وقف مقدم نشرة أخبار تلفزيون "سي بي اس" الأميركي دان راذر تحت الماء في حمام منزله، يتأمل ما سيفتتح به نشرة أخبار صباح 11 أيلول سبتمبر. ومع خروجه من الحمام تابع أخبار الساعة التاسعة صباحاً على محطة "دبليو سي بي اس". "طائرة اصطدمت ببرج التجارة العالمي". بعدها بدقيقة رنَّ الهاتف، وعلى الخط الآخر رئيس "سي بي اس" اندرو هيوارد يقول من داخل غرفة أخبار المحطة: "مركز التجارة العالمي حدث بارز". فرد راذر 70 عاماً: "أنا في الطريق". خلال الرحلة التي تستغرق عادة 15 دقيقة بين بيته والمكتب، بدأ صراع بين راذر المراسل وراذر مقدم نشرة الأخبار. المراسل فيه قال: "اذهب الى حيث الحدث وابدأ بالتغطية". مقدم الأخبار شدد في الوقت نفسه: "اذهب الى الاستوديو". استغرق النقاش ثواني وحسم لمصلحة مقدم البرامج الذي يتربع منذ 20 عاماً على قمة المركز المهيب في المحطة البارزة. في الساعة التاسعة وسبع عشرة دقيقة كان راذر داخل المحطة. فبادره هيوارد قائلاً: "أريدك على كرسي مقدم النشرة... وأريدك ان تستحضر كل خبراتك". قبيل ظهوره على الهواء، اتصل راذر بزوجته جاين، وطلب منها ان تتولى شؤون العائلة لأنه سيغيب لفترة. وبحكم علاقتهما الطويلة تعرف متطلبات عمله. تتوسط كرسي راذر المرتفعة غرفة أخبار "سي بي اس"، وفي كل ليلة يجلس عليها تنتابه المشاعر نفسها. "انها بمثابة دخول الطيار الى قمرة القيادة. تدخل اليها مدركاً انك ستكون بمفردك...". وأضاف: "لا شي مهماً سوى القصة والكاميرا". قبيل الساعة العاشرة ظهر راذر على الهواء، واستهل النشرة قائلاً: "هناك الكثير من الوقائع المجهولة في ما يحصل... وكلمة اليوم هي: تمهلوا... تمهلوا". يدرك راذر انه يقود الأمة اعلامياً. ويُذكّر نفسه دائماً بأن ثلاث ساعات فارق زمني تفصله عن الأميركيين على الساحل الغربي للبلاد، حيث بدأ بعض المشاهدين الاطلاع على ما يجري. ويوضح المقدم الشهير مأزقه قائلاً: "يجب تكرار الوقائع لنتيح للمشاهدين الجدد معرفة ما يجري، وفي الوقت نفسه إذا أفرطنا في التكرار فإن المشاهدين سيبدلون المحطة. وهذا خط رفيع نسير عليه". عند الظهيرة، انضمت مراسلة "سي بي اس" كارول مارين الى راذر داخل غرفة الأخبار لتتحدث عن كيفية نجاتها من الموت لحظة انهيار البرج الأول. فقدت مارين رباطة جأشها وهي تصف ما شعرت به لدى سماعها صوت نبضات قلب اطفائي رمى بنفسه عليها ليحميها من الأنقاض. لكن مارين، على رغم مشاعرها الحادة ومرارة تجربتها لم تستطع اختراق شرنقة راذر حتى وهي داخل عرينه. وبرر المقدم ذلك بقوله: "ان شرنقته محكمة الاغلاق". انضم راذر الى "سي بي اس" عام 1962 وتعرف الى مارين منذ فترة طويلة. ويستعيد تلك النشرة قائلاً: "من الواضح ان كارول مارين المراسلة العظيمة مهتزة. وأن تكون على هذه الحال، أمر يثير القلق. فهي مراسلتنا الأفضل. وما حصل هز أعماقها. ويجب ان استخرج أفضل ما فيها. فما هي الطريقة المثلى لذلك؟ جربت أولاً أن أدعها تشعر بالأمان". وأضاف: "لا أقصد انني أريد ان اتفضل عليها أو أبدو كراعيها. ولكن ربما كانت بحاجة الى أن تشعر بحرارة يد تمسك بها". وخلال حديثها على الهواء مد راذر يده ممسكاً بيد مارين. *عن كتاب "هرولة الى الخطر، قصص عن أخبار 11 أيلول العاجلة". ل"كاتي تروست واليشيا شيبارد". خدمة "نيويورك تايمز"