عودة القوة الى المشلول أم الهيمنة على الادمغة بالآلات الذكية؟ هذا ما تعد به رقاقة كومبيوتر زرعت في رأس ثلاثة من قردة "ريزوس" لتساعد أدمغتها على "التفكير" في الحركة وتصورها. وراقب العلماء بدقة الاشارات التي تحصل في دماغ البشر عندما يحركون بأيديهم الفأرة الالكترونية بمهارة. ثم كتبوا هذه الاشارات على شكل برنامج كومبيوتر. اي ان الجهاز بات عارفاً بالطريقة التي يعمل فيها الدماغ عندما يعطي اوامر الى اليد لاداء حركات دقيقة. وزرعوا في أدمغة القردة رقاقات خاصة، تقدر على تنشيط الأعصاب فيها. وبث الكومبيوتر اشارات الحركة الى أدمغة القردة، وكأنه يأمرها بأن تحرك ايدي القرود. والنتيجة ان ايدي القردة حركت الفأرة في براعة غير موجودة عند غيرها من أفراد فصيلتها. وفي معنى آخر، فان الكومبيوتر سيطر على الدماغ الذي يسيطر على الجسم! وهكذا تدخل علاقة الكومبيوتر مع الدماغ في مرحلة جديدة، ويتقدم على حساب الدماغ. وبعد ان دأب العلماء طويلاً على محاولة جعل الاجهزة "تقلد" المخ، دخل الأمر مرحلة ان يأمر الكومبيوتر الدماغ فيطيعه! ولأن الكومبيوتر هو من صنع بعض الادمغة، فهنالك بعض العقول صارت قريبة من مرحلة التحكم المباشر والقسري بأدمغة أخرى! ولم توارب الكلمات التي صرح بها العلماء عن هذا الانجاز العلمي في حمل هذا المعنى. فقد صرح البروفسور جون دونوهيو، الذي قاد فريق البحث، الى مجلة "نايتشر" بالقول: "لقد استبدلنا التحكم باليد بالتحكم في الفكر". حتى ان التجربة نفسها لا تخلو من دلالة. فالبرنامج الذي بثه الكومبيوتر الى عقول القردة هو عن التحكم بفأرة الكومبيوتر. وصارت القردة الثلاثة "الأبرع" في استعمال الفأرة الالكترونية من غيرها من...القردة! هل يريد البعض ان يكمل "البشر"؟ من يدري؟ ربما علينا العودة مجدداً الى شريط الستينات الشهير لستانلي كوبريك "كوكب القردة"، والتأمل في عدد كبير من الامور.