صدام حسين، بينما أدت إلى موت مئات الآلاف من العراقيين، وربما فاق عددهم "من قتلوا بما يسمى أسلحة الدمار الشامل عبر التاريخ"، حسب قول المحللين العسكريين جون وكارل مولر في مجلة "فورين افيرز" عام 1999.
إن تبريرات واشنطن الحالية لمهاجمة العراق ذات صدقية أقل بكثير من الوقت الذي كان الرئيس بوش الرقم 1 يرحب فيه بصدام كحليف وشريك تجاري بعد أن ارتكب أسوأ أعماله الوحشية، كما حدث في حلبجة، حيث هاجم العراق الأكراد بغاز سام في 1988. وفي ذلك الوقت كان القاتل صدام أخطر مما هو اليوم.
أما بالنسبة إلى هجوم أميركي على العراق فلا أحد، بمن في ذلك دونالد رامسفيلد، يستطيع أن يحزر بواقعية الأكلاف والعواقب المحتملة.
ومن المؤكد أن المتطرفين الإسلاميين الراديكاليين يأملون بأن يسفر هجوم على العراق عن قتل أناس كثيرين وتدمير البلد، الأمر الذي سيوفر مجندين للأعمال الإرهابية.
ويفترض انهم يرحبون أيضاً ب"نظرية بوش" التي تعلن الحق في شن هجوم ضد أي من التهديدات المحتملة، التي لا حدود لها عملياً. وقد أعلن الرئيس أن "ليس من المعروف كم من حرب تلزم لضمان الحرية في الوطن"، وهذا صحيح.
التهديدات موجودة في كل مكان، حتى في الداخل. وتشكل وصفة الحرب بلا نهاية خطراً على الأميركيين أكبر بكثير من الأعداء المتصورين، لأسباب تعرفها المنظمات الإرهابية حق المعرفة.
قبل عشرين سنة عبر رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق يهوشافات هركابي، وهو أيضاً من كبار المستعربين، عن أمر ما زال صحيحاً. إذ قال: "ان نعرض حلاً مشرفاً على الفلسطينيين يخدم حقهم في تقرير المصير هو الحل لمشكلة الإرهاب". وأضاف: "عندما يختفي المستنقع، لن يعود هناك بعوض".
وفي ذلك الوقت كانت إسرائيل متمتعة كلياً بحصانة ضد الانتقام ضمن الأراضي المحتلة استمرت إلى عهد قريب. لكن تحذير هركابي كان مناسباً، وينطبق الدرس بشكل أعم.
قبل وقت طويل من 11 أيلول كان مفهوماً أنه مع وجود التكنولوجيا الحديثة، سيفقد الأثرياء والأقوياء احتكارهم شبه التام لوسائل العنف ويمكن أن يتوقعوا معاناة من فظائع على التراب الوطني.
إذا أصررنا على خلق المزيد من المستنقعات، فسيكون هناك المزيد من البعوض، مع قدرة رهيبة على التدمير.
أما إذا خصصنا مواردنا لتجفيف المستنقعات، وعالجنا جذور "حملات الكراهية"، فلن نستطيع تقليص التهديدات التي نواجهها فحسب، وإنما الارتقاء أيضاً إلى مستوى المثل العليا التي ننادي بها والتي ليست خارج متناول أيدينا إذا اخترنا أخذها على محمل الجد.
ناشط سياسي، وأستاذ الألسنية في معهد مساتشوسيتس للتكنولوجيا ومؤلف كتاب "9/11".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.