شكلت مبادرة انشاء الاتحاد الافريقي الذي حل محل منظمة الوحدة الافريقية، مصدراً اضافياً للتباعد بين البلدان المغاربية التي شلت خلافاتها الاتحاد المغاربي الجزائر والمغرب وليبيا وتونس وموريتانيا منذ العام 1995. ويكرس الاتحاد الجديد استمرار مقاطعة المغرب المؤسسات المنبثقة من منظمة الوحدة الافريقية، وهو القرار الذي اتخذه الملك الراحل الحسن الثاني في العام 1984 في اعقاب قبول "الجمهورية الصحراوية" التي اعلنتها جبهة "بوليساريو" من جانب واحد عضواً في المنظمة بتأثير من الجزائر التي وضعت ثقلها في الكفّة. وفيما يعتبر المغرب الغائب الاكبر لدى اطلاق "الاتحاد الافريقي" اليوم في قمة دربان جنوب افريقيا، ظهر الجزائر فاعلاً من خلال الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي يعتبر في مقدم صنّاع الاطار الاقليمي الجديد، خصوصاً انه شارك مع رؤساء جنوب افريقيا ونيجيريا والسنغال في قمة الدول الثماني الصناعية في كندا اخيراً باسم القارة، وأثار ذلك استياءً صامتاً في الرباط بسبب تغييب المغرب الذي يعتبر من البلدان الرئيسية في افريقيا، على رغم كونه ليس عضواً في منظمة الوحدة الافريقية. ليبيا - الجزائر الى ذلك، عمّق الموقف من الاتحاد الافريقي الجفاء بين ليبيا والجزائر التي تتولى رئاسة الاتحاد المغاربي منذ اواسط التسعينات. اذ ابدى الليبيون تحفظاً عن استضافة جنوب افريقيا القمة الاولى للاتحاد الافريقي اليوم وغداً في دربان وسعوا الى عقدها في مدينة سرت، فيما قدمت الجزائر دعماً قوياً للرئاسة الجنوب افريقية. وكانت ليبيا استضافت القمة الاستثنائية التي قررت انشاء الاتحاد الافريقي في ايلول سبتمبر 1999، وسعى زعيمها العقيد معمر القذافي الى تولي رئاسة الاتحاد في فترته الاولى، الا ان بقاء غيوم في سماء العلاقات الليبية - الغربية، خصوصاً الليبية الاميركية في ضوء قضية لوكربي حمل البلدان الافريقية على ترجيح كفّة جنوب افريقيا التي ستستضيف القمة العالمية للتنمية المستدامة في ايلول المقبل. لكن ليبيا وجنوب افريقيا تجاوزتا آثار المنافسة بينهما بفضل وساطة الرئيس السابق نلسون مانديلا، اذ وصل القذافي الاحد الى دربان على رأس وفد كبير لحضور اعمال القمة، فيما استمر الجفاء مع الجزائر على خلفية ارجاء القمة المغاربية التي كانت مقررة في 21 من الشهر الماضي في الجزائر وتأجلت بطلب من ليبيا التي ربما كانت تتطلع الى رئاسة الاتحاد الافريقي. وافادت مصادر مطلعة ان الحماسة الجزائريةلجنوب افريقيا تركت نوعاً من الشعور بالمرارة لدى الليبيين وان هي لم تستبعد عقد اجتماع بين الزعيمين القذافي وبوتفليقة على هامش قمة دربان، سيكون الاول من نوعه منذ قرار ارجاء القمة المغاربية. الا ان مصدراً جزائرياً رفض كشف هويته، قلّل من الخلافات الليبية الجزائرية في شأن التعاطي مع الملفات الافريقية، واكد ان العلاقات تحسنت على هذا الصعيد منذ مجيء بوتفليقة الى سدة الرئاسة خصوصاً منذ انضمام الجزائر الى تجمع دول الساحل والصحراء التي بادرت ليبيا الى انشائه. واعتبر المصدر ان القضية الاساسية التي تسمم تعاطي البلدان المغاربية مع الملف الافريقي تبقى قضية الصحراء، والتي يرى الجزائريون ان تسويتها لا يمكن ان تتم الا في اطار الاممالمتحدة وبناء على تنفيذ القرارات ذات الصلة والقاضية باجراء استفتاء لتقرير المصير.