نابلس الضفة الغربية - أ ف ب - اضطر عماد الشبيري 24 عاماً الذي كان يحلم بحفلة زفاف بهيجة تضم جميع الاهل والاقارب والاصدقاء كما فعل ستة من اخوته الاكبر منه سناً في السنين الماضية، لاقامة احتفال بسيط في ظل حظر التجول في مدينة نابلس. ووجد الشبيري نفسه مضطراً في ظل منع التجول الذي يفرضه الجيش الاسرائيلي على المدينة منذ نحو 69 يوماً لاختصار "حفلة العمر" في ساعتين فقط في قبو ديوان قديم وصغير تملكه احدى العائلات في البلدة القديمة في نابلس على رغم حظر التجول. وقال العريس الذي ارتدى بذلة أنيقة ومد يده لتصحيح ربطة عنقة: "لقد اضطررت لتأجيل حفلة زفافي مرات عدة ولم يعد امامي خيار آخر"، مؤكداً أن "منع التجول طال ولا توجد أي مؤشرات حقيقة تدل على نية الجيش الاسرائيلي الانسحاب من نابلس قريباً". وأكد انه "لا بد للحياة ان تستمر". وأشار عماد الشبيري الى ان الجيش الاسرائيلي سبقه للاقامة في المنزل الذي ينوي العيش فيه بعد الزواج وحوله الى نقطة عسكرية لأيام عدة. وقال: "لقد حطم الجنود محتويات المنزل بما فيها طقم النوم الذي اشتريته حديثاً خلال التحضير للعرس". وأضاف: "من غير الممكن اجراء حفلة الزفاف خلال ساعات رفع منع التجول لان الناس ينصرفون خلال الفترة القصيرة الممنوحة لديهم لشراء احتياجاتهم المعيشية ولا وقت لحضور الاعراس والمناسبات الاجتماعية". وأشار الى انه "فكر باقامة حفلة العرس في نابلس القديمة لأن اهلها دأبوا على خرق حظر التجول واستغلال ازقتها وحاراتها". ويفرض الجيش الاسرائيلي منذ الحادي والعشرين من حزيران يونيو الماضي حظر تجول مشدد على مدينة نابلس التي يقطنها نحو مئتي الف نسمة. ولم يتم رفع حظر التجول عن السكان طوال الفترة سوى مدة 51 ساعة وزعت على تسعة ايام. ويقوم الجيش الاسرائيلي باطلاق الرصاص واحياناً قذائف مدفعية باتجاه البلدة القديمة لمدينة نابلس لاجبار الناس على الالتزام بحظر التجول وعدم خرقه او يتوغل في المدينة لتنفيذ عمليات سريعة كهدم منازل او اعتقال مطلوبين. وكانت الاعراس تقام في مدينة نابلس حتى وقت قريب في صالات مخصصة للأفراح تصدح فيها الموسيقى التي تطغى على اصوات الزغاريد وتوزع الحلوى، بينما يرقص اقارب العروسين تعبيراً عن الفرح. وينتهي العرس بقيام العروسين بالطواف في شوارع المدينة بسيارة يرافقها صف من سيارات الاهل والاصدقاء مطلقة أبواقها بصورة متواصلة. وفي الديوان الذي عقدت فيه حفلة العرس حضر عدد قليل من المدعوين وكانوا على عجلة من أمرهم. ولم يتمكن اثنان من اشقاء العريس يقيمان في مدينة نابلس وشقيقة اخرى تسكن في مدينة طولكرم من حضور الحفلة. اما العروس التي تعمل ممرضة في احدى مستشفيات مدينة نابلس، فلم يتمكن احد من اهلها باستثناء احد اشقائها، من حضور العرس. وقال شقيق العروس الذي تمكن من حضور الحفلة: "كانت المهمة الأصعب امامنا تهريب العروس من مسقط رأسها في قرية سيريس قرب مدينة جنين الى مدينة نابلس في ظل منع التجول". واضاف: "اضطررنا قبل حفلة الزواج السير مسافات طويلة مشياً على الاقدام وسلوك طريق جبلي وعر بين الاشواك والصخور ثم مغافلة الدبابات الاسرائيلية والتسلل الى داخل المدينة في ظل منع التجول وعلى رغم المخاطر الكبيرة". وأوضح ان "عدم حضور بقية افراد عائلتنا حفلة العرس ترك آثاراً نفسية سيئة على شقيقتي التي كانت تحلم بعرس كبير وبهيج يحيطها اهلها والى جانبها والدتها وهي ترتدي فستان فرحها الابيض". وساد العرس صمت. لكن في نصف الساعة الاخير قرر اشقاء العريس وأصدقاؤه كسر الجمود برقصة "الدلعونا الشعبية" وتحلقوا حول العريس الذي اطلقت والدته زغرودة وحيدة شقت صمت البلدة القديمة والدموع ترقرق من عينيها. انتهى العرس في الساعة الرابعة بعد الظهر، لكن معاناة العريس الذي كان عليه ان يجد مخرجاً لنقل عروسه خارج البلدة القديمة الى بيتهم الجديد، لم تنته.