تفاوتت ردود الفعل الاسرائيلية على اقتراح رئيس الحكومة ارييل شارون عقد مؤتمر دولي "يكون مدخلاً يمكن التوصل من خلاله الى السلام والأمن". وفيما رأى أقطاب اليمين المتطرف ان الاقتراح سابق لأوانه ويجب "طرد الرئيس الفلسطيني أولاً من المناطق الفلسطينية"، أيد وزراء حزب ليكود الفكرة شرط "عدم التراجع عن استثناء الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من المشاركة وعدم اشراك أوروبا". جاء ذلك على لسان وزيرة التعليم ليمور لفنات، بعدما أعلن عرفات استعداده لقبول عقد المؤتمر فوراً متمسكاً بأولوية الانسحاب الاسرائيلي. الناصرة، واشنطن - "الحياة" - كان عرفات يتحدث الى قناة "فوكس نيوز" الاميركية في وقت متقدم ليل الاحد، موضحاً انه سيقبل "أي مبادرة يعلنها الرئيس جورج بوش لتحقيق السلام" بين اسرائيل والفلسطينيين. ونسبت الاذاعة الاسرائيلية امس الى مسؤولين رفيعي المستوى في تل ابيب ان المؤتمر قد يعقد في اميركا، في غضون ستة أسابيع، فيما حذر وزير الخارجية الاسرائيلي السابق شلومو بن عامي من محاولات شارون تنصيب زعيم للفلسطينيين يكون شريكاً له في المفاو ضات. وقال: "شارون عيّن بشير الجميل رئيساً للبنان ووقع معه اتفاق سلام صمد ثلاثة ايام وأبقانا في ذلك البلد 18 سنة". ورأى وزراء حزب العمل الاسرائيلي واقطاب اليسار، باستثناء وزير الخارجية شمعون بيريز، ان شارون يوهم نفسه ويضلل مستمعيه بإمكان موافقة أي مسؤول فلسطيني أو زعيم عربي على المشاركة في مؤتمر سلام من دون عرفات. وقال وزير المواصلات الاسرائيلي افرايم سنيه ان العرب سيرفضون املاء اسرائيلياً حول هوية المشاركين في المؤتمر وممثلي الشعب الفلسطيني، فيما اعتبر زعيم حركة "ميرتس" يوسي سريد اقتراح شارون فارغ المضمون. وزاد ان رئيس الوزراء أطلقه بعدما فهم ان عليه طرح شيء ذي فحوى سياسي بعد انتهاء العملية العسكرية الحالية "فارتجل مثل هذا الاقتراح وهو يعي جيداً ان امكانات قبوله في الطرف الآخر معدومة". وتابع في تصريحات الى الاذاعة الاسرائيلية ان استثناء شارون الرئيس الفلسطيني من المشاركة "يبرر رغبة أطراف اخرى في المؤتمر في عدم مشاركة شارون لأنها لا تتوقع منه أي رجاء". وختم بأن انهاء النزاع لن يتأتى الا في "مؤتمر دولي حقيقي وليس مؤتمراً وهمياً"، محذراً من ان فشل وزير الخارجية الاميركي كولن باول في مهمته قد يشعل حريقاً هائلاً في المنطقة. واستبعد الوزير السابق شلومو بن عامي ان يلقى اقتراح شارون تجاوباً لأنه "خلا من تحديد جدول أعمال واضح"، وقال ان دول المنطقة لن تشارك في مؤتمر اذا لم تتضح أهدافه أو أصر شارون على استثناء عرفات. وزاد ان هذه الدول "ستشارك فقط في مؤتمر لبحث سبل انهاء الصراع، لا في مؤتمر يراد منه اطلاق عملية على غرار اوسلو، لا أحد يعرف كيف ستنتهي". وحذر بن عامي رئيس الحكومة من نتائج سعيه الى تنصيب زعيم للفلسطينيين يكون شريكاً معه في مفاوضات سلمية، وقال: "شارون عيّن بشير الجميل رئيساً للبنان ووقع معه اتفاق سلام صمد ثلاثة ايام وابقانا في لبنان 18 سنة". ورأى ان القمة العربية في بيروت طرحت تحدياً لاسرائيل بتبنيها المبادرة السعودية للسلام، وهي "مبادرة بالغة الدلالة لا تختلف كثيراً عن أفكار الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون التي اقرتها حكومة اسرائيل". واعتبر المراسل السياسي للاذاعة الاسرائيلية، ان شارون يؤمن بإمكان اخراج فكرته الى حيز الوجود، ويبني حساباته على فشل باول في مهمته "ما يعني ان الاميركيين سيشاطرونه الرأي ان الرئيس الفلسطيني أصبح ليس ذا صلة وقد يمنحونه الضوء الأخضر لطرده وعقد مؤتمر من دونه"! وزاد ان اسرائيل لم تبحث بعد مسألة مشاركة أوروبا وروسيا في المؤتمر، لكن وزيرة التعليم قالت للاذاعة ان المؤتمر سيكون برعاية اميركية وتغيب عنه أوروبا "لأن الحديث عن مؤتمر اقليمي وليس دولياً". ونقل عن شارون تحديده هوية الدول العربية التي سيوافق على مشاركتها وهي "الدول المحسوبة على ائتلاف السلام وليست المشمولة في ائتلاف الحرب مثل ايران والعراق وسورية". أما بيريز فسارع الى الترحيب باقتراح شارون، لافتاً الى ان مثل ذلك المؤتمر قد يشكل أفقاً سياسياً، وينبغي ان ينطوي على ابعاد اقتصادية "أي تقديم مساعدات مالية للفلسطينيين لمعاودة تأهيل المناطق الفلسطينية وترميمها". وتابع ان المؤتمر يجب ان ينعقد "من دون جدول أعمال واملاءات من أجل ايجاد الحلول الملائمة للأزمة الحالية". ورداً على سؤال عن قرار شارون استثناء الرئيس الفلسطيني من المشاركة، قال: "كل شعب يختار ممثليه". وأوضح بيريز في تصريحات الى شبكة "اي بي سي" الاميركية ان المؤتمر قد ينعقد في غضون "بضعة اسابيع، في حضور كثير من الدول، وتحت اشراف الولاياتالمتحدة".