رام الله الضفة الغربية - أ ف ب - لم تبق دبابات وآليات الجيش الاسرائيلي التي اقتحمت مدينتي رام الله والبيرة وبلدة بيتونيا عند ساعات فجر امس هامشا ولو قليلا لمباشرة التغيير الذي اجراه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على حكومته مستجيبا لضغوط خارجية لتنفيذ اصلاحات. وبعد انقضاء نحو عشر ساعات فقط على اعلان حكومة فلسطينية من 21 وزيرا تضم في صفوفها خبراء في الادارة العامة وعددا من الوجوه الجديدة، تحول معظم هؤلاء رهائن للجيش الاسرائيلي الذي اخضعهم وسكان منطقة رام الله لحظر تجول مشدد بينما راح ينفذ عمليات اعتقال ومداهمات في ارجائها. وطوقت الدبابات الاسرائيلية كذلك مقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي كان يستعد لاستقبال الوزراء الجدد الذين كان يفترض ان يؤدوا اليمين القانونية، لكن الاحتلال الاسرائيلي الجديد حال دون ذلك. واعتبر غسان الخطيب وزير العمل في الحكومة الجديدة ان "اختيار اسرائيل اقتحام رام الله في اليوم الاول لتشكيل الوزارة ليس سوى رسالة بأن الدولة العبرية لا تعيق اي اصلاحات فقط، لكنها تذكر الفلسطينين بأن السلطة القائمة الان هي سلطة الاحتلال". واضاف ان "ذلك يملي على الجانب الفلسطيني توظيف هذا التغيير لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في هذه المعركة ضد محاولات اعادة فرض الاحتلال". واكد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ان اول اجتماع للحكومة الفلسطينية الجديدة ارجئ بسبب "العدوان والحصار" الذي فرضه الجيش الاسرائيلي على الرئيس ياسر عرفات ومقره في رام الله. وقال عريقات لوكالة "فرانس برس" انه "لن يعقد اجتماع الحكومة الفلسطينية الجديدة الذي كان من المفترض ان يتم اليوم ويجري خلاله تأدية القسم من الوزراء امام الرئيس عرفات في مقر الرئاسة الذي تحاصره قوات الاحتلال". ويبدو ان الاحتلال الاسرائيلي الجديد لم يمنع أداء القسم فقط ولكنه يعيق، حسب مراقبين، سلسلة خطوات اطلقها عرفات اخيرا وتهدف الى تمتين مؤسسة الحكم الفلسطينية. واثر اعترافه بارتكاب "اخطاء" اعلن عرفات في خطاب له امام المجلس التشريعي الفلسطيني منتصف شهر ايار مايو الماضي عزمه اجراء انتخابات عامة ونقابية في الضفة الغربية وقطاع غزة وادخال تغييرات على حكومته. واتبع عرفات اعلانه هذا بمصادقته على القانون الاساسي بعد سنوات من المماطلة وفي الوقت نفسه صادق على قانون استقلال القضاء الذي اقره المجلس التشريعي وظل ينتظر توقيع الرئيس الفلسطيني. وتوج عرفات خطواته هذه باعلانه اول من امس عن تشكيلة حكومته الجديدة التي ضمت للمرة الاولى وزيرا للداخلية مسؤولا عن اجهزة الامن الداخلية في خطوة غير مسبوقة تعطي مثل هذه الصلاحيات لشخص غير عرفات. وظل عرفات يحتفظ بمنصب وزير الداخلية منذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994. ومن ابرز التغييرات التي اجراها عرفات على حكومته وتؤشر الى بداية عملية الاصلاح، تعيين خبير الاقتصاد الدولي سلام فياض في منصب وزير المال وهو منصب ظل دوما حكراً على مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية المقربين من عرفات. ويتهم مسؤولون فلسطينيون حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بأنها سعت دوما الى ايجاد بديل لعرفات والقيادة الفلسطينية الحالية عبر "فرض شروط الاصلاح على السلطة الفلسطينية كمقدمة للتفاوض معها". وقال الخطيب ان "الاعتداءات الاسرائيلية ومحاولات فرض الاحتلال مجددا دليل على ان اسرائيل غير معنية بالاصلاحات وانما تستخدم مصطلح التغييرات والاصلاح من اجل البحث عن بدائل تسجيب شروطها السياسية". واعتبر وزير الاعلام ياسر عبدربه ان الحصار الذي يفرضه الجيش الاسرائيلي منذ فجر امس على المقر العام للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات محاولة من رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لقطع الطريق على المفاوضات. ووصف عبدربه هذا التوغل بأنه "جريمة" وقال انها "محاولة من شارون لقطع الطريق على جميع الجهود الجارية للعودة الى مفاوضات سياسية". واكد ان هذه العملية "هي رد شارون على تشكيل الحكومة الفلسطينية ليقول ان لا سلطة سوى سلطة الاحتلال ورسالة قبل اجتماعه مع بوش على انه ماض في مخططاته".