أحدثت موجة الاعتزالات الأخيرة جدلاً في الأوساط السينمائية المصرية. وأكد كثيرون أن اعتزال عدد من نجمات السينما أخيراً - وأبرزهن موناليزا وعبير صبري وميرنا المهندس وغادة عادل - من شأنه التأثير في السينما نفسها، وفي بقية النجمات أيضاً. وكثرت في كواليس السينما المصريّة التأويلات والتفسيرات لموجة الاعتزال هذه، كما كثر الكلام على ضعف دور أداء النجمات الشابات. ولفت بعض المعنيين من أهل المهنة والمراقبين إلى المخاطر التي تتهدّد السينما المصريّة، بسبب التراجع الملحوظ في نجمات الصف الأول، من أمثال سميرة أحمد ونبيلة عبيد وليلى علوي ولبلبة، إذ بات دورهن يقتصر هذه الأيّام على مجرد التمثيل المشرف في المهرجانات أو المسلسلات. وتثير أزمة اعتزال الفنانات المصريات قضية جديدة، هي الاستعانة بفنانات عربيات للحلول مكانهن. وترى المخرجة إيناس الدغيدي التي استعانت بالممثلة التونسية الشابة هند صبري كبطلة في آخر أفلامها "مذكرات مراهقة"، أن اعتزال الفنانات لا يمثل أزمة في السينما... لكن الأزمة الحقيقية هي قلة الموهوبات، ورفض بعضهن الأدوار التي تتطلّب مشاهد جريئة. وذكّرت الدغيدي بأن الممثلة المحترفة تؤدي كل الشخصيات، بكل ما تتطلبه، حتى يصدق الجمهور ما يراه على الشاشة في النهاية، خصوصاً أن هناك رقابة وحدوداً لا يمكن تجاوزها. وتضيف المخرجة: "اللجوء إلى نجمات من خارج مصر بات ضرورة ملحّة بسبب موجة الاعتزالات، وأيضاً بسبب ما تشهده الساحة السينمائيّة المصريّة من تقصير وشحّ ومحافظة، وخوف من الأدوار الجريئة". ومن جانبها تؤكد التونسية هند صبري أن وجودها في مصر غير مرتبط باعتزال النجمات المصريات، وإنما بموهبتها التي تستطيع أن تنشرها في مصر، على رغم صعوبة المنافسة مع زميلاتها المصريات. أما الفنانة الأردنية فرح التي شاركت أحمد زكي بطولة فيلم "أرض الخوف"، ومثلت مع فاروق الفيشاوي في فيلم "الحفار" ومع عزت العلايلي في فيلم "غرانيتا"، وأخيراً في فيلم "بركان الغضب" الذي يتناول القضية الفلسطينية، فتوضح ل"الحياة" أنّها بدأت في الإعلانات، مثل كثير من الممثلات الجديدات في مصر، ثم عملت في تصميم الأزياء، إلى أن داعبها حلم التمثيل الذي لم تتنازل عنه. كما أكدت أن وجودها على الساحة سابق لموجة الاعتزالات التي تثير أزمة في السينما المصرية. وتقول الفنانة اللبنانية نور التي عرفها الجمهور المصري في فيلم "شورت وفانلة وكاب" مع أحمد السقا، ثم في فيلم "أصحاب ولا بيزنس" مع مصطفى قمر وهاني سلامة: "الأزمة التي واجهتها في البداية هي اللهجة المصرية، ومع مرور الوقت بدأت السيطرة عليها". وتوضح أنها غير مندهشة من وجود فنانات عربيات في مصر التي تعتبرها هوليوود الشرق وبوابة النجومية، مشيرة إلى أن موجة الاعتزال في مصر لم تؤثّر لا سلباً ولا ايجاباً على وجودها في الساحة الفنية. ولا ترى ميرنا وليد، فارقاً بين ممثلة مصرية وأخرى عربية إلا بالموهبة. وتؤكّد الممثلة اللبنانية التي تشارك حالياً في تصوير مسلسل "قاسم أمين" إخراج إنعام محمد علي، أن الموهبة هي المعيار الوحيد لوجودها في مصر. وإذا كانت تعترف بأن اعتزال بعض الممثلات قد يترك فرصة إضافية للبروز، أمامها وأمام ممثلات أخريات من خارج مصر، فإنّها تصرّ على كون ذلك ليس السبب الرئيس لدخولها مجال السينما المصريّة... وترفض أن تفسّر أزمة السينما المصرية، في ضوء موجة الاعتزال وحدها دون سواها من العوامل الفنية والاقتصاديّة والسياسية.