انطلقت في الدوحة أمس فاعليات المؤتمر الدولي الخامس لتنمية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الدول العربية "عربكوم 2002" والمعرض المرافق له، واللذين يعتبران أكبر حدثين متلازمين من نوعهما يشهدهما العالم العربي كل عام. يناقش مؤتمر "عربكوم" الذي يعقد لمدة ثلاثة أيام، 46 ورقة عمل يقدمها كبار المختصين في صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في العالم العربي والأسواق الدولية. وكان المؤتمر الذي يعقد في بيروت، قرر الانتقال إلى الدوحة السنة الجارية، وسيعقد في تونس السنة المقبلة. وكان بارزاً في المداولات التي جرت أمس التأكيد على ضعف درجة اختراق خدمات الهاتف والانترنت في العالم العربي، والاشارة إلى تحول لافت في طريقة تقديم المعلومات إلى المستهلك النهائي لخدمة الاتصالات في العالم عموماً والعالم العربي خصوصاً، علاوة على الاشارة إلى ضرورة مراجعة وسائل تطبيق الحكومة الالكترونية في العالم العربي. وحضر المؤتمر أيضاً وزراء المواصلات من جيبوتيوالجزائروالبحرينوالإماراتوموريتانياوالكويت واليمن والسودان، علاوة على قطر. أما وزير الاتصالات الفلسطيني عماد الفالوجي فاستحال قدومه، بسبب الظروف الحالية. ويشارك غالبية الوزراء في الجمعية العمومية لمنظمة "عربسات". كما تشارك مئة شركة عالمية تعمل في مجال الاتصالات، إلى جانب حضور 400 شخصية من 52 دولة من العالم العربي، ومن دول صناعية ونامية، بينها الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا والمانيا وايطاليا واستراليا والسويد وقبرص واليابان وإيران والهند وسنغافورة والصين وبلجيكا. وقال المنظمون إن اللقاء السنوي تحول إلى مركز فعلي للعاملين في قطاع الاتصالات من مستثمرين وباحثين واقتصاديين وصنّاع قرار في القطاعين العام والخاص، للبحث في سبل بناء استراتيجيات وشراكات تخص النهضة الرقمية في الوطن العربي. وتوزعت الندوات أمس بين مواضيع عدة تخص "الصوت عبر بروتوكول الانترنت" و"الأنظمة والتحالفات: قوة الشراكة"، و"الدور الاجتماعي للاتصالات" و"تأثير تكنولوجيا المعلومات على صناعة الاتصالات" وبين "الحكومة الالكترونية" في قطرولبنان، وتدريب الكوادر الخليجية على "مواجهة تحديات الأمن في عالم النظم المعلوماتي"، و"حلول الهاتف الجوال لهيئات تطبيق القانون" من شركة وغيرها. وجرى مساء افتتاح معرض "عربكوم" في "معرض قطر الدولي" بمشاركة عارضين من 400 شركة عربية ودولية تعمل في مجال إدارة البيانات والحلول المعلوماتية والاتصالات عبر الأقمار والبرمجيات ومنصات الاتصالات وأنظمة الأمن والمراقبة والمحطات الطرفية على الانترنت وشبكات الأعمال وصناعة الفضاء والدفاع والخدمات المالية. ودعا الشيخ عبدالله بن محمد آل ثاني، رئيس مجلس إدارة "كيوتل" القطرية للاتصالات شركات الاتصالات العربية إلى "زيادة التنسيق والتعاون" و"مواجهة تحديات العولمة". وقال خليل أبو زرق، ممثل المكتب الاقليمي العربي في "الاتحاد الدولي للاتصالات" في كلمة له، إنه بين "83 قطراً في العالم لديها كثافة هاتفية تقل عن عشرة هواتف لكل 100 من السكان، هناك تسعة أقطار عربية. وبين 29 قطراً تقل الكثافة فيها عن هاتف واحد لكل 100 من السكان، هناك أربعة أقطار عربية. وبين 63 قطراً تقل نسبة مستعملي الانترنت فيها عن واحد في المئة من السكان فإن هناك 12 قطراً عربياً". وأضاف في مداخلة له ان "متوسط الكثافة الهاتفية لمجموع البلاد العربية لا تزال تقل عن عشرة هواتف لكل 100 من السكان البالغ عددهم 280 مليوناً، وهي نسبة تقل كثيراً في المناطق الريفية والنائية والتجمعات السكانية ذات الدخل المنخفض. وقال ل"الحياة" إن عشرات الملايين في العالم العربي لم يسبق لهم أن استعملوا هاتفاً، مشيراً في هذا الصدد إلى أن بعض الدول مثل البحرينوالإمارات لديها شبكات هاتف ممتازة، لكن دولاً أخرى تقل فيها مستويات الخدمات إلى درجة كبير مثل الجزائر التي تملك 5.1 مليون هاتف ل30 مليوناً من السكان، وتونس الذي فيه 300 ألف هاتف لثلاثين مليوناً، ومصر التي فيها ستة ملايين هاتف ل65 مليوناً من السكان، والسعودية التي تفتقد إلى الهاتف في ثلاثة آلاف قرية من أصل تسعة آلاف قرية تضمها البلاد. وأضاف ان القطاع الخاص مستعد للاستثمار ولكن المشكلة هي في عدم تناسب التكنولوجيا والتطبيقات المتاحة مع دخل الأفراد. وقال: "من واجب الحكومات فتح باب المنافسة في شكل أوسع، لأن المشكلة ليست تقديم خدمة الهاتف بكلفة بسيطة بالدولار، ولكن بكلفة بسيطة بالعملة المحلية والدخل المحلي". وأشار عبدالعزيز فخرو، مدير هندسة الهاتف الجوال في "كيوتل"، إلى أن درجة اختلاف خدمة الهاتف النقال في العالم العربي تبقى محدودة، إذ أنها تبلغ 70 في المئة في الإمارات و36 في المئة في البحرين و31 في المئة في الكويت و29 في المئة في قطر و22 في المئة في لبنان بالمقارنة مع المعدل العالمي 14 في المئة، وهي النسبة التي يعرفها المغرب. أما بقية الدول العربية والدول المجاورة، فإنها تعاني من نقص كبير، حيث أنها لا تتجاوز عشرة في المئة في الأردن وتسعة في السعودية وسبعة في عُمان وأربعة في مصر وفلسطين وثلاثة في تونس واثنين في موريتانيا وإيران. وشدد المتحدثون على أهمية تعزيز درجة اختراق خدمات الاتصالات لأنها ستتيح استفادة العالم العربي من فرص النمو التي تتيحها خدمات تكنولوجيا المعرفة مثل وسائل الاتصالات المتحركة الخاصة بالانترنت وخدمات الجيل الخامس للهاتف النقال والتواصل عبر الأقمار الاصطناعية من دون شبكات برية، في وقت لا تتجاوز درجة اختراق خدمات الانترنت اثنين في المئة من عدد السكان 6.5 مليون نسمة. ونبه سامر حلاوة، المدير الاقليمي لشركة "إنمارسات" إلى أن "للفجوة الرقمية أهمية استراتيجية في تحديد موقعنا في الاقتصاد العالمي".