وزير الحرس الوطني يستقبل سفير البوسنة    «ناسا»: «بينو» يقترب من الأرض.. لكن لا خطر    آل بامخير يستقبلون المواسين في فقيدهم    ملتقى «اليونسكو» يختتم أعماله في الأحساء بمشاركة 42 مدينة مبدعة    «الجمارك»: 1,350 حالة ضبط ممنوعات في أسبوع    ضمك يعادل الهلال ويهدي الصدارة للاتحاد    في زيارة رسمية هي الرابعة له .."الفيصل" يستقبل رئيس الأولمبية الدولية    الاتحاد يتحضر للوحدة.. وينتظر ميتاي    أخضر الدراجات يحقق «ذهبية وفضية»    «سنيكر كون» يفتح أبوابه للجمهور    مستقبل صناعي مشرق    استدامة بيئية    العزلة.. تهدد أمان الأطفال النفسي والاجتماعي    اختلافهم مطلوب    ثورة الذكاء الاصطناعي    يوم التأسيس.. يوم فريد وحدث تليد    محمد بن مساعد العصيمي    «خبز التنور».. الخيار الصحي    التراث الثقافي والهوية    وصفة إلكترونية للأدوية المخدرة والمؤثرات العقلية    1% زيادة بتداولات الأسهم السعودية    الذهب يواصل مكاسبه للأسبوع السادس وسط تصاعد التوترات التجارية    74.670 مركبة تدخل وتغادر المملكة يوميا    تركي الفيصل.. رسالة تؤكد أن فلسطين في قلب الأمة    سوريا.. إلى أين ؟!    أزمة القطاع الصحي في غزة تتسبب في وفاة 100 طفل    عربات النقل الترددي وخطورتها على المشاة    في قطار الرياض !    ماذا في جعبة وزارة التعليم ؟    الحرس الملكي يحتفل بتخريج دورات الأمن والحماية واختتام الدوري الرياضي    حزب مودي يحقق فوزا ساحقا في انتخابات نيودلهي ويستعيد السلطة بعد 27 عاماً    موعد مباراة الهلال القادمة بعد التعادل مع ضمك    الأسطورة والمتعصبون    كريستيانو ابن الأربعين...!!    التسليم على الرغبات المتوحشة    الحكمة.. عقل يفهم العواطف    سبب اخفاق النصر في ضم لياو    محمية تركي بن عبدالله تعقد لقاءً تعريفيًا مع المجتمع    المملكة تسلم مصر وفلسطين حصتيهما من الهدي والأضاحي    مليار ريال سنويا حجم سوق الحرف السعودية    مفتي المملكة ونائبه يتسلمان تقرير نشاط العلاقات العامة والإعلام    أمانة المدينة تدشن تقاطع الأمير عبدالمجيد مع سعد بن خيثمة    تعزيز التطوع المجتمعي    تحرك دولي للتنسيق مع سوريا بخصوص الأسلحة الكيميائية    انعقاد «الملتقى القرآني» لمديري وأئمة الشؤون الدينية بمكة المكرمة    هل تتأثر هدنة غزة بتناقضات المعايير الإسرائيلية    مفوض الإفتاء موجهًا رؤساء الجمعيات اللحمة الوطنية من القيم الأساسية التي تعزز من تماسك المجتمع    إنطلاق مؤتمر السمنة السنوي الدولي الثامن بالخبر    1383 حالة ضبط للمنوعات بالمنافذ خلال أسبوع    تخصصي تبوك يكرّم الموظفين والأقسام المميزة    الدكتوراه ل«السهلي»    جامعة أمِّ القُرى تستضيف الاجتماع التَّشاوري الثَّامن لرؤساء الجامعات    خطيب الحرم المكي: كل من أعجب بقوته من الخلق واعتمد عليها خسر وهلك    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    خادم الحرمين وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انا أميركا ... اللذيذة
نشر في الحياة يوم 13 - 09 - 2002

هكذا بدت النهاية سعيدة وكرنفالية ومتلفزة... احتفل الأميركيون بإزالة آخر الأنقاض النيويوركية التي تسببت بها هجمات 11 ايلول 2001، وأطلق رجال الإطفاء دوي صفاراتهم، وتذكر المحتفلون موتاهم على عجل، وهم ينقلون اقدامهم الى المستقبل دفعة واحدة. فناطحات السحاب الملونة لا تعود تنتمي الى زمن الأحداث في حال الأميركيين السعداء... وها هي اليوم "الاحتفالات" قائمة بالذكرى السنوية الأولى للكارثة.
