الدار البضاء - "الحياة" - صدر للروائي عبد الرحمن منيف كتاب تحت عنوان "رحلة ضوء: تحديات تواجه الرواية العربية"، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر والمركز الثقافي العربي، ويحاول منيف في كتابه مناقشة عدد من التحديات التي يراها ملحة مثل: لغة الحوار، أي لغة نختار، الشخصية كيف يتم اختيارها وكيف ستحيا وتموت، التاريخ في الرواية، وأثر التلفزيون في الرواية والكتابة. وعن لغة الحوار يقول منيف في مؤلفه الذي يقع في 223 صفحة من القطع المتوسط: "الحوار في الرواية ركن أساسي من أركانها تتكون عن طريقه قسمات الشخصية، وتكتسب المواقف قوة الإقناع. ومن التحديات الكبيرة التي تواجه الروائي العربي كيفية النظر إلى اللغة، وكيفية إجراء حوار بين الشخصيات، ومن ذلك الاستفادة من اللهجات واستخدامها مع الفصحى، والسعي في هدم الفجوة بين المشرق والمغرب العربيين". ويوضح منيف في هذا الفصل أن الرواية العربية خطت على أيدي كتاب كبار أمثال طه حسين، توفيق الحكيم، والمازني إلى لغة عصرية رشيقة، ولكن الحوار على رغم ما اتسم به من مرونة وتقدم بقي غير قادر على نقل نبض الحياة الحقيقية. ويرى منيف أن الفجوة بقيت كبيرة بين الشخصية واللغة التي تستعملها، ما جعل السارد ينوب عن الشخصية في التعبير عما تريد أن تقوله وتشعر به، وينهي منيف فصله فيقول: "استطاع نجيب محفوظ أن يقدم للرواية العربية إنجازات بارزة ومهمة في لغة الحوار ولكن ما زال السؤال قائماً وملحاً: كيف يجب أن يجري الحوار بين شخصيات الرواية؟". ويذكر منيف مقولة كولريدج من إن حياة أي إنسان مهما كانت تافهة ستكون ممتعة إذا رويت بصدق. ومعنى ذلك على رغم وضوحه أن المتعة تحتاج إلى صدق وطريقة فنية لأن الفن إذا خلا من المتعة لا يعود فناً. وتتضمن السيرة عادة كما يرى عبد الرحمن منيف قدراً من الدقة والتفاصيل والمشاعر تفوق الرواية الأخرى. فما يهم كاتب السير رواية ما حصل بالفعل بغض النظر عن فخامة اللغة ورنين الكلمات، وهذا ما يفسر التعاطف الذي تحظى به السيرة الذاتية لدى القراء. وعن علاقة الراوي بالسيرة الذاتية يقول منيف: "قد ينجح الراوي في استعادة سيرته الذاتية أو جزءاً منها في أعماله ولكن عليه أن يكون حذراً مقتصداً حين يستعين بسيرته الذاتية لأنه إذا فعل ذلك مرة ونجح فلا يعني أن طريق الرواية سالك أمامه، فهذا النجاح يشبه إلى حد كبير لعبة الحية والسلم، إذ يقود بعض السلالم إلى الأعلى، ولكن بعضها الآخر يقود إلى الهاوية". ويستمر منيف في عرض نصائحه للروائيين فيقول: "من الضروري أن تكتسب الشخصية الروائية صفاتها نتيجة الممارسة وبشكل متدرج أي أن تصل إليها عن جدارة وبسبب الأفعال التي يولدها الحدث الروائي لا نتيجة ما يضيفه عليها الروائي من صفات، وهذا يعني مقدار من الحياد العاطفي بين الروائي وشخصياته بحيث يتاح للقارىء أن يستنتج الصفات لا أن يلقنها، فالشخصية الروائية قطعة من الحياة أو هكذا يجب أن تكون". ومن بين التحديات التي يراها منيف ملحة على الساحة الأدبية هي التاريخ في الرواية، فهو يرى أن التاريخ في الرواية ليس مجرد أخبار ومعلومات عن ماض انقضى بل هو حاضر بقوة في تشكل وعينا وتجاربنا وخياراتنا في الحاضر والمستقبل، ويؤكد أن الرؤاية التاريخية تعتمد على مادة تاريخية ولكنها ليست التاريخ في حد ذاته، كما أنها ليست بديلاً عنه ولكنها وسيلة للبحث التاريخي والتحقق والتأكد من صحة الوقائع، ويتحدث منيف عن الصدق في الرواية التاريخية فيقول: "الصدق لا ينسحب على التفاصيل الفردية واليومية والشخصيات الكثيرة، وليست مهمة الروائي أن يعكس مقولات المؤرخين ولا تسلية الأغنياء وتحويل التاريخ إلى أعجوبة، والكتابة بلغة قديمة مهجورة بهدف الإيحاء بالصدق والدفة يوقع الرواية التاريخية في مأزق". وفي الفصل الخاص عن البطولة يقول منيف: "مع التطور التاريخي والحضاري بدأت تظهر بطولات الكتل والجموع والناس والأفراد الذين في القاع، ولم تعد البطولة تقتصر على البشر بل امتدت إلى الأماكن والحيوانات والأشياء ....