ردت السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، على منتقديها الذين شككوا في دورها كمصدر نفط يعتمد عليه وسعت لتهدئة مخاوف المستهلكين في شأن تعطل الامدادات في حال نشوب حرب في الشرق الاوسط. وأكد وزير النفط السعودي علي النعيمي أمس، في ندوة عقدت على هامش منتدى الطاقة الدولي للدول المنتجة والمستهلكة الذي افتتح في مدينة اوساكا اليابانية أمس، ان السعودية ستبقي قدراتها الانتاجية النفطية متوافرة على الدوام وستقوم بتطوير موارد نفطية جديدة وتتعهد بالعمل من اجل سوق نفطية مستقرة غير خاضعة لتقلبات الاسعار ولكنها متجاوبة مع الظروف المتغيرة. قال وزير النفط السعودي انه يغتنم الفرصة للتأكيد مجدداً على الثوابت في سياسة المملكة حيال مسألة امدادات الطاقة. واضاف ان الرياض "تعهدت العمل من اجل سوق نفطية مستقرة وبعيدة عن اي تقلبات. سنواصل سياستنا الهادفة الى ابقاء القدرات الانتاجية متوافرة في اي وقت وتطوير موارد جديدة باستعمالنا افضل التكنولوجيات بهدف زيادة الفعالية وحماية البيئة". وزاد ان الشرق الاوسط سيواصل في القرن الحادي والعشرين ضمان تزويد العالم بالطاقة بالتنسيق مع الدول المنتجة الناشئة في مناطق اخرى. وتابع ان "المنطقة التي امنت حاجات العالم من الطاقة خلال القسم الاكبر من القرن الماضي عازمة على مواصلة لعب هذا الدور كذلك خلال هذا القرن". واضاف انه "على رغم تعهدنا بضمان توفير الطاقة يواصل البعض التشكيك في منطقتنا بوصفها مصدراً موثوقاً للنفط في العالم". وقال ان ظهور احتياطات جديدة مهمة في آسيا الوسطى "لا ينظر اليه كتهديد" بالنسبة لمنظمة الدول المصدرة للنفط أوبك، وانما "كدلالة على ان ضمان صحة اقتصاد العالم لا يزال يمكنه الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للطاقة". وزاد ان دولاً منتجة غير اعضاء في "أوبك" مثل روسيا ودول بحر قزوين مثل كازاخستان، "تكمل في الواقع ولا تحل محل المصادر العالمية الموجودة ولا تغير بصورة جوهرية المشهد العالمي للطاقة". وأعرب الوزير عن اسفه لوجود "لبس" تغذيه الصحافة في شأن التزام بلاده ضمان توفير النفط وبشأن "ما يقال في شأن وجود مواجهة بين السعودية وروسيا في مجال الطاقة". وقال: "لا اعتقد ان اي دولة منتجة خدمت عملاءها المخلصين وعوضت اي نقص في السوق العالمية للنفط مثلما فعلت السعودية". وتابع: "بكل تأكيد لا نزعم اننا نبذل كل الجهود في هذا الصدد لكن سجلنا جيد في هذا الشأن"، مشيراً الى ان السعودية تمكنت بسرعة من استغلال حقول غير مستغلة لضخ النفط في حالات الطوارئ التي تؤثر في امدادات النفط العالمية. وقال النعيمي امام ممثلي نحو ستين دولة: "استثمرنا بلايين الدولارات في منشآت لتعزيز القدرة الانتاجية وتشييد مسارات تصدير متنوعة. ما زلنا نحتفظ بنحو 30 في المئة من طاقتنا الانتاجية غير مستغلة لتكون جاهزة حال تعطل الامدادات. واضافة الى منشآت تصدير تبلع طاقتها عشرة ملايين برميل يومياً في موانىء المنطقة الشرقية لدينا منشآت تصدير تصل طاقتها الى خمسة ملايين برميل يومياً من موانىء البحر الاحمر للاسهام في تأمين امدادات النفط". وتنتج السعودية نحو 7.7 مليون برميل من النفط يومياً. وتلى كلمة النعيمي كلمة مساعد وزير النفط الأميركي ريتشار كارد الذي عرض خطة بلاده لتنويع مصادر النفط التي تعتمدها الولاياتالمتحدة. وكان الشرق الأوسط غائباً عن لائحة الدول النفطية التي ستكون مصادر تزويد مستقبلي للولايات المتحدة، اذ ضمت دول افريقيا الغربية وآسيا الوسطى وروسيا. وعلق وزير عربي على هذه اللائحة قائلاً انه كان من الأفضل أن يكتب مساعد الوزير الأميركي "وداعاً النفط العربي". واعرب وزير الطاقة الاميركي سبنسر ابراهام أمس في اوساكا عن ارتياحه للضمانات التي قدمتها "أوبك" حول تزويد الاسواق بالنفط. وقال في كلمة القاها اثناء الجلسة الافتتاحية في منتدى الطاقة الدولي: "اننا نرحب بالمبادرة التي صدرت عن عدد من منتجي النفط حول توفير ضمانات للسوق مفادها انهم سيتخذون اجراءات لزيادة الانتاج في حال توقف تدفق العرض النفطي". واضاف ان الدول المستهلكة ايضاً يمكنها "المساهمة باستقرار السوق عبر توفيرها احتياطات استراتيجية من النفط الخام يمكن ان تستخدم في حالات طارئة". وتابع وزير الطاقة الاميركي ان اسعار النفط الخام المرتفعة حالياً "قد تبدو مشجعة للمنتجين على المدى القصير، لكن اليات اسعار متقلبة من هذا النوع تشكل عامل زعزعة للاستقرار على المدى الطويل، وتسيء الى كل الفاعلين في السوق". واشار الى ان اسعار النفط الخام المرتفعة يمكن ان تؤخر النمو الاقتصادي وتسبب الانكماش او تعمل على تفاقمه. وهاجم الاسواق المنظمة واشاد باقامة سوق حرة في مجال الطاقة. وقال ان مثل هذه السوق تؤمن "الاستقرار على المدى الطويل وعرضاً سخياً من النفط واسعاراً تنافسية" وتخدم مصالح المستهلكين والمنتجين على السواء. وزاد ان "التجارة الحرة واسواق الطاقة الحرة تشكل افضل واكثر الوسائل فعالية لتحقيق اهدافنا" المتمثلة بضمان توفير الطاقة. وكرر وزير الطاقة القطري عبدالله بن حمد العطية أمس قوله ان الارتفاع الحالي لاسعار النفط مرجعه المخاوف من صراع الشرق الاوسط وليس نقصاً فعلياً في امدادات المعروض. وكان العطية يتحدث الى الصحافيين على هامش منتدى الطاقة الدولي. وأضاف انه يعتقد ان خمسة دولارات على الاقل من سعر النفط الخام الاميركي الخفيف، الذي يقترب من 30 دولاراً للبرميل، مرجعها علاوة الحرب. وزاد ان "أوبك" يمكنها زيادة الانتاج في اجتماعها المقبل في كانون الاول ديسمبر ولكن شريطة ان تكون هناك حاجة فعلية الى تلك الزيادة، مؤكداً ان "أوبك" ستتدخل دائماً في حالة حدوث نقص في المعروض.