الاحتفال غريب كما هي اميركا غريبة، والأميركيون يسبحون في بحار المتعة بعد كل حادثة مدمرة او عاصفة، حتى انهم لا يزورون موتاهم إلا من باب الشعور بالإثم والسعادة الغامرة. هكذا هم يعبرون عن "عقدة الذنب" في احتفال مهيب.
ولكن الواضح من بعد الإعلان عن الانتهاء من رفع آخر حجر ان هستيريا ناطحة السحاب قد انتقلت الى كثير من الدول جنوب شرقي آسيا، ففي الأخبار ان دولاً مثل تايوان وهونغ كونغ وسنغافورة اقبلت على بناء ناطحات الصحاب بمختلف الأشكال الدائرية والمكعبة والمستطيلة الخ... وهذه الهستيريا تنتمي الى فخامة اميركا اللذيذة، الفخامة التي لا تقف عند حدود والتي ليس لها حدود، فتبدو معها القشعريرة الكونية الخاصة بالعالم من بعد الأحداث الدامية نوعاً من عقد الذنب الباهرة... والعقارية، حتى يبدو الذهول والتسمر امام شاشات التلفزيون احتفالاً مغناطيسياً في نيل درجة من درجات الرعب العلمية الكبرى.
اميركا لا تقف عند حافة النيات، فهي تتبدل وتتغير كما في دراماتها. فالبطل الخارق توقف قلبه موقتاً مع انهيار الفخامة المطلة من اعلى، والضحايا لم يعد لهم أي وجود، إلا في الذكرى البائتة ومن دون سلسلة الماضي المأهول. وهوليوود لا تبدو مع هذا الانهيار إنها تريد الانتقام لنفسها من هذه الفخاخ المنصوبة في طريقها إلا بالاحتفالات الكرنفالية والمواكب الساهرة التي لم تكن موجودة في يوم من الأيام.
وعلى قارعة الطريق الأميركية الواسعة، يروي فيدريكو فيلليني في ذكرياته الساخنة عن هذا البلد الأميركي الغريب الأطوار انه في زيارة له لكاليفورنيا بهدف دراسة بعض المشاريع السينمائية، طلب كمخرج كبير آت من القارة العتيقة وابن بار للبانثيون هيكل الآلهة والكوليسيوم مدرج روما القديم - ان تتم دراسة هذه المشاريع الإبداعية في مبنى قديم، فالإلهام لا يوافيه في ناطحات السحاب الحديثة. وأخذه مضيفوه الأميركيون الى مكتب بدا له جديداً. فقالوا له: "انه مبنى قديم، فقد تم بناؤه منذ خمس سنوات...!!".
وفيلليني الذي يكره ناطحات السحاب لا يطلب في اميركا زيارة اي اثر قديم كان زاره في مرات سابقة. فمن المرجح انه تم تفريغه من الهواء وأزيل بهدف بناء محطة بنزين. وربما تكشف هذه الأنا الفيللينية معنى الاحتفال الكرنفالي المتلفز، بالانتهاء من رفع انقاض برجي مركز التجارة العالمي... اللذين لم يهدما على ما يبدو إلا في الذاكرة الفخمة... واللذيذة ففي اميركا يمكنك ان تفعل اي شيء، وأن تكون اي شيء... حتى يصيبك وهم القوة بالشلل!!
في اميركا يصبح التلفزيون... بطلاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.