بدأت أغنى دول العالم أمس اجتماعا يستمر يومين في منتجع كاناناسكيس الكندي لبحث مبادرة جديدة لدعم التنمية الافريقية الى جانب قضايا الشرق الأوسط ومكافحة الارهاب. ومن المنتظر ان يسعى زعماء افارقة للحصول على دعم كامل لخطتهم الطموحة من أجل انتعاش اقتصادي عندما يشاركون اليوم في أعمال القمة. ويعرض رئيس جنوب افريقيا ثابو مبيكي "حلمه الافريقي" الذي يدعو الى "نهضة عملاق القارة النائم" امام القمة ال28 لمجموعة الدول الثماني. ويتوقع ان يحصل مبيكي ونظراؤه الافارقة الذين يرافقونه، الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة والنيجيري اولوسيغون اوباسانجو والسنغالي عبدالله واد، على موافقة مجموعة دول الثماني وهي الولاياتالمتحدة وروسيا واليابان والمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وكندا، لتنفيذ مشروع "الشراكة الجديدة للتنمية الافريقية" نيباد، وهو شبيه بخطة مارشال الاميركية التي وضعت لإعادة بناء اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. ويهدف المشروع الى استثمار الدول الثرية بلايين الدولارات سنوياً لاعادة الانتعاش الى الاقتصادات الافريقية وتخفيف الفقر في القارة، في مقابل تعهد الحكومات الافريقية إزالة الفساد ودعم الديموقراطية وحقوق الانسان، وتنفيذ خطط لتطوير اقتصادات بلدانها استناداً الى معايير السوق الحرة الدولية. وأكد ديبلوماسيون افارقة ل"الحياة"، ان جنوب افريقيا مارست جهوداً خارقة الشهر الجاري لاقناع الزعيم الليبي معمر القذافي، الذي وافق على مضض على عدم عرقلة مشروع "الشراكة الجديدة للتنمية الافريقية" والتخلي عن قيادة الحقبة الجديدة من تاريخ القارة الافريقية والتي تبدأ مع عقد اول قمة للاتحاد الافريقي ويرأسها مبيكي في الثامن من الشهر المقبل في مدينة دربان الجنوب افريقية. ويعتبر القذافي نفسه الأب الروحي والمسؤول عن مشروع الاتحاد الافريقي الذي عرضه امام قمة منظمة الوحدة الافريقية في دورتها العادية ال35 التي استضافتها الجزائر في تموز يوليو 1999، كذلك اعلانه في قمة استثنائية عقدت في سرت ليبيا في ايلول سبتمبر من العام نفسه ولادة الاتحاد وميثاقه الذي يلغي المنظمة الافريقية التي تأسست عام 1963. وكان مبيكي نظم اجتماعاً في العاشر من الشهر الجاري ل"لجنة التوجيه" في "الشراكة الجديدة" ضم 15 من رؤساء الدول الافريقية، لم تشارك فيه ليبيا. ووافقت اللجنة على اسس عريضة اعتبرت انها تشكل الحد الادنى لاقتصاد جيد وحكم سياسي ديموقراطي، كما حددت مواد قانونية اعتبرتها الافضل لدعم الحكم الجيد ولفاعلية السوق ضمن إطار معايير مصرفية دولية لتطوير الاقتصاد. وبعد هذا الاجتماع مباشرة سافر مبيكي الى ليبيا في 12 من الشهر نفسه لاقناع القذافي بتأييد "الشراكة الجديدة" والمشاركة في قمة دربان الافريقية. ورافق الرئيس الجنوب افريقي وفد عسكري رفيع المستوى بحث مع مسؤولين عسكريين ليبيين في امكانات التعاون في مجال الدفاع. ونقلت صحف جنوب افريقية عن المدير التنفيذي لمصنع الاسلحة الجنوب افريقي ماكس سيسولو، ان ليبيا تسعى الى تحديث اسطول المقاتلات والمروحيات، وأن الشركات الجنوب افريقية ربما تساهم في مجال معدات الاتصالات والرادارات والانظمة الالكترونية والمدرعات والآليات المضادة للالغام. واعتبر ان المحادثات كانت "مثمرة ومهمة" على رغم انها ما زالت في مراحلها الاولى. وفي إطار المحاولات الديبلوماسية الجنوب افريقية ذاتها، شارك الرئيس السابق لجنوب افريقيا نلسون مانديلا في محاولات إرضاء القذافي، فسافر مطلع الشهر الجاري الى اسكتلندا حيث ينفذ الليبي عبدالباسط المقرحي حكماً بالسجن في قضية لوكربي. واجتمع مانديلا لفترة ساعتين مع المقرحي في زنزانته، ثم خرج ليطالب بنقله الى سجن في إحدى الدول الاسلامية القريبة من بلده مصر او تونس او المغرب لاستكمال تنفيذ الحكم الصادر ضده. وعلى رغم نفي ليبيا وجنوب افريقيا وجود خلافات بينهما في شأن "الشراكة الجديدة للتنمية الافريقية" وقيادة الاتحاد الافريقي، إلا ان مبيكي اعترف بوجود منافسة وإن قلل من اهميتها. وقال بعد عودته من ليبيا: "المنافسة ستكون موجودة باستمرار، لكن لا اعتقد أنها كانت او ستكون عقبة عندما نتحدث عما يجب ان يتحقق" لانتعاش القارة الافريقية. وفي ذلك، يقول ديبلوماسي افريقي: "ان الدول الغربية، خصوصاً مجموعة الثماني الصناعية، لن تقبل بالتعامل مع اي مؤسسة افريقية يكون على رأسها القذافي، وتحديداً الشراكة الجديدة للتنمية الافريقية والاتحاد الافريقي